الوقت- بحسب لجنة حماية الصحفيين الفلسطينيين، اعتقل الجيش الإسرائيلي تسعة صحفيين فلسطينيين في أكتوبر/تشرين الأول. وأفادت الأنباء أن خمسة عشر صحفياً فلسطينياً آخرين، أصيبوا برصاص القوات الإسرائيلية خلال العملية.
وبحسب آخر تقرير لنادي الأسير الفلسطيني، فقد بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال 4600 أسير، بينهم 200 طفل و 35 سيدة، و 500 معتقل إداريًا.
وفي وقت سابق أيضًا، أعلنت لجنة حماية الصحفيين الفلسطينيين في تقرير لها، إن الکيان الإسرائيلي انتهك حقوق الطاقم الإعلامي الفلسطيني 652 مرة منذ بداية يناير.
كما ذكر التقرير أن الجيش الإسرائيلي اعتدى على الصحفيين عدة مرات خلال هذه الفترة. وقتل صحفي في الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على غزة، وتضرر أكثر من 59 وسيلة إعلامية.
ودعت اللجنة المجتمع الدولي إلى حماية الصحفيين الفلسطينيين الذين يستهدفهم الجيش الإسرائيلي باستمرار، والضغط على إسرائيل للإفراج عن 24 صحفيًا محتجزًا.
كما ذكر اتحاد الصحفيين الفلسطينيين في تقريره السنوي في يناير/كانون الثاني، أن الکيان الإسرائيلي انتهك حقوق الصحفيين الفلسطينيين 490 مرة بحلول عام 2020.
الإنتهاكات الهيكلية للقانون الدولي
يواصل الکيان الصهيوني اعتقال الصحفيين الفلسطينيين، وهو أمر مخالف للقانون.
يعتبر تعذيب الصحفيين واحتجازهم انتهاكًا تامًا ليس فقط للقانون المحلي الصهيوني، ولكن أيضًا لقواعد القانون الدولي. كما حذرت منظمة مراسلون بلا حدود الشهر الماضي من تعرض الصحفيين وعائلات السجناء في فلسطين لخطر الاعتقال التعسفي، بعد صدور أحکام جائرة.
في حالات مماثلة حيث يتم احتجاز الصحفيين في أماكن أخرى، بما في ذلك في تركيا، كان رد فعل المؤسسات الغربية واسع النطاق.
في العام الماضي، على سبيل المثال، ردت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على احتجاز الصحفيين في تركيا، قائلةً: "كان الاحتجاز المؤقت والطويل الأمد للصحفيين في تركيا يستند فقط إلى "قضايا مشبوهة"، ولم يكن هناك دليل جنائي لحرمان هؤلاء المواطنين من حقهم في الإفراج عنهم قبل المحاكمة، وهو انتهاك للحق في حرية التعبير".
ومع ذلك، فإن عدد الصحفيين المحتجزين في الأراضي الفلسطينية المحتلة أعلى بكثير حتى الآن، وعلى الرغم من أن هذه الإجراءات تمثل انتهاكًا صارخًا للحق في حرية التعبير، إلا أن المؤسسات الغربية والأوروبية تلتزم الصمت حيال ذلك.
في ظل صمت الغرب الداعم لانتهاكات تل أبيب لحقوق الإنسان، قصف الصهاينة خلال حرب غزة الأخيرة المبنى الإعلامي وموقع الشبكات الإخبارية في برج "الجلاء" بقطاع غزة؛ وفيما يعدّ تدمير مكاتب قناة الجزيرة ووسائل الإعلام الأخرى في برج الجلاء انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان وجريمة حرب على المستوى الدولي، لكن في هذه الحالة، لم يتم اتخاذ أي إجراء فعال وملحوظ ضد هذا العمل الذي قام به الكيان الصهيوني.
