الوقت- لا يخفى على أحد أن الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو الغاشم كانوا عنواناً عريضاً للمساومة منذ سنين طويلة، ومؤخراً كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبريّة أن أحد قادة قوات الاحتلال مارسوا الضغط على مجندات يخدمن في سجن "جلبوع" الشهير لإجبارهن على التحرش جنسيّاً بالأسرى الفلسطينيين، لحملهم على تقديم التنازلات، في ظل المعاناة التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون داخل سجون العدو الغاشم والتي تتفاقم يوماً بعد آخر، بدءاً من ظروف الاعتقال وليس انتهاءاً عند مسألة انعدام البيئة الصحية داخل الزنازين المكتظة بالأسرى، بالإضافة إلى الانتهاكات الجسيمة بحقهم خاصة منذ بداية انتشار فيروس كورونا المستجد، حيث يعتقل العدو الصهيونيّ آلاف الفلسطينيين في سجونه، بينهم مئات المرضى والسيدات.
قائد سجن جلبوع، فريدي بن شطريت، أدلى بشهادته في الأيام الماضية أمام لجنة حكوميّة حول تقارير قدمت قبل سنتين تفيد بأن المجندات اللواتي كن يؤدين الخدمة العسكريّة في السجن المعروف تعرضن لما وصفه التقرير بـ"القوادة"، حيث تعرضن عمداً لخطر الأذى من أجل الحصول على تنازلات من الأسرى، بالتزامن مع المطالبات الفلسطينية والدوليّة بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، إلا أن إطلاق سراح الأسرى من سجون الاحتلال أصبح يخضع لـ "صفقة تبادل" أو "ابتزاز" أكثر منه استجابة مطلبية، فالاحتلال ينتهك القانون الدولي الإنساني الذي يوجب الرعاية الكاملة لهم.
وتأتي تلك الأنباء عقب إدانة ضابط كبير آخر في الجيش الصهيونيّ باغتصاب امرأة فلسطينيّة وابتزازها جنسيّاً، بعد أن كان أدين في وقت سابق بالتحرش بالمجندات، وهي ظاهرة تنامت بشكل كبير في قوات العدو القاتل، وبالأخص التحرش الجنسيّ الممارس من قبل عدد كبير من ضباط الجيش الصهيونيّ، وقد أوضح الإعلام العبريّ نفسه أن عدد الفضائح الجنسيّة في الأشهر الأخيرة داخل صفوف قادة الجيش كان مصدر إحراج كبير، زاعماً أن جيش العدو يمكن أن يتعايش مع فشل عملياتيّ، ولكن ليس من ضابط يعد "زير نساء".
ولا يخفي إعلام العدو أنّ الفضائح الجنسيّة التي تورط فيها قادة جيش الحرب الصهيونيّ ومجنداته هزت الجيش الإسرائيلي خلال الأشهر القليلة الماضية، بل يتحدث أنّ تفجر أحدث فضائح التحرش الجنسيّ في صفوف العصابات الصهيونيّة جاء قبل عدة أيام فقط عندما أعلن عن اعتقال المقدم "دان شاروني" في وقت سابق من الشهر الجاري للاشتباه في تصويره مجندات سرا، وإنّ مثل هذه الفضائح الخطيرة تمت تغطيتها بشكل كامل وعلى نطاق واسع من قبل الصحافة الصهيونيّة، وهو ما تسبب في إحراج لجيش الاحتلال الذي تبين أنه يعاني من "إشكالية حقيقية وصعبة للغاية" بحسب توصيف "يديعوت أحرونوت".
وبما أنّ الفضائح الجنسيّة في قوات الاحتلال كثيرة ليست جديدة، زادت الشكاوى التي يقدمها ضحايا الجرائم الجنسيّة في الجيش من إلقاء الضوء على تلك الفضائح، فضلا عن المزيد من لوائح الاتهام، ووفقا لشهادات عوائل المجندات اللواتي أجبرن على محاولات ابتزاز الأسرى الفلسطينيين لمحاولة الحصول على تنازلات منهم، نقلت الصحيفة عن والدة إحداهن قولها: "نتيجة لهذه التصرفات فإن العديد منهن انتهكت خصوصيتهن، ولم يعدن يؤمن بجيش الكيان بعد اليوم، فهن لا يستطعن النوم ولا الأكل، فوصف الشعور صعب للغاية".
وفي الوقت الذي يزعم فيه العدو العنصريّ أنّ يكافح ظاهرة التحرش في الجيش الصهيونيّ، إلا أنّ السنوات الماضية أثبتت زيادة تلك الحالات بشكل أكبر، ما يعني فشل العدو في كبح جماع تلك الأزمة الخطيرة التي تشوه بشكل أكبر السمعة القذرة للعدو وقواته، ناهيك عن أنّ الضباط الذين يمارسون التحرش الجنسيّ أو يجبرون غيرهم عليه، يترقون في بعض الأحيان أو يبقون في مواقعهم دون أيّ عقوبة ورغم عدم أهليتهم في الاستمرار بالأماكن التي يرأسونها، وبالتالي يصبحون أكثر جرأة وتماديّاً في ارتكاب تلك الجنايات ولسنوات عديدة.
نتيجة لكل ما ذُكر، يدفع فشل العدو في ضبط تلك الظاهرة، إلى التستر عليهم لمحاربة الشائعات حول أسماء كبيرة ومعروفة، لإخماد نيران الفضائح التي تطال العصابات الصهيونيّة، وقد عبر خبراء ومطلعون صهاينة عن قلقهم العارم بشأن التداعيات المحتملة للحوادث الأخيرة على تعزيز وإمكانيات دمج النساء في جيش الحرب الإسرائيلي، وخشيتهم أن يتم استخدام هذه الفضيحة كأداة ضد النساء في داخل الجيش.