الوقت- في الوقت الذي ينتهك فيه الاحتلال القانون الدوليّ الإنسانيّ الذي يوجب الرعاية الصحية للأسرى، وبالتزامن مع تحول ملف إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين من سجون العدو إلى "صفقة تبادل" أكثر منه استجابة مطلبية لواقعهم الصعب، أرسلت النائبة الإسرائيليّة، عايدة سليمان، رسالة مستعجلة لوزير الحرب الصهيونيّ، بيني غانتس، طالبت فيها بالإفراج الفوري عن الأسير الاداري المضرب عن الطعام هشام أبو هواش، والذي يقبع في عيادة سجن الرملة وحالته الصحية في تدهور مستمر بعد أن وصل لليوم 125 من إضرابه عن الطعام احتجاجاً على اعتقاله الاداريّ بدون محاكمة، قائلة: "يجب تحويله للمستشفى لتلقي العلاج بأسرع وقت ممكن".
لا يخفى على أحد أنّ سلطات العدو الإسرائيليّ تتغاضى بشكل كامل عن المطالبات الفلسطينية والدولية بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، الشيء الذي يدفعهم بشكل متواصل للإضراب المفتوح عن الطعام، لمواجهة ما يصفونها بـ"الإجراءات التنكيليّة" والاعتقال الاداريّ ضدهم، ويؤكّدون بشكل مستمر أنّ ما تسمى "إدارة مصلحة السجون" تتعمدت الإهمال الممنهج للأسرى وتساهم بشكل كبير في تأزيم أوضاعهم الصحيّة، رغم المعاناة التي يعيشونها داخل سجون العدو الغاشم، بدءاً من ظروف الاعتقال وليس انتهاءً عند مسألة انعدام البيئة الصحيّة داخل الزنازين المكتظة بالأسرى، إضافة إلى الانتهاكات الجسيمة بحقهم، خاصة منذ بداية انتشار فيروس كورونا المستجد.
وتتزايد المخاوف الرسميّة والشعبيّة من تهديد أرواح الأسرى نتيجة الخطر الحقيقيّ على حياتهم بالتزامن مع غياب أدنى الإجراءات الإسرائيليّة لوقف معركة "الأمعاء الخاوية" والإضراب المفتوح عن الطعام، والتي جاءت رداً على الاعتقال الاداريّ التعسفيّ ضدهم، للانعتاق من سجون الجلاد وإخضاع الكيان الصهيونيّ لمطالبهم العادلة، بعد أن قررت حكومة العدو العنصريّ تجميد ملف الأسرى كي لا تدفع ثمن تنازلاتها أمام مطالب حركة "حماس" وفصائل المقاومة، فيما يؤكّد الفلسطينيون أنّ تل أبيب وضعت العصي في دواليب تلك المفاوضات، إضافة إلى عقبات وشروط طويلة ومقعدة شلت إتمام الصفقة أو حتى التوصل لأرضيّة مشتركة تبنى عليها مفاوضات جادة وحقيقيّة، باعتبار أنّ حصول صفقة لتبادل الأسرى سيؤدي إلى حلحلة في باقي الملفات، بعكس ما ترغب تل أبيب.
ومع تعثر المفاوضات لعدم رغبة حكومة العدو في التوصل لاتفاق مع الفلسطينيين لحلحلة ملف الأسرى، قالت النائبة سليمان في رسالتها للقيادة العسكريّة الصهيونيّة: "هشام ابو هواش مثله مثل باقي الاسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، لا يعرف سبب اعتقاله ويضرب عن الطعام احتجاجاً على اعتقاله التعسفيّ وغير القانونيّ وعلى ممارسات وجرائم الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطينيّ"، حيث تستمر المساعي الصهيونيّة الحثيثة لتدمير حياة الأسرى والتخلص منهم.
وبما أنّ السياسة الإسرائيليّة كانت ولا تزال تدور حول شرط الرضوخ للإملاءات وهذا ما ترفضه الفصائل الفلسطينيّة بشكل قاطع، كما أنّ الشعب الفلسطينيّ يعتبر تلك القضيّة أهم بكثير من أيّ قضيّة أُخرى، فيما يحاول الصهاينة حرمان هذا الشعب المُهدد في أرضه من أبسط حقوقه، رغم أنّهم ببساطة يستطيعون حل تلك المسألة من خلال الإفراج عن مئات من الأسرى الفلسطينيين الأبرياء، حيث تعج سجون العدو بآلاف الأسرى الفلسطينيين الذين يعيشون أسوأ وضع إنسانيّ.
وفي هذا الخصوص، تُشدد النائبة التي تشغل منصب عضو كنيست ضمن القائمة المشتركة ممثلة عن الجبهة الديمقراطيّة للسلام والمساواة، ورئيسة لجنة مكانة المرأة، على أن كل تأخير في الافراج عن الأسير أبو هواش من الممكن أن تكون عواقبه وخيمة وتؤدي إلى تدهور حالته الصحية، مطالبة بالإفراج عنه فورًا دون شروط وتحويله لمستشفى لتلقي العلاج اللازم عقب أشهر من الاضراب عن الطعام، حيث إنّ أبو هواش اعتقل من مدينة "دورا" التابعة لمحافظة الخليل يوم ٢٧ أكتوبر/ تشرين الأول العام المنصرم، ومنذ ذلك الحين حتى اليوم صدر بحقه ٣ أوامر تمديد للاعتقال الاداريّ، دون أيّ سبب يذكر ومع غياب أيّ لائحة اتهام بحقه.
خلاصة القول، كشف الكيان الصهيونيّ المعتدي للقاصي والدّاني حجم جبروته واستبداده غير المعهود، وخاصة أنّ ملف "إسرائيل" في قضية الأسرى بالذات "أسودٌ قاتم"، وليس لديها أدنى تجاوب مع مطالب إنهاء أزمتهم الإنسانيّة، ما يُثبت من جديد أنّ إجرام وعنصريّة العدو الصهيونيّ الوحشيّ بحق الفلسطينيين، لن تتوقف إلا بإزالة هذا السرطان الذي يسري في الجسد الفلسطينيّ، حيث إن الهدف الوحيد للصهاينة هو "إبادة جماعيّة" بحق أصحاب الأرض والمقدسات، وسلب التاريخ والحاضر والمستقبل لفلسطين العربيّة، ولكن وفي هذه القضية بالذات يجب على تل أبيب أن تتحمل النتائج والتبعات المستقبليّة في حال استمرت بتهديد أرواح الأبرياء.