ومع ذلك، أثبت القادة والمسؤولون الصهاينة مرارًا وتكرارًا أنهم لا يترددون في انتهاك القواعد والقانون الدولي في ظل الصمت والدعم الغربيين، وفي الأسبوع الماضي نفسه، مزَّق ممثل الکيان الصهيوني لدى الأمم المتحدة علانيةً تقرير مجلس حقوق الإنسان الذي يدين تل أبيب.
وعليه، فإن تل أبيب تنتهك القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة منذ سنوات عديدة، والمستوطنات في الضفة الغربية هي أوضح أشكال الانتهاك الصهيوني للقانون الدولي. وبالتالي، لا يخشى الصهاينة ولا يقلقون من اعتقال وتقييد الصحفيين، وهم يواصلون أعمالهم هذه المعادية للإنسان.
محاولات التستر على الجرائم
تل أبيب، من ناحية أخرى، تدرك جيدًا أنه كلما زاد قمع الصحفيين، قلَّ احتمال کشفهم للأوضاع في فلسطين للرأي العام العالمي.
لذلك، يتم تنفيذ الاعتداءات التي تستهدف الصحفيين من قبل الجيش الصهيوني، بهدف منع إطلاع العالم علی الحقائق التي وقعت وتقع في الأراضي المحتلة.
وفي هذا الصدد، يقوم الجيش الإسرائيلي بشكل روتيني بمهاجمة وضرب واعتقال ومصادرة معدات الصحفيين الذين يغطون المظاهرات المناهضة للاستيطان، بهدف رفع تكلفة تغطية الوضع في فلسطين، حتى يتمكن عدد محدود من الصحفيين من تغطية الوضع في فلسطين.
في الواقع، بسبب احتمال الاعتقالات الطويلة الأمد والسلوك اللاإنساني من قبل الجيش الصهيوني، يقوم الصحفيون بتغطية التطورات في فلسطين بصعوبة وقيود كبيرة، وهذا هو العامل الأكبر في التغطية الإخبارية المحدودة للتطورات في فلسطين.
من ناحية أخرى، تنتهج سلطات تل أبيب سياسة الرقابة بشكل منهجي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الکيان الصهيوني هو النظام الوحيد الذي يدعي أن حكومته ديمقراطية، ولكن في ساحته الداخلية، وبموجب قانون السيطرة العسكرية، يُخضع أخبار ومحتوى وسائطه الصحفية والمرئية للرقابة الصارمة.
وبحسب التقارير، فإن مركز "الرقابة العسكرية" هو وحدة تابعة لجهاز المخابرات العسكرية للکيان الصهيوني، والذي يقوم بفحص المحتوى قبل نشره في وسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة، لعدم الإضرار بأمن الکيان.
کما أن الكيان الصهيوني لا يزال يحكمه قانون استثنائي، سُن أثناء الاحتلال البريطاني لفلسطين عام 1945. يعطي هذا القانون صلاحيات واسعة لوحدة الرقابة على جميع المحتويات المنشورة للرأي العام.
وتشمل هذه الرقابة المحتويات المنشورة على شبكات التلفزيون والإذاعة وفي الصحف وحتى الكتب، وقبل نشرها يجب مراجعتها من قبل المركز المختص وإزالة ما هو خطير من محتواها من وجهة نظر الرقابة العسكرية.
ولذا، فمن الطبيعي أن المحتوى المتعلق بفلسطين، وعلى عكس الصهاينة، يمكن حذفه والرقابة عليه بسهولة، لأن الصهاينة لديهم سيطرة كاملة على الفضاء السيبراني وشبكات الاتصالات في الأراضي الفلسطينية.
وبناءً على ذلك، فإن إخفاء الجرائم المرتكبة في فلسطين يتم بسهولة، من خلال قمع واحتجاز الصحفيين، وتنظيمياً من خلال الرقابة وحذف المحتوى في الفضاء السيبراني وشبكات الاتصالات الخاضعة لسيطرة تل أبيب، ولهذا نجد أن الأنباء المتعلقة بجرائم الجