الوقت- خلال كل السنوات الماضية وحتى الان ما زال الكيان الصهيوني يتمادى ضد أبناء الشعب الفلسطيني، حيث ما زالت قوات الاحتلال الإسرائيلي، تواصل عدوانها على الشعب الفلسطيني والمقدسات والممتلكات، إضافة إلى ذلك فإنّ الاقتحامات للمسجد الأقصى خلال الايام الماضية أثارت حفيظة المسلمين والشعوب الإسلامية، فاستمرار الاحتلال بعرقلة وصول المصلين بأمان وحرية، وتحويل المدينة التي يقع في المسجد الاقصى الى ثكنة عسكرية، ونشر قوات الاحتلال بالطرقات وعلى بوابات الأقصى "حيث التفتيش والتدقيق "كان له ردة فعل من قبل أبناء الامة الإسلامية بشكل عام، ومن قبل الشعب الفلسطيني بشكل خاص ، فمواصلة الاحتلال سياسته العدائية تجاه المقدسيين،وتجاه المدينة،وتشديد شرطة الاحتلال "الإسرائيلي" إجراءاتها وقيودها على المصلين الفلسطينيين، تزامنًا مع اقتحام عشرات المستوطنين المتطرفين للمسجد الاقصى تأتي في ظل السياسات العدائية والاطماع الصهيونية في فلسطين.
نتيجة لكل تلك الأفعال الصهيونية ضد المقدسات الإسلامية، كان هناك مواقف مشرفة لبعض الدول العربية والإسلامية تجاه ما يحصل في فلسطين، حيث إنه من المقرر أن تشهد الكثير من البلدان خلال الجمعة القادمة مظاهرات حاشدة ضد جرائم الكيان الصهيوني وتأييد لفلسطين، فالدول العربية والإسلامية التي لديها مواقف مشرفة تجاه القدس قد أثبتت ذلك على مدار كل السنوات الماضية من خلال الخروج بمظاهرات غاضبة ضد الكيان الصهيوني. من ناحية اخرى تكتفي بعض الدول والمنظمات بالتصريحات الاعلامية التي لم تقدم شيئاً للقدس ولأبناء فلسطين حيث إنه في ظل التطبيع الذي تقوم به بعض الدول العربية تستضيف في الوقت نفسه مؤتمراً لفلسطين وتكتفي بالتصريحات الإعلامية الصادرة فقط وهي في الوقت نفسه تطبع ليلاً ونهاراً مع الكيان الصهيوني وهنا تُطرح العديد من التساؤلات في ظل التطبيع المستمر ما الذي سوف تقدمه التصريحات الإعلامية لفلسطين ؟
تصريحات لـ"منظمة التعاون الإسلامي " خلال اجتماع عقد في جدة
خلال اجتماع عقد في جدة استنكرت منظمة التعاون الإسلامي، ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بهذا الشأن. من جهة أخرى أكدت المنظمة في بيان ختامي لاجتماعها الاستثنائي في جدة أن قضية فلسطين تمثل جوهر عملها، وجددت مطالبتها بإنهاء الاحتلال بشكل كامل وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها مدينة القدس. المنظمة ايضاً رفضت جميع المحاولات الرامية لتغيير الوضع التاريخي والقانوني للمدينة المقدسة، ودانت جميع المواقف والتصريحات التي تعزز هذا التوجه.
كما أكدت عدم قانونية كل ما يقوم به الاحتلال لتغيير وضعية مدينة القدس، ودعت الدول والمؤسسات إلى عدم التعامل مع هذه التغييرات.وحملت المنظمة حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عما يجري في الأراضي الفلسطينية، وطالبت المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته لإنهاء الاحتلال ومعاقبته على الانتهاكات التي ارتكبها بحق الفلسطينيين.وطالبت المنظمة أيضاً بإلزام حكومة الاحتلال بوقف ضم مدينة القدس، وقالت إن تحقيق السلام في الشرق الأوسط يبدأ بإنهاء احتلال فلسطين.
بعد التصريحات التي خرجت بها "منظمة التعاون الإسلامي " والتي استضافتها الرياض كانت هناك رود فعل للشارع الفلسطيني ولابناء الامة الاسلامية حيث طُرحت العديد من التساؤلات حول مدى جدوى ذلك الاجتماع الذي حصل في مدينة جدة ؟ ففي الوقت الذي تعمل فيه السعودية وغيرها من الدول الخليجية ليلاً ونهاراً للتطبيع مع الكيان الصهيوني استضيف موخراً مؤتمر ليخرج بتصريحات لا تقدم ولا تؤخر شيئاً للقدس والمسجد الأقصى، حيث إن بعض الدول الخليجية والتي طبعت مع الكيان الصهيوني، شاركت ايضاً في تشجيع الكيان الصهيوني على القيام بالمزيد من الانتهاكات ضد أبناء فلسطين. وهنا تجب الإشارة إلى أنه في الوقت الذي شهد اجتماع لـ"منظمة التعاون الإسلامي " في جدة كان زعماء بعض الدول الخليجية يتناولون العشاء مع قادة الكيان الصهيوني، وهنا تتضح الازدواجية حول القضية الفلسطينية. حيث إنه لا يمكن أن تكون مطبعاً مع الصهاينة وفي الوقت نفسه تعقد موتمرات وتخرج تصريحات لدعم فلسطين والمسجد الاقصى.
"منظمة التعاون الإسلامي " دعت للعمل المشترك.. ماذا عن العمل المشترك ضد التطبيع ؟
كان من الاجدر لـ"منظمة التعاون الإسلامي " وخلال اجتماعها أن تدعو للوقوف ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني وخاصة أن الدولة التي استضافت الاجتماع معروفة بالتطبيع وبمواقفها ضد أبناء الشعب الفلسطيني، حيث إن المئات من أبناء حركة المقاومة الإسلامية حماس يقبعون في السجون السعودية تحت تهم واهية ، لهذا يتساءل الكثير حول موقف "منظمة التعاون الإسلامي " فالمنظمة دعت جميع الدول والمؤسسات إلى العمل المشترك من أجل وقف تغيير الطابع التاريخي والقانوني لمدينة القدس المحتلة. ولم تدعُ تلك الدول إلى وقف التطبيع مع الكيان الصهيوني وإغلاق المجال امام الصهاينة في تلك البلدان التي أصبحت وجهة سياحية لهم ، حيث ذهب الكثير من المراقبون للتساؤل عما وصف بالاجتماع الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي، في مدينة جدة غربي السعودية، فكيف يكون استثنائياً في الوقت الذي لم يتضمن البيان الختامي للمنظمة بنداً واحداً حول التطبيع والمعتقلين الفلسطنيين في السجون السعودية؟ فكيف يمكن لدولة أن تعقد اجتماعاً استثنائياً على أرضها في الوقت الذي تعتقل المئات من المقاوميين في سجونها ؟
تمادٍ صهيوني قابله صمود فلسطيني
استمرت قوات الاحتلال الإسرئيلي في انتهاكاتها للمسجد الاقصى ونتيجة لتلك الانتهاكات المتواصلة اندلعت مواجهات عنيفة أسفرت أيضاً عن وقوع الإصابات والاعتقالات بين صفوف الفلسطينيين .المواجهات العنيفة جاءت بعد استعداد أبناء الشعب الفلسطيني للدفاع عن المسجد الأقصى حيث إن الدعوات الفلسطينية كانت سبباً بالاستمرار في الاحتشاد والاعتكاف داخل ساحات المسجد الأقصى المبارك، لإحباط مخططات الاحتلال والمستوطنين في تهويده، وذلك في أعقاب قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي، فرض قيود جديدة على المصلين الوافدين إلى القدس والأقصى، حيث إن الدعوات الفلسطينية للاحتشاد مهمه جداً في سبيل انهاء الاحتلال والاستيطان لأرض دولة فلسطين، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير، أسوة بشعوب المعمورة.
وما تجب الإشارة اليه أن اقتحامات جيش الاحتلال المتكررة والدموية للمدن والمخيمات والبلدات الفلسطينية، وما يرافقها من عمليات قمع وتنكيل وترهيب للمواطنين الفلسطينيين تعكس عمق الانقلاب الإسرائيلي الرسمي على الاتفاقيات الموقعة، وإصراراً متواصلاً ومفضوحاً على التصعيد وجر ساحة الصراع إلى دوامة من العنف. من جهةٍ اخرى لا يخفى على أحد أن هيستيريا الاقتحامات والاعتقالات التي يشنها الاحتلال بحق أبناء شعبنا الفلسطيني في المسجد الأقصى وتدنيسه، وفي مدن وقرى الضفة الغربية يدلل على حالة الإرباك والتخبط والهلع والخوف التي يعيشها الكيان الصهيوني حيث إن تصاعد عمليات المواجهة والمقاومة مع الاحتلال والوحدة والصمود التي تجسدت بين أبناء الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة التي أبدعت في الميدان ووقفت سداً منيعاً بوجه الاحتلال لحماية المسجد الأقصى والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
في الختام أصبح واضحاً وجلياً أن أبناء فلسطيني مازالوا ثابتين في الدفاع عن أرضهم رغم حالة التطبيع والخذلان من قبل بعض الدول الخليجية التي تعمل في كل المسارات من اجل تقوية الكيان الصهيوني وإعطائه مشروعية وأحقية في أرض فلسطين، حيث إن التطبيع الذي تقوم به بعض الدول الخليجية مع الكيان الصهيوني قد ساعد الكيان الصهيوني على ارتكاب الجرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني. وفي الوقت الذي تحاول بعض الدول الخليجية والمنظمات ذرَّ الرَّمادَ في العيون من خلال اجتماعات وتصريحات جوفاء لا تقدم شيئاً، ففي نفس الوقت الذي تصدر التصريحات ترى الموقف الرسمي لتلك الدول مؤيداً للكيان الصهيوني والتطبيع مستمر، وكما يقال فاقد الشي لا يعطيه. حيث يؤكد أبناء فلسطين ويطالب أبناء حركات المقاومة في فلسطين بإطلاق معتقليهم الذين يقبعون في سجون بعض الدول الخليجية، فكيف يمكن أن يعقد اجتماع في جدة ضد الكيان الصهوني وفي نفس الوقت معروف للعالم العربي والاسلامي أنه في السعودية يوجد المئات من أبناء فلسطين رهن الاعتقال؟ .من جهةٍ أخرى فإن السبيل الوحيد لتحرير فلسطين من الكيان الصهيوني هو الإرادة الحرة والصمود وليس مجرد التصريحات الجوفاء التي تطلق بين الحين والاخر لأغراض سياسية خالية من المصداقية.