الوقت_ في الوقت الذي عمدت فيه سلطات العدو الصهيونيّ على تسريب معلومات جديدة عن عملية اغتيال القياديّ في حركة المقاومة الإسلاميّة "حماس" محمود المبحوح، رغم أنّ تل أبيب لم تعترف بشكل رسميّ بتنفيذ تلك الجريمة، كشفت مجلّة "إزرائيل ديفينس" العبريّة أنّ جهاز الاستخبارات الصهيونيّ "الموساد" اعتبر الفائد الحمساويّ مصدر قلق عميق، متحدثة عن تفاصيل جديدة في هذه الجريمة الشنيعة، إضافة إلى جوانب من عمل الاستخبارات التابعة للعدو وإخفاقاته العملياتيّة التي رافقت ذلك، تزاماً مع الذكرى الـ12 لاستشهاده في أحد فنادق الإمارات.
ونقلاً عن مصادر أمنيّة إسرائيليّة رفيعة لم يذكرها، أوضح الخبير العسكريّ الصهيونيّ، آيال فينكو، أنّ السياسيّ الفلسطينيّ محمود المبحوح، والذي اغتالته العصابات الصهيونيّة في 19 يناير/كانون الثاني عام 2010 في دبي، أنّ الأخير وصل إلى الإمارات يومها وقد اعتاد على الذهاب إلى هناك من حين لآخر، باعتبارها مركز الأعمال في الشرق الأوسط، ويتدفق إليها رجال الأعمال من دول العالم، وكان يمكن عقد اجتماعاته مع رجال الحرس الثوري الإيراني دون لفت الانتباه، مؤكّداً أنّه نجا قبل تلك العملية من 3 محاولات اغتيال فاشلة على الأقل نفذتها استخبارات العدو.
وإنّ في الوقت الذي وصف فيه المبحوح بالناشط المخضرم الذي يتمتّع بخبرة استخباراتيّة وعملياتيّة واسعة، تحدث أنّه كان مسؤولاً عن تنسيق شحنات الأسلحة من الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة إلى غزة، لكنّه امتنع عن مصاحبة حراس أمنيين إلى مدينة دبي، وأنّ المعلومات الاستخباراتية للعملية كانت دقيقة لدى جهاز الموساد الإسرائيليّ، قائلاً: "ربما تمّ اختراق بريده الإلكترونيّ، فتمّ التعرف على المعلومات حول تحركاته، حيث أقيمت فرقة الاغتيال في الميدان، وتمّت دراسة الفندق ومحيطه بشكل جيد، وطرق الوصول والانسحاب منه، والسلوك داخله، وكيف تبدو طوابقه، والوصول إليها، ونظام الكاميرات فيه، فيما أكّدت أسرته في يونيو/حزيران 2017 أن المشاركين بقتله يعيشان بالإمارات.
وفي هذا الخصوص، تتحدث المعلومات أنّ عملية اغتيال المبحوح الذي عمل بعد خروجه من السجن 1987 على تشكيل "الوحدة 101" المتخصصة بخطف الجنود الصهاينة، بإيعاز من القائد الشيخ صلاح شحادة، الذي أقدمت تل أبيب على تصفيته أيضا مع أسرته، استُخدمت فيها شبكة اتصالات عالية التقنية بين المنفذين كان مقرها العاصمة النمساوية فيينا، واستغرقت 22 دقيقة بحقن المبحوح بمادة أصابته بالشلل توفي بعدها فوراً، ثم قاموا بتبديل ملابسه ووضعه على سريره في وضعية النوم، حتى لا يلفت نومه بملابسه انتباه عمال الفندق، لتأخير عملية الكشف عن جريمة اغتياله.
ومن الجدير بالذكر، أنّ المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا قالت في 16 يونيو/حزيران 2017، إن متهميْن على الأقل من الفريق الذي اغتال القيادي الفلسطيني يعيشان في الإمارات ولم يقدما للمحاكمة بتهم تقديم الدعم اللوجستي لفريق الاغتيال، وأشارت إلى أنّ الأول يبلغ 45 عاماً وهو ضابط في جهاز الأمن الوقائي الآخر 35 عاماً وهو ضابط في جهاز المخابرات التابع للسلطة الفلسطينيّة برئاسة محمود عباس، وقد فرا من دبي عقب عملية الاغتيال إلى الأردن لوجود أدلة تثبت تورطهما في الاغتيال، فيما استردتهما سلطات دبي من عمان بعد ثلاثة أسابيع من تاريخ الاغتيال، المذكورين لم يقدما لمحاكمة عادلة وشفافة تظهر دورهما الحقيقيّ في عملية الاغتيال الشنيعة، وجرى التعتيم الكامل على القضية.
وتحدث الخبير العسكريّ الصهيونيّ أنّ اغتيال المبحوح وجّه ضربةً قاسيةً لحركة حماس على المدى القصير، لكنّ تأثير تلك العملية على المدى الطويل ليس له أيّ تأثيرٍ استراتيجيّ حقيقيّ، لأنّه يشبه بحسب توصيفه “ضربة في جناح الطائرة”، يهزها لكنه مع مرور الوقت لا يضر ببناء القوة والمعدات وعمليات الحركة العسكريّة، لأنّه حتى لو انقطع “رأس الأفعى” في “حماس” بحسب تعبيره، مشدّداً على أنّ المقاومة تعرف كيف تتأقلم بسرعة مع الواقع الجديد، وتتصرّف دون خوف.
خلاصة القول، بوقاحة غير موصوفة يعترف الجاني الإسرائيليّ بعملياته الإجراميّة، ويضع نفسه في دائرة الساديّة والاضطهاد، في شهادة قويّة ومحقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة، ليبقى السؤال: أليس المجتمع الدوليّ مشاركاً في تلك الجرائم نتيجة لعدم تحمله لمسؤولياته الإنسانيّة تجاه فلسطين؟، وما الذي يجعل مساءلة تل أبيب على جرائمها المتعددة بحق الشعب الفلسطينيّ غائبة عن المحاكم الدولية؟.