الوقت- عاشت 28 مدينة مغربية مساء السبت الماضي على وقع احتجاجات شعبية عارمة تلبية لدعوة الجبهة الاجتماعية المغربية، للتنديد بارتفاع تكاليف المعيشة و بالقمع المنهجي لمختلف الفئات الاجتماعية والأصوات الحرة بالمملكة، وسط مؤشرات تنبئ “بانفجار اجتماعي غير مسبوق”.
نظمت الجبهة الاجتماعية وهي تنسيقية تضم نقابات وجمعيات مدنية، وقفة احتجاجية، مساء السبت، أمام مقر البرلمان بالعاصمة الرباط، تستنكر فيها غلاء المعيشة، وارتفاع أثمنة المواد الاستهلاكية الأساسية.
فأمام الارتفاع المطرد في اسعار المواد الغذائية وفي ظل ازمة المحروقات بالبلاد و التهاب ثمنها، خرج المحتجون امس في وقفات متفرقة بمدن مغربية مختلفة استمرت لساعات متقدمة من الليل بعد صلاة التراويح، رددوا خلالها شعارات منددة بغلاء المعيشة، من قبيل “شعلوا فينا العافية (النار)” و “جيب الشعب راه خوا. باراكات من الكوى”. كما رفعوا شعارات تتهم المسؤولين في المملكة بالفساد، واصفين اياهم ب”المافيا”.
وتزامنت الوقفة الاحتجاجية بالرباط، مع وقفات ممثلة في 28 مدينة مغربية، كالدار البيضاء ومراكش، واعتبر قيادي في الجبهة، أن الوقفات هي استمرار لوقفات احتجاجية مماثلة، نظمتها الجبهة في وقت سابق، هدفها الاحتجاج على غلاء المعيشة، وارتفاع أثمنة المواد الاستهلاكية الأساسية، من (المحروقات، والدقيق والزيت والسكر والخضر والفواكه).
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات للمسيرات التي عمت مدن المملكة، منها مسيرة نفذها المحتجون الذين تجمعوا أمام مبنى البرلمان بالعاصمة الرباط، حيث رددوا هتافات تساءلوا عبرها عن مصير أموال الشعب : “فلوس الشعب فين مشات.. فالبهرجة والحفلات” و”هذا مغرب الله كريم.. لا صحة لا تعليم”.
كما رفع المحتجون لافتات كتب عليها عبارات مثل “يكفي من التهميش والفقر والاحتقار”، و”الكرامة والحرية، لا مخزن لا رعية”، و”الشعب يريد نظاما ديمقراطيا”.
واستنادا لما اعلنت عنه الجبهة الاجتماعية المغربية المشكلة مما يزيد على 30 هيأة نقابية وجمعوية وحقوقية وشبابية ونسائية في بيانها الداعي لمظاهرات امس، فإن هذه الاخيرة ستتواصل وستشمل جميع المدن، الى جانب اعتزامها تنظيم مسيرة وطنية في الدار البيضاء سيتم الإعلان عن تاريخها قريبا، وقد حشدت لها الجبهة كل فروعها بمختلف جهات المغرب.
طفح الكيل
ويتعالى الغضب في الشارع المغربي بعد ان “طفح الكيل” كما يعبر عن ذلك المواطنون، جراء الغلاء الفاحش الذي ألهب جيوبهم وأثر بشكل كبير على مقدراتهم الشرائية.
وفي السياق، أكدت الجبهة الاجتماعية المغربية على ان هذه الأشكال الاحتجاجية تأتي ردا على “الهجمة المسعورة على قوات الجماهير الشعبية ورفض الدولة طلب تسقيف الأسعار لحماية جيوب المواطنين”.
وسجلت ان الوضع الوطني والمحلي يتسم أساسا “بالغلاء الفاحش لأسعار المواد الأساسية والمحروقات وانخفاض المخزون الوطني وهو ما بات يهدد الأمنين الغذائي والطاقي بالمغرب وبات ينبئ بانفجار اجتماعي غير مسبوق”.
وفي تصريحات ادلى بها خلال مشاركته في الوقفة الاحتجاجية التي نظمت بمدينة سلا، أكد الطيب مضماض، منسق الجبهة الاجتماعية المغربية بالمدينة ان المحطات النضالية الجارية ضد الغلاء والزيادات في الاسعار ستتواصل حتى إسقاط الغلاء الذي “يعد نتيجة طبيعية لسياسات الدولة المغربية وحكومة الباترونا”، منبها الى ان الزيادة في الاسعار التي فرضت على الشعب المغربي، تخدم مصالح المسؤولين في الحكومة وخاصة فيما تعلق ببيع المحروقات والزيوت والاسماك.
وأكد ان الاحتجاج سيتواصل حتى اسقاط الفساد والاستبداد والغلاء.
كما نقلت مصادر اعلامية عن فريد الماحي، الناشط في الجبهة في كلمة باسم المشاركين في الوقفة الاحتجاجية بمدينة وجدة، ان الاحتجاجات هي أيضا “ضد التهميش والفقر الذي تعيشه مدينة وجدة في ظل انتشار رقعة البطالة و اتساع حزام الفقر وسط غياب بديل اقتصادي للمدينة، ساهمت فيه ارتجالية و إخفاقات من تعاقبوا على تسيير الشأن المحلي و الإقليمي في ظل غياب برامج وحلول تستجيب لحاجيات السكان ولوضعيتهم المأزومة”.
وأشار في نفس الوقت إلى أن الجبهة الاجتماعية بوجدة تدين وتشجب تصريحات وزير العدل الرامية إلى “التستر على ناهبي المال العام و مرتكبي الجرائم الاقتصادية وحمايتهم، ضاربا عرض الحائط دستور 2011 والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان الذي وقع عليها المغرب”.
كما طالبت الجبهة على لسان الماحي، بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين بالمغرب.
يذكر أن الجبهة الاجتماعية المغربية، وهي كتلة حقوقية، تتكون مما يزيد على 30 هيئة نقابية وجمعوية وحقوقية وشبابية ونسائية أغلبها تيارات يسارية راديكالية، وكانت عبرت في بيانها الذي دعت فيه للتظاهر بمدن البلاد، عن “استنكارها للغلاء الفاحش الذي ألهب جيوب المواطنين، وأثر على القدرة الشرائية، وخاصة مع ارتفاع أسعار المحروقات”.
نقابة تعليمية تدعو إلى الاحتجاج
بدورها قررت نقابة “الجامعة الوطنية للتعليم” في المغرب أن تخلد عيد العمال في الأول من أيار/ مايو المقبل، بالاحتجاج والمطالبة بالزيادة في أجور الشغيلة التعليمية وحتى تخفيف العبء الضريبي عنها، ولم تنس تطبيق السلم المتحرك للأجور.
النقابة المذكورة في بيان لها تلقت “القدس العربي” نسخة منه، تؤكد على ضرورة “معالجة الملفات العالقة والقطع مع التوظيف بالعقدة بإدماج كل المفروض عليهم التعاقد في الوظيفة العمومية ووقف المتابعات القضائية، وسنّ نظام أساسي لموظفي وزارة التربية في إطار الوظيفة العمومية”.
وفي افتتاحية بيانها، كشفت النقابة عن هوية هجومها على الحكومة التي وصفتها بـ “حكومة الباطرونا” (أرباب الشركات)، مؤكدة أن الطبقة العاملة المغربية ومعها الشغيلة التعليمية وعموم الأجراء، تخلد أول أيار/ مايو في ظل تصاعد الهجوم “على القوت اليومي للجماهير الشعبية من خلال فرض زيادات صاروخية في أسعار كل المواد الغذائية وتكريس اختياراتها اللا شعبية بالانصياع لتعليمات الصناديق المالية الاستعمارية وترسيخ توجهها النيوليبرالي المتوحش وتنزيل نموذجها التنموي الذي يجهز على ما تبقى من خدمات العمومية بتفويتها للقطاع الخاص وتعميق التبعية والريع والاحتكار والمديونية والإقصاء الاجتماعي”.
ولم تنفك النقابة تؤكد أن “حكومة الباطرونا” كما وصفتها، تمعن “في محاولات تمرير مشاريعها التراجعية”، مستدلة على ذلك بالعناصر التالية: تفكيك الوظيفة العمومية، تعميم التعاقد، خصخصة القطاعات الاجتماعية، تصفية ما تبقى من أنظمة التقاعد، المشروع التكبيلي لقانون الإضراب، المشروع التنظيمي للنقابات للتحكم الكلي فيها ولتكبيلها، وتعديل مدونة الشغل من أجل المزيد من مرونة الشغل، والاستغلال الفاحش”.
وطالبت “بتحسين الوضعية المادية بالزيادة في أجور ومعاشات الشغيلة المغربية، ومنها التعليمية، بما يتلاءم مع غلاء المعيشة، وتخفيف العبء الضريبي عنها بالتقليص من الضريبة على الدخل والرفع من الحد الأدنى المعفى، والرفغ من قيمة النقطة الاستدلالية، وتطبيق السلم المتحرك للأجور”.
تقارير مغربية تظهر تردي الأوضاع المعيشية
أظهر استطلاع مغربي رسمي أنّ 43 بالمئة من أسر المملكة صرحت بتدهور مستوى معيشتها في 2019.
فيما قال 34 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع إن وضعها ظل مستقرا دون تغيير، وأشار 23 بالمئة إلى وجود تحسن.
جاء ذلك في تقرير ربعي صدر عن المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب (الهيئة الرسمية المكلفة بالإحصاء)؛ قالت فيه إن ثلث الأسر في المغرب تستدين من أجل الاستجابة لنفقاتها الجارية خلال الربع الأخير (أكتوبر ونوفمبر وديسمبر) 2019.
وأورد التقرير أن 65.6 بالمئة من الأسر المستطلعة آراؤهم تعتبر أن دخلها يغطي إنفاقها، في حين صرح 30.4 بالمئة منهم بلجوؤن إلى الاستدانة من أجل الاستجابة للإنفاق.
بينما تعتبر 55.5 بالمئة من الأسر المغربية في الربع الرابع 2019، أن الوقت غير مناسب لاقتناء السلع، في حين أن 26.3 بالمئة منهم يرون العكس.
وحسب التقرير، فإن 79.5 بالمئة من الأسر تتوقع ارتفاعا في عدد العاطلين عن العمل، خلال 12 شهرا المقبلة مقابل 7.9 بالمئة التي تتوقع عكس ذلك.
وحتى الربع الثالث 2019، صعد معدل البطالة في البلاد إلى 9.4 بالمئة، مقارنة مع 9.3 بالمئة خلال الفترة نفسه من العام الماضي.
كل هذه الأرقام والمعطيات تشير إلى أن الكيان الاسرائيلي لم يدخل بعلاقة تطبيع مع المغرب كي ينقذ المغرب اقتصادياً ولا حتى لمصلحة متبادلة وإنما يريد أن يخلق لمنتجاته أسواقاً عربية وأصبحت الدول المطبعة دول مستعمرة اقتصادياً وعبارة عن سوق لتصريف منتجات الاحتلال أما الشعب والحالة الاجتماعية وفرص العمل وكل الشعارات الرنانة تبقى حبراً على ورق والواقع والمظاهرات خير دليل على ما نقول.