الوقت- أفادت العديد من التقارير الاخبارية بأن ردود الفعل المتعلقة بطائرة "حزب الله" المسيرة "حسان" التي تمكنت قبل عدة ايام من التحليق في سماء فلسطين المحتلة مستمرة وسط وسائل الإعلام الصهيونية والخبراء والمحللين السياسيين لهذا الكيان الغاصب، ولفتت تلك التقارير إلى أن خبراء الكيان يدرسون هذه الحادثة وتداعياتها على إسرائيل من أبعاد مختلفة.
وحول هذا السياق، قال "روي قيس"، الصحفي بقناة "كان" الناطقة باللغة العبرية، إن "طائرة حزب الله المسيرة، تم تسميتها باسم حسان اللقيس، التي اغتالته إسرائيل عام 2013، والذي كان العقل المدبر وراء مشاريع حزب الله في مجال الطائرات دون طيار".
ومن جانبه، قال "هيليل بيثون" الخبير السياسي في القناة 14 التابعة للتلفزيون الإسرائيلي، "علينا أن نقول الحقيقة بعد ساعتين من انطلاق صفارات الإنذار، ما زال الجيش الإسرائيلي لا يعرف ما إذا كان قادراً على إسقاط الطائرة دون طيار أم لا، لقد أرسلت العديد من الطائرات لإسقاطها واستخدمت حتى طائرات الهيلكوبتر ونظام القبة الحديدية. سؤالنا هو، ماذا كان سيحدث لو أطلقت علينا عشرات من هذه الطائرات دون طيار بدلاً من طائرة واحدة؟ كنا بالتأكيد سنواجه سيناريو مؤلمًا في ذلك الوقت".
وكتب المحلل الصهيوني "ايفير ليفي" في مقال بصحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية، "ما يُعقّد اختراق الطائرة دون طيار هو دخولها المجال الجوي الإسرائيلي (فلسطين المحتلة) عبر لبنان، لذلك اذا ارادت اسرائيل الرد فعليها القيام بعملية في مناطق حزب الله وهذا غير ممكن.
في الواقع، فإن الإجابات المحتملة على هذه الطائرة دون طيار كانت ستكون أبسط بكثير لو أنها أتت من سوريا، كما بث الصحفي الإسرائيلي "روي شارون" مقاطع لعدة غارات بطائرات مسيرة فوق فلسطين المحتلة الأسبوع الماضي عبر قناة 14 التلفزيونية، بما في ذلك إطلاق طائرة مسيرة من قطاع غزة باتجاه الأراضي المحتلة، إضافة إلى طائرة مسيرة تابعة لحزب الله حلقت فوق فلسطين المحتلة يوم الجمعة الماضي ووصفها بأنها حوادث خطيرة.
وقال المحلل في القناة الصهيونية 14، "هيليل بيثون"، إن "المسؤولين السياسيين الإسرائيليين يمرون الآن بمرحلة صعبة للرد على تسلل حزب الله بطائرات دون طيار، أو لاحتواء أو منع تكرار مثل هذه الأحداث أو الرد عليها. في الأيام الستة الماضية، أطلقت ست طائرات مسيرة على الأقل باتجاه إسرائيل من جبهات مختلفة (الأراضي المحتلة)، وتواجه أجهزة الأمن الإسرائيلية الآن هذا الواقع، وهذا الحادث الخطير يجب أن يجبر السلطات الإسرائيلية على محاولة إيجاد حل".
ويعتقد الصهاينة أن "حزب الله" يحاول تحقيق عدة أهداف من خلال التسلل إلى فلسطين المحتلة، أهمها: محاولة تغيير قواعد الاشتباك حتى لا تجرؤ الطائرات الحربية والطائرات الإسرائيلية دون طيار على دخول الأجواء اللبنانية، وفي الحقيقة رسم معادلة جديدة في السماء تعتبر هي نفسها معادلة الصراع الآن على الأرض.
وحسب خبراء ومسؤولين صهاينة، فإن "حزب الله" يحاول اختبار قدرة طائراته دون طيار على تجاوز أنظمة الدفاع الجوي والإنذار الإسرائيلية، ولم يكن الغرض من دخول الطائرة المسيرة إلى فلسطين المحتلة مجرد جمع المعلومات.
كما يأتي تحرك "حزب الله" عشية استئناف المحادثات حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل كتحذير لتل أبيب يؤكد أن للمقاومة اليد العليا وأن أي اتفاق على ترسيم الحدود البحرية، يجب أن يؤمن مصالح لبنان وحقوقه كاملة.
ويبدو أن الكيان الصهيوني يشعر بالقلق من الإطلاق المتزامن للطائرات دون طيار من عدة جبهات إلى فلسطين المحتلة. كما يخشى الصهاينة أن تكون هذه الحوادث مرتبطة بالأحداث التي وقعت في القدس المحتلة وحي الشيخ جراح، وهذه العملية قد أرسلت إلى إسرائيل عدد من رسائل، مضمونها بأن مجموعات المقاومة الإقليمية المختلفة لن تظل مكتوفة الايدي إزاء الجرائم الصهيونية في حق أبناء الشعب الفلسطيني.
لكن بشكل عام، يظهر رد الفعل الأولي للكيان الصهيوني على تسلل طائرات حزب الله بدون طيار إلى سماء فلسطين المحتلة أن نجاح المقاومة اللبنانية في هذه العملية وعدم قدرة الصهاينة على اعتراض طائرة "حسان" دون طيار قد خلق موجة من اليأس والارتباك بين المسؤولين الصهاينة والمستوطنين، حيث عانى رئيس أركان الجيش الصهيوني "أفيف كوخوي" ووزير الحرب الإسرائيلي "بني غانتس" وخلفهم الجيش من الإحباط والشعور بالهزيمة المشينة، الأمر الذي زاد من عدم ثقة المستوطنين الصهاينة بشكل عام بالجيش الإسرائيلي والجبهات الأخرى الداخلية. ولقد قال "حزب الله" في بيان يوم الجمعة الماضي إن "طائرة مسيرة تحمل اسم حسان، حلقت لمدة 40 دقيقة على عمق 70 كيلومترا شمالي فلسطين المحتلة وعادت بنجاح إلى لبنان بعد استكمال مهمتها". ولقد انتقدت وسائل إعلام وخبراء صهيونيون بشدة الجيش الإسرائيلي وسلاحه الجوي، قائلين إن "من فشل في اعتراض طائرة دون طيار سيتعامل مع 3000 صاروخ يوميا في الحرب المقبلة".
لقد اهتزت إسرائيل كلها وعلى أصوات اطلاق صواريخ القبة الحديدة، لجأ المستوطنون الى الملاجئ في كامل الجليل وصولا الى حيفا بعد اطلاق صفارات الإنذار في المستعمرات حيث سمع الصوت في حيفا وكل قرى الجليل. العملية من الناحية التقنية تمتاز بأن إسرائيل التي تعتبر نفسها من أقوى القوات الجوية في العالم لم تستطع راداراتها ملاحقة "حسان" والتي هي من دون سلاح لكنها مسيرة تجسسية تقوم بتصوير كل المواقع التي تطير فوقها بشعاع 20 كلم على الأقل.
كما أن الطائرات الإسرائيلية وخاصة ف 35 وهي من الجيل الخامس والتي تسلمت إسرائيل 60 طائرة منها من الولايات المتحدة وهي أحدث طائرة في العالم لم تستطع تحديد مسار المسيرة لإسقاطها وفشلت في مهمتها. وهكذا تفوقت المقاومة في هذه العملية، وحطمت الأسطورة على أن أجواء إسرائيل لا يمكن اختراقها.
كل وسائل الاعلام الإسرائيلية ركزت أخبارها على "حسان" وكيف خرقت أجواء فلسطين المحتلة وعادت الى قواعدها سالمة ويمكن اعتبار مدة الأربعين دقيقة هي الاختراق النوعي المميز الذي نفذته المقاومة وحطمت اسطورة القبة الحديدة وجهوزية الطائرات الاسرائيلية ومنظومة الرادارات الإسرائيلية المتطورة جداً.