الوقت - أنباء التحرك الأمريكي لسرقة صادرات النفط الإيرانية في بحر عمان، ومواجهة بحرية الحرس الثوري الإيراني لهذه الخطوة والتي أفشلت الخطة الأمريكية، تصدرت وسائل الإعلام الإقليمية والدولية کقنبلة.
بحسب تلفزيون جمهورية إيران الإسلامية، فقد تم تفريغ حمولة الناقلة الإيرانية بعد أن اختطفتها السفن العسكرية الأمريكية إلى ناقلة أخرى لنقلها إلى جهة مجهولة.
وفور معرفتها بالحادث، نفذت البحرية التابعة للحرس الثوري عملية إنزال جوي على ناقلة النفط الأجنبية، وأعادتها إلى المياه الإقليمية الإيرانية محملةً بالنفط.
في غضون ذلك، دخلت القوات الأمريكية إلى مكان الحادث لمنع نقل الناقلة، لكن تحذيرات الحرس الثوري أدت إلى انسحاب السفن والمروحيات الأمريكية.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، ما هو الهدف من هذه القرصنة الواضحة من قبل الولايات المتحدة؟ وما هي تداعيات ذلك على أمن الشحن البحري في مياه المنطقة؟ وما هي النتائج السياسية التي ستترتب على ذلك؟
قراصنة يرتدون الزي الرسمي؛ دحض ادعاء التواجد الضامن للأمن
لا شك أن تصرف الجيش الأمريكي لمصادرة شحنة ناقلة النفط الإيرانية دون أي عذر دولي مشروع هو مثال واضح على القرصنة، وانتهاك القواعد الدولية للشحن في المياه الدولية والأمن البحري.
يشار إلى أن هذا الحادث وقع بعد يومين من إحباط السفن الحربية الإيرانية هجومًا مماثلًا آخر على شحنات النفط الإيرانية في المياه الدولية؛ وهو هجومٌ نسب إلی القراصنة.
لعقود من الزمان، استخدمت حكومة الولايات المتحدة، بتعريفها غير الشرعي والاستعماري والمتسلط لمصالحها في مياه الخليج الفارسي وبحر عمان(كما في أي مكان آخر في العالم)، الدفاع عن الأمن البحري والتجارة الحرة كذريعة لوجودها العسكري الواسع.
ومع ذلك، لطالما استخدم مسؤولو البيت الأبيض هذا الوجود العسكري كأداة للضغط والتخويف ضد مصالح منافسين مثل إيران.
تعمل الولايات المتحدة منذ سنوات للتعويض عن هزائمها الکبری أمام محور المقاومة في مختلف ملفات منطقة غرب آسيا، من خلال ممارسة ضغوط اقتصادية، وخاصةً فيما يتعلق بوقف صادرات النفط وخفض عائدات إيران من النقد الأجنبي.
في إدارة ترامب، إلى جانب الصهاينة، كان الهجوم على الناقلات الإيرانية على جدول الأعمال لمواجهة القوة الإقليمية لطهران، والآن أيضًا يبدو أن إدارة بايدن تتابع هذا السيناريو بأهداف مختلفة، ولعل أهمها توقف مساعي الجمهورية الإسلامية لطرد القوات الأمريكية من المنطقة، وخاصةً في العراق وسوريا، الأمر الذي يكتمل بعد الانسحاب الأمريکي الفاضح من أفغانستان.
هذه الخطوة الأمريكية، التي لا يُعرف إلی أين ينتهی تکرارها في المستقبل، تثبت جيدًا أن الوجود العسكري الأمريكي في مياه المنطقة لا يوفر الأمن بأي حال من الأحوال، ولن يؤدي إلا إلى زعزعة الاستقرار وزيادة التوترات في مياه المنطقة، وجميع دول المنطقة ستتحمل تداعيات مثل هذه التوترات.
الإقتدار العسكري الإيراني والهزائم الأمريكية في مياه الخليج الفارسي
تُظهر قرصنة الجيش الأمريكي، تماشياً مع وجوده المزعزع للاستقرار في المنطقة، أن نهج بناء القوة العسكرية الرادعة في مجالات مثل الصواريخ والطائرات المسيرة والصناعات البحرية، خطوة ضرورية لحماية مصالح إيران.
لقد أصبحت إيران الآن واحة الاستقرار والقوة الأمنية الرئيسية في مياه الخليج الفارسي في منطقة غرب آسيا المضطربة، بفضل الاكتفاء الذاتي العسكري وقدرات القوات المسلحة، بما في ذلك الجيش والحرس الثوري، وذلك بسبب التوجيهات الحكيمة للمرشد الأعلی والقائد العام للقوات المسلحة السيد خامنئي.
تحتفل إيران الآن بذكرى الاستيلاء على وکر التجسس الأمريكي واليوم الوطني لمکافحة الاستکبار والغطرسة، حيث نجح رجال الحرس الثوري مرةً أخرى في كسر هيمنة الجيش الأمريكي وإظهار ذلك علی المستوی الدولي.
کما أن الدرس الجديد الذي لقَّنه الحرس الثوري للجيش الإرهابي الأمريكي، يذکِّر قادة البيت الأبيض الجدد أيضًا بأن الخيارات الخيالية المطروحة على الطاولة لتهديد إيران لن تنجح، وأي مغامرة ضد مصالح إيران ستواجه مصير اعتقال البحارة الأمريكيين المعتدين عام 2016، وإسقاط طائرة غلوبال هوك الأمريكية في عام 2019، والاستيلاء على الناقلة البريطانية عام 2019.