الوقت- أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، الإثنين، تمسك بلاده بشرط إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 قبل ذهابها إلى خيار تطبيع العلاقات مع إسرائيل. جاء ذلك في مقابلة أجراها مع قناة "العربية" السعودية.
السؤال كيف يمكن إقامة دولة فلسطينية على حدود الـ 67 في ظل محاصرة بعض الدول الخليجية لفلسطين وقضيتهم والمساهمة في تصفيتها من خلال التطبيع مع العدو الصهيوني، فخلال عام واحد فقط، طبعت 4 دول عربية مع اسرائيل، وهذا ما أعطى الكيان المحتل الضوء الأخضر لعدم الرضوخ للشروط الفلسطينية، والمضي قدما نحو محاصرة الفلسطينيين وتضييق الخناق عليهم أكثر فأكثر.
في ظل هذه الهشاشة العربية في دعم القضية الفلسطينية، ماذا قدمت السعودية للقضية الفلسطينية ولتخبرنا كيف ساهمت في دفع الاحتلال الاسرائيلي للقبول بدولة فلسطينية على حدود عام 1967؟.
لا يوجد أحد في العالم العربي والاسلامي لديه اي بارقة أمل أن تقوم السعودية بأي خطوة فعالة لثني أي دولة عربية للتطبيع مع اسرائيل، فعلى سبيل المثال لم تسجل المملكة وملكها سلمان ونجله محمد بن سلمان أي موقف يوضح كيف ستكون العلاقة مع "اسرائيل" والفلسطينيين في المستقبل، لكن "المكتوب واضح من عنوانه"، فلا مواقف وطنية تجاه القضية الفلسطينية وانما صمت مطبق و "الصمت علامة الرضا"، حتى أن ال سعود لم يوجهوا أي كلمة للامارات وكأن ما حصل لا علاقة لهم فيه وكأنه يحصل خلف المحيط الهادي مثلاً، هذا التبرء ليس بريئاً ويخفي خلفه قلق وخبايا ستتكشف تباعاً، وواضح جداً أن آل سعود يخشون بركان التطبيع أن يحرقهم في حال ذهبوا باتجاهه بشكل سريع، ولكن كل المؤشرات تدل على أن المملكة تتجه نحو التطبيع أكثر من أن تكون تميل للوقوف في وجهه ولكنها تنتظر ردة الفعل العربية والاسلامية على ما قامت به الامارات فضلا عن نار تحت الرماد بدأت رائحتها تتنشر في البلاط الملكي.
تحركت الدبلوماسية السعودية والاماراتية بكثافة خلال السنوات الماضية لاستغلال انشغال الشعوب العربية بثورات الربيع العربي، واتجهت نحو الاراضي الفلسطينية المحتلة، ولم يكن الامر لخدمة الفلسطنيين ومناصرة قضيتهم بل على العكس للانقلاب على القضية الفلسطينية وتصفيتها مقابل الحصول على رضى الصهاينة، ولا احد يعلم حتى الان سبب هذا الانقلاب الخليجي على القضية الفلسطينية، خاصة وان الاسرائيليين يأخذون ولا يعطون والاهم ان هذه الانظمة تخالف تطلعات شعوبها.
السعودية على سبيل المثال فتحت ابواب المملكة على مصراعيها لزيارات مسؤولين اسرائيليين الى اراضيها وأرسلت مسؤولين أيضا الى اسرائيل، ونذكر من هذه الزيارات، زيارة كلٍّ من مئيردغان الرئيس الأسبق للموساد، وسلفه تامير باردو للرياض ولقاءهما مسؤولين سعوديين. وزيارة الأمير بندر بن سلطان رئيس المخابرات السعودية الأسبق عام 2006م للكيان الصهيوني، وعقده لقاء مع رئيس الوزراء الصهيوني السابق إيهود أولمرت.
ولعل أبرز هذه اللقاءات كان ما كشفه رئيس أركان العدو الصهيوني غادي آيزنكوت حول لقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان برئيس مجلس الأمنِ القومي الصهيوني مئير بن شبات في إطار ما أسماه تطابقَ مصالحَ بين تل أبيبَ والرياض.
وخلال فترة حكم محمد بن سلمان، سرّبت وسائل إعلام صهيونية لقاءات عديدة ومتكررة لمسؤولين سعوديين مع مسؤولين أمنيين إسرائيليين سابقين. على سبيل المثال، لقاءات تركي الفيصل رئيس جهاز الاستخبارات السعودي الاسبق، مع عاموس يادلين، نظيره الاسرائيلي الرئيس السابق للموساد، ومع يعقوب عميدرور أحد ابرز مستشاري بنيامين نتنياهو الذي كان يشغل منصب رئيس ما يسمى "هيئة الأمن القومي" والمستشار الخاص لرئيس الوزراء الاسرائيلي، ولقاء الجنرال السعودي أنور عشقي دوري غولد – احد ابرز مستشاري بنيامين نتنياهو الذي كان يشغل منصب رئيس ما يسمى "هيئة الأمن القومي" والمستشار الخاص لرئيس الوزراء الإسرائيلي.
كذلك سرّب الإعلام الصهيوني لقاء جمع بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومحمد بن سلمان ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بحضور رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين، في نوفمبر 2020، خلال زيارة سرية إلى "السعودية". وفي 25 يناير 2020، أعلن وزير الداخلية الإسرائيلي أرييه درعي، أنه وقع على مرسوم يقضي بالسماح لليهود ولكل من يحمل الجواز الإسرائيلي، بالسفر إلى "السعودية" لأغراض تجارية ودينية، مشيراً إلى أن المرسوم اتخذ بقرار مشترك مع المؤسسات الأمنية ووزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي والجهات الأخرى ذات الصلة.
لقد أبدى النظام السعودي تخاذلاً صريحاً للقضية الفلسطينية، ولم يكتف بذلك، بل وجّه ماكيناته الإعلامية لشن حملات إعلامية مناهضة للقضية الفلسطينية، كما قطع الطريق على الشعب الراغب بالتبرع لفلسطين، وذلك من خلال إصدار قرارت تمنع التبرع لأي جهة خارجية. فقد حذّرت "رئاسة أمن الدولة"، المواطنين من الإستجابة لدعوات جهات خارجية مجهولة لجمع تبرّعات للعمل الخيري خارج المملكة"ش. وأيضاً حثّت على عدم التبرّع لتلك الجهات، التي لم تسمّها، وهدّدت المُتبرّعين لها بالمساءلة، وذلك في إشارة واضحة إلى دعوات أطلقها نشطاء لدعم الشعب الفلسطيني المحاصر.
الشعوب العربية تعي تماماً أن العلاقة مع اسرائيل لن تجلب للمنطقة سوى الويلات والخراب، فالجميع يعلم أن الاسرائيليين لا يريدون الخير لأبناء المنطقة، وما يفعلونه في سوريا وفلسطين ولبنان خير دليل على ذلك، فالصهاينة لايريدون أن تكون هناك قوة اقليمية تضاهيهم في المنطقة، وعلى هذا الاساس حرضوا الولايات المتحدة الأمريكية للانقلاب على الاتفاق النووي الايراني، ليست ايران وحسب، فالعدو الصهيوني لا يريد لمصر أن تكون قوية ويريد اشغالها بوضعها الداخلي دائماً وأبداً، وبالتالي لن يسمح الصهاينة بأي شكل من الاشكال ان تصبح الانظمة الخليجية قوة اقليمية كبيرة، وكل محاولات محمد بن زايد ومحمد بن سلمان للاحتماء بالاسرائيلي لمواجهة ايران ستبوء بالفشل، فلن تسمح لهم اسرائيل ان ينهضوا أو يصبحوا قوة مؤثرة في المنطقة والايام المقبلة ستشهد على ذلك.