الوقت - فتحت معركة سيف القدس التي استمرت 11 يومًا في أيار 2021 صفحة جديدة تتعلق بقوة الدفاع الصاروخي لجبهة المقاومة في فلسطين للكيان الصهيوني والعالم. في هذه الحرب، كانت حماس قادرة على اتخاذ نهج هجومي ضد العدوان الإسرائيلي، على الرغم من نهجها الدفاعي على مدى سنوات مقابل جرائم الكيان. في الواقع، حقيقة أن جبهة المقاومة الفلسطينية تكتسب قوة مع زيادة مدى صواريخها، ووقوف المزيد من الفلسطينيين في جميع أنحاء البلاد مع حماس، فضلاً عن تزايد الاستياء الداخلي لمواطني الكيان في مواجهة التهديدات والهوية الإسرائيلية. أزمات تسببت في تداعيات خطيرة للكيان خاصة فإن الحرب المقبلة ستضع وجود هذا الكيان وتماسكه الداخلي بطريق غامض وأسئلة أساسية.
حرب المستقبل، سيناريو سيء لإسرائيل
الدعم المحلي والإقليمي والدولي الذي حظيت به المقاومة الفلسطينية في حربها الأخيرة مع الكيان الصهيوني، إلى جانب عقيدة "القدس ضد الحرب الإقليمية" التي قدمها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، كان بمثابة تحذير لقادة هذا الكيان. يعني أن أي عمل استفزازي لهذا الكيان فيما يتعلق بقضية القدس والفلسطينيين سيكون مقدمة لدخول جبهة المقاومة بأكملها في الحرب والتوترات المستقبلية المحتملة، وبالتالي أمن ووجود هذا الكيان في مقابل جبهات مختلفة في الشمال (لبنان)، الجنوب (قطاع غزة) والوسط (الضفة الغربية) والداخلية (جميع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة) ستكون مهددة.
وفي هذا الصدد، أقر الجنرال إسحاق بريك، القائد العام لقوات الاحتياط التابعة للكيان الصهيوني، بهذا الوضع: في الحرب القادمة سنشهد إطلاق آلاف الصواريخ والطائرات المسيرة على الداخل الإسرائيلي، مصحوبة بخسائر فادحة، والظروف التي عاشها الإسرائيليون في الحروب السابقة ستكون ضئيلة للغاية مقارنة بما سيشهدونه في الحرب القادمة. وفي سيناريو متشائم، ستخوض القوات الموالية لإيران في سوريا والعراق وحماس الحرب في غزة وتطلق صواريخ وطائرات دون طيار على إسرائيل، وفي هذه الحالة لن يكون الجيش الإسرائيلي مستعدًا لخوض حرب مستقبلية على عدة جبهات.
وكتب الباحث الصهيوني يوسي هليفي في مذكرة لصحيفة "معاريف" أن "المعادلة السابقة بأن الكيان الإسرائيلي سيقاتل في ساحات معارك العدو قد تغيرت، وحسب التقارير الأمنية فإن الحرب القادمة ستكون في قلب الكيان". 250 ألف صاروخ من مختلف الأنواع تحت قيادة إيران والجماعات الفلسطينية ستستهدف الكيان الصهيوني. "هذه حرب شاملة ولكن توقيتها غير واضح ويجب توضيح أن هذه الحرب ستؤدي إلى تدمير الكيان الإسرائيلي مثل الدمار الذي حل بالعراق وسوريا ولبنان وليبيا واليمن على مدى العقد الماضي". الواقع أن زيادة مدى الصواريخ ومعدل إطلاقها قد وضع مناطق الكيان الحساسة مثل موقع ديمونة النووي ومطار بن غوريون ومجمع حيفا للبتروكيماويات تحت تهديد خطير. وبذلك يمكن القول إن وصول نيران قوات المقاومة إلى المناطق الحساسة وكذلك حصار إسرائيل من قبل هذه القوات، بالنظر إلى النهج الإسرائيلي في العمل العسكري الهادف إلى النتيجة، فإن أي عمل لهذا الكيان في هذا الصدد سيكون مرتبطاً بالمخاطر والغموض.
الظل الثقيل للانهيار الداخلي
إضافة إلى التهديدات ضد مناطق الكيان وبنيته التحتية، فإن إحساس مواطني الكيان باقتدار المقاومة في ردها على الإجراءات الإسرائيلية وتراجع الكيان في رده ضد حماس قد خلق حالة من انعدام الأمن الداخلي بين مواطني الكيان.
وقال معهد دراسات الأمن الداخلي في تل أبيب، بعد فحص الموضوع بعد حرب 11 يومًا، إن "53٪ من المستوطنين الصهاينة فقدوا إحساسهم بالأمن الشخصي منذ معركة سيف القدس".
ذكرت صحيفة معاريف يوم السبت، 8 كانون الثاني / يناير، أن "النقطة الحاسمة لإسرائيل هي جبهتها الداخلية، وقد ثبت أنه في حالة انهيار الجبهة الداخلية، سينهار الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن، وستصبح أكثر أهمية عندما نرى في عملية سيف القدس في أيار / مايو 2021، أن دافع الفلسطينيين الذين يعيشون في مناطق 1948 لمواجهة إسرائيل قد ازداد وسيزداد على الأرجح في الحرب القادمة".
في مقال نشر في فبراير 2021 في صحيفة يديعوت أحرونوت، أشار يوفال ديسكين، الرئيس السابق للشاباك، في إشارة إلى التهديدات الداخلية للكيان: "الخطر الذي يواجه إسرائيل ليس القضية النووية لإيران أو حزب الله اللبناني أو الإسلام الراديكالي، ولكن في الواقع، فإن المقاربات الداخلية والمشاكل الهيكلية هي التي تشكل تهديدا حقيقيا للكيان الصهيوني".
نتيجة لذلك، من المهم أن نأخذ في الاعتبار أن التهديدات والأزمات الداخلية في هذا الكيان، والتي إضافة إلى الشعور بعدم الأمان، تركز جزء منها على أزمة الهوية والفجوات الموجودة بين مجموعات اليمين واليسار، وبين اليهود الأشكناز والمزراحيم، يمكن اعتبارها احتمالًا لتهديد داخلي يمكن أن يعرض الكيان للانهيار مقارنة بالتهديدات الخارجية؛ كما أدى تراجع عدد السكان اليهود المعتدلين في مواجهة الزيادة السكانية وولادة اليهود المتطرفين الذين يطلق عليهم اسم الحريديم إلى احتمال أن يكون أعضاء هذه المجموعة في السلطة في المستقبل ويلعبون دورًا أكثر بروزًا في سياسات الكيان، وهذا يعتبر أيضاً تحديا كبيرا لمستقبل هذا الكيان.