الوقت- خطاب السيد حسن نصرالله الأربعاء الماضي، في ذكرى استشهاد قادة المقاومة ، كان موجهاً للعدو الصهيوني وكالعادة تضمن المواقف السياسية للأمين العام لحزب الله ورسائل الحرب المتعلقة بمعادلة ردع المقاومة.
لقد أظهر الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله تطوراً مهماً للغاية في مجال ردع المقاومة، حيث أعلن أن المقاومة بدأت ببناء طائرات بدون طيار داخل لبنان منذ سنوات وهي تعمل على تحويل الصواريخ الموجودة بالآلاف إلى صواريخ دقيقة التوجيه.
كما ربط السيد نصر الله تطور المقاومة اللبنانية بالصواريخ الدقيقة والطائرات بدون طيار بالواقع الحرج لكيان الاحتلال والسائر نحو الانهيار. بعد وقت قصير من خطاب السيد حسن نصرالله، ظهرت النتيجة العملية للتحول الذي أعلنه، حيث أعلن حزب الله نجاح إرسال طائرته دون طيار فوق منطقة الجليل شمال الأراضي المحتلة، وحلقت الطائرة المسيرة لمدة 40 دقيقة على عمق 70 كيلومترا في فلسطين المحتلة، وعادت إلى لبنان بسلام بعد فشل كيان الاحتلال الصهيوني في اعتراضها واعترف الصهاينة بهزيمتهم أيضا.
ماذا تعني المناورة الصهيونية الزائفة بعد تسلل طائرات حزب الله المسيرة لفلسطين المحتلة؟
كان الرد الصهيوني على العملية الناجحة لطائرات حزب الله بدون طيار في سماء فلسطين المحتلة مهمًا أيضًا، حيث بعد فشله بإسقاط طائرة حزب الله بدون طيار، أجرى مناورة وهمية على ارتفاع منخفض في سماء لبنان بطائرتين حربيتين. لكن ماذا تعني هذه المناورة الزائفة؟ الحقيقة أن خلفية هذه الأحداث تساعد في الإجابة على هذا السؤال.
وقعت العديد من الحوادث الأمنية في الماضي، وقد أبلغ الكيان الصهيوني مرارًا وتكرارًا عن اشتباكات مع طائرات المقاومة بدون طيار. كما وقعت أحداث غامضة على حدود فلسطين المحتلة لم يتم الكشف عن تفاصيلها. في هذه المرحلة تكررت عدة مرات حوادث مثل سقوط طائرات مسيرة على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة. مثل إسقاط طائرة إسرائيلية بدون طيار بالقرب من مدينة بليدا جنوب لبنان في وقت سابق من هذا الشهر، وإسقاط طائرة صهيونية أخرى بدون طيار في جنوب لبنان في يوليو الماضي، وإسقاط طائرة إسرائيلية بدون طيار أخرى في مرتفعات الجولان المحتلة في سبتمبر 2021، وإسقاط طائرة أخرى بدون طيار صهيونية في جنوب لبنان في نفس الشهر. من ناحية أخرى، أبلغ الكيان الصهيوني المحتل مرارًا وتكرارًا عن تحليق طائرات المقاومة المسيرة على حدود فلسطين المحتلة أو فوق هذه المنطقة.
يوضح هذا أنه في المرحلة الجديدة من الصراع، أصبحت الطائرات بدون طيار أكثر أهمية مما كانت عليه في الماضي. لكن طائرة "حسان" طارت لفترة طويلة نسبيًا، 40 دقيقة، على عمق 70 كيلومترًا في فلسطين المحتلة، بعد أن أعلن السيد حسن نصر الله أن القدرة على بناء طائرات بدون طيار قد بدأت منذ سنوات. كما ألمح، مع ذلك، إلى أنه من الممكن بيع الطائرات دون طيار، مما كان له تأثير كبير على زيادة الثقة في المقاومة وقدراتها. الحقيقة أن المعادلة الجديدة التي أعلنتها المقاومة اليوم هي أن تفوق إسرائيل في مجال الطائرات المسيرة قد انتهى ولا ينفع الصهاينة. وهنا يمكننا تقييم قدرة المقاومة على التحكم واستخدام المعلومات، ويشار إلى أن المقاومة لم تكشف عن حدود خبرتها في مجال الطائرات بدون طيار، وهذا يجعل العدو غير قادر على الحصول على المعلومات كافية عن كفاءة وخبرة المقاومة في مجال الطائرات دون طيار؛ لكنها في نفس الوقت تتأثر بقدرة المقاومة هذه.
نقطة أخرى خطيرة بالنسبة للصهاينة هي أنه إضافة إلى الطائرات دون طيار، تحدث الأمين العام لحزب الله عن القدرة الصاروخية للمقاومة وقوتها في تحديث هذه الصواريخ وتحويلها إلى آلاف الصواريخ دقيقة التوجيه، الأمر الذي يجعل الإسرائيليين أكثر رعبا.
وتشير المؤشرات إلى أن المناورة الصهيونية الزائفة فوق سماء لبنان بعد المهمة الناجحة لطائرة حسان بدون طيار في فلسطين المحتلة كانت تهدف ببساطة إلى رفع معنويات المستوطنين الصهاينة، خاصة بعد الهزيمة التي لحقت بالجيش الإسرائيلي وسلاحه الجوي في اعتراض هذه الطائرة المسيرة. من ناحية أخرى، من المتوقع أن تواصل المقاومة استراتيجيتها في الكشف التدريجي عن معلومات حول قدرات الطائرات بدون طيار والصواريخ الدقيقة، وهو السبب الرئيسي للارتباك الصهيوني.
كما وصف السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير المأزق الاستراتيجي للكيان الصهيوني وتحدث عن أن الوجود الإسرائيلي التي على وشك الانقراض.
المساومة التي يبذلها المتنازلون لحماية إسرائيل
كان إعلان الأمين العام لحزب الله عن القدرة على تحويل آلاف الصواريخ إلى صواريخ دقيقة التوجيه بمثابة صاعقة أرعبت العدو الصهيوني، ورأى العدو رسالته العملية بطائرة مسيرة حلقت فوق فلسطين المحتلة يوم الجمعة. بالتوازي مع خطابه حول قوة الطائرات دون طيار، استعرض السيد حسن نصر الله مقاومة جرائم الكيان الصهيوني خلال احتلال جنوب لبنان وأكد أن المقاومة هي التي حافظت على سيادة لبنان بالتعاون مع حكام لبنان الحقيقيين.
ودحض السيد حسن نصر الله، في خطابه الشامل مساء الأربعاء، معتقدات بعض الأنظمة العربية المفسدة، التي تعتقد أن مستقبل المنطقة سيكون في مصلحة إسرائيل، وبالتالي تتجه إلى التطبيع مع هذا الكيان المحتل. وأوضح السيد حسن نصرالله، أن الكيان الصهيوني كيان مؤقت على وشك الانقراض، وأنه الآن يتجه نحو موت محقق، وأن مستقبل المنطقة سيكون لفصائل المقاومة.
بطبيعة الحال، فإن حالة التدمير الذاتي وتفكك إسرائيل لا يقتصر على التحليلات والتقديرات التي قدمها السيد حسن نصر الله. وأشار في خطابه إلى وقائع أخرى ذكرها مسؤولون ومحللون صهاينة، حيث اعترف نفس المسؤولين والمحللين الإسرائيليين بأن إسرائيل في حالة تدهور وانهيار، وأن تدمير إسرائيل بكل مؤسساتها ومجتمعها الصهيوني وجيش هذا الكيان ليس سوى مسألة وقت.
وشدد الأمين العام لحزب الله، في شرحه لأزمة وجود الكيان الصهيوني، على أن الإسرائيليين أنفسهم يعترفون بأن وجودهم يواجه ثلاثة تهديدات، من بينها أزمة اجتماعية وتفكك ديمغرافي. كما قال إن الدعم المالي من بعض الدول العربية للكيان الصهيوني في إطار الجهود المبذولة للحفاظ على وجود هذا الكيان وخدمة مشروعه في المنطقة عديم الجدوى تمامًا. وبما أن وجود الكيان الإسرائيلي يعتمد بشكل أساسي على الجيش والسلاح وارتكاب الجرائم بهما، فإن إشارة السيد حسن نصرالله إلى تقليص رغبة الإسرائيليين في الحرب وعدم ثقتهم بجيشهم جاءت تماشياً مع الوضع الحساس للمجتمع الصهيوني، وتتمثل بالمحاولات المتكررة لجنود الصهاينة الهروب من الجيش.
رسالة السيد نصرالله المطمئنة للشعب الفلسطيني
من ناحية أخرى، كانت الرسالة التي بعث بها السيد حسن نصرالله إلى الشعب الفلسطيني مختلفة. حيث طالب الفلسطينيين بمواصلة المقاومة وللتأكد من أن المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير فلسطين وأن المعادلة التي رسمها العدو الصهيوني ضعيفة للغاية ويمكن تدميرها. إن الثقة التي أعطاها السيد حسن نصر الله في خطابه أمام فصائل المقاومة في فلسطين ولبنان ومناطق أخرى مبنية على الحقائق التي حدثت وكذلك على المعلومات التي ستنكشف اليوم وستدخل حيز التنفيذ في اليوم التالي، مثل: تحليق طائرة بدون طيار "حسان" فوق الأراضي المحتلة. كما تحدى الصهاينة بالبحث عن صواريخ حزب الله دقيقة التوجيه بقدر ما يريدون، فهم لن يجدوا لها اثرا ولن يصلوا إلى ترسانة صواريخ المقاومة أبدًا.
أخيرًا، كانت الرسالة الأهم في خطاب الأمين العام لحزب الله تتعلق بالقدرة اللافتة للمقاومة على تطوير الصناعة العسكرية، التي مرت بالصواريخ دقيقة التوجيه ووصلت إلى مستوى الدفاع الجوي والطائرات المسيرة.