الوقت - تحت شعار دعم اللاجئين الأفغان في إيران، وبذريعة مضايقة اللاجئين الأفغان في إيران، وهي ذريعة کاذبة، هاجم البعض القنصلية الإيرانية في هرات في عمل مخطط له مسبقًا، وإضافة إلى حرق الإطارات أمام القنصلية، قاموا بتحطيم الكاميرات الأمنية.
وأفاد شهود عيان بأن المهاجمين أعدوا عربات مليئة بالحجارة لمهاجمة القنصلية وإلحاق الضرر بالمبنى وسكانها، ما يدل على التنسيق السابق لهؤلاء الأشخاص وارتباطهم التنظيمي بالتحضير لمثل هذا الهجوم.
ويقال إن الهجوم تم تنظيمه من قبل مجموعتين مواليتين للغرب، هما "حركة العدل والحرية" و"فريق النساء الباحثات عن العدالة".
تحذير إيران من مؤامرة أجنبية كبيرة
يأتي الهجوم على البعثات الدبلوماسية الإيرانية في أفغانستان وهرات في وقت تنتشر فيه موجة كراهية واسعة النطاق في أفغانستان وإيران، على وسائل التواصل الاجتماعي على مدار الأيام العشرة الماضية لإثارة الرأي العام، من خلال نشر مقاطع وهمية وأحياناً قديمة عن اضطهاد طالبي اللجوء.
وحسب بعض المصادر المطلعة التي تحدثت لـ "الوقت"، فإن هدف مصممي هذا السيناريو، وهم الطيف الموالي للغرب والهارب من أفغانستان ومجموعة "مجاهدي خلق" الإرهابية، هو إثارة الكراهية والانقسام في العلاقات بين الشعبين الإيراني والأفغاني، لتتسبب هذه القضية في حدوث أزمات اجتماعية في إيران، بالنظر إلی وجود ملايين اللاجئين الأفغان في إيران.
وحسب هذه المصادر، فإن "مريم سما"، عضوة لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأفغاني سابقاً ومقربة من الولايات المتحدة، وهي أحد المصممين الرئيسيين للسيناريو الغربي المتمثل في تأزيم العلاقات الإيرانية الأفغانية، موجودة حالياً في ألبانيا المقر الرئيسي لمجموعة "مجاهدي خلق" الإرهابية، وقد اعتقلتها الشرطة الألبانية مؤخرًا ومعها کمية كبيرة من الدولارات المزورة. مريم سما كانت لها مواقف معادية لإيران، وعملت علی خلق انقسامات عرقية بين الإيرانيين والأفغان.
وفي هذا الصدد، أشار سعيد خطيب زادة، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إلى العلاقات التاريخية العميقة والمتعددة المستويات بين البلدين الشقيقين إيران وأفغانستان، وعقود من الضيافة المحترمة لشعب أفغانستان من قبل إيران حكومةً وشعباً، وحذَّر من مخططات المتآمرين لضرب العلاقات بين إيران وأفغانستان.
وأكد خطيب زادة أنه للأسف يتم نشر بعض المقاطع والتصريحات بهدف الخوف من إيران أو أفغانستان، والتي تستهدف مشاعر شعبي البلدين، وهو ما يتطلب مزيداً من اليقظة من الشعب والمسؤولين في البلدين.
بدوره قال سفير إيران في كابول، بهادر أمينيان، لموقع "طلوع نيوز"، إن هناك مؤامرةً وراء الهجوم على القنصلية الإيرانية، وأضاف: "لدينا مجموعة تسمى منظمة مجاهدي خلق الإيرانية التي عينت الآلاف لنشر مقاطع فيديو فقط .. إنهم ينشطون في أفغانستان وإيران وفي كل مكان".
وأکد أمينيان لـ "طلوع نيوز" إن مقاطع الفيديو هذه - التي تظهر اضطهاد اللاجئين الأفغان - صُنعت من قبل بعض الدوائر التي تسعى إلى إضعاف العلاقات بين كابول وطهران.
وتابع: "إنهم من الحكومة السابقة، لكنهم يتعاونون أيضاً مع الحكومة المؤقتة". وقال أيضاً إن السفارة الأفغانية في طهران تعمل مع الحكومة الأفغانية المؤقتة.
ودعا السفير الإيراني في كابول إلى عملية مصالحة وطنية لخلق مناخ جيد في البلاد، وبالتالي وقف الموجة الضخمة من هجرة الأفغان إلی خارج البلاد. کما أعلن عن استعداد طهران لمساعدة أفغانستان على الاكتفاء الذاتي الاقتصادي.
من جهة أخرى، التقى حامد كرزاي بالسفير الإيراني في مكتبه، وبحث معه العلاقات الثنائية والاضطرابات الأخيرة. وقال البيان الصادر عن مكتب كرزاي، إن الجانبين أكدا على العلاقات الطيبة والاحترام المتبادل.
استدعاء القائم بأعمال سفارة أفغانستان إلى وزارة الخارجية الإيرانية
في أعقاب الهجوم على السفارة الإيرانية في كابول والقنصلية العامة في هرات، استدعى "السيد رسول موسوي" مدير عام جنوب آسيا بوزارة الخارجية الإيرانية(الثلاثاء) 23 أبريل، القائم بأعمال سفارة أفغانستان إلی وزارة الخارجية، وبعد تقديم الاحتجاج الشديد له، أُعلن أن الأقسام القنصلية للبعثات الإيرانية في أفغانستان أوقفت أنشطتها حتى إشعار آخر.
جدير بالذكر أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، قد ذكّر من قبل بمسؤولية الهيئة الحاكمة لأفغانستان في الحفاظ على أمن المنشآت الدبلوماسية وحمايتها، مشدداً على ضرورة "تأمين الأمن الكامل لسفارة وبعثات الجمهورية الإسلامية الإيرانية في هرات والمدن الأفغانية الأخرى، وتوفير الضمانات اللازمة للنشاط الآمن لهذه البعثات".
جهود الولايات المتحدة للتعويض عن هزيمتها في أفغانستان
بالنظر إلی مجموعة من التطورات، يمكن رؤية الدور الخفي للولايات المتحدة في تنفيذ المؤامرات للتأثير على مستقبل أفغانستان، بما في ذلك انهيار العلاقات بين هذا البلد وجيرانه.
أولاً، تجدر الإشارة إلى أن الهجوم على القنصلية الإيرانية في هرات يأتي بعد أيام قليلة فقط من اجتماع جيران أفغانستان في الصين دون وجود الغربيين.
وتعهد جيران أفغانستان، بما في ذلك جمهورية إيران الإسلامية، في الاجتماع، بضرورة إرسال مساعدات إنسانية وإعادة أموال الشعب الأفغاني المحظورة من قبل واشنطن لتحسين الوضع الإنساني في البلاد وتقليل تدفق اللاجئين، وكذلك المساعدة في العملية السياسية.
هذا في حين أن أحد الأهداف الرئيسية للولايات المتحدة في محاولة الحفاظ على عدم الاستقرار في أفغانستان، هو تحدي مصالح خصومها مثل الصين وإيران وروسيا.
ثانيًا، يعدّ الدور الأمريكي في الإطاحة بحكومة عمران خان في باركستان(نظرًا للدور الخاص لإسلام أباد في التطورات في أفغانستان)، جزءًا آخر من لغز سيناريو البيت الأبيض. إذ أقامت حكومة عمران خان علاقات وثيقة مع الصين وعلاقات حميمة مع إيران، ما أدى إلى توتر العلاقات الغربية مع عمران خان.
ونظرًا لموقع أفغانستان الاستراتيجي كبوابة لآسيا الوسطى وجهود الصين للعب دورها في مستقبل هذا البلد، فإن وجود شخصية معارضة للغرب في باكستان يشكل تهديدًا لمصالح الولايات المتحدة.
ثالثًا، ماذا يعني فرض عقوبات اقتصادية على دولة أفغانستان الفقيرة وتجميد أصول هذا البلد المنكوب بالأزمات الاقتصادية، سوی محاولة زعزعة استقرار أفغانستان والمساعدة في انتشار موجة اللاجئين، وذلك في وقت سيكون فيه جيران أفغانستان، وخاصةً إيران، الأطراف الأولى المعنية بهذا الأمر. قضيةٌ يمكن أن تصبح أرضاً خصبةً للصراعات العرقية والطائفية في المنطقة، وخاصةً إذا ما ترافقت مع الإجراءات الإعلامية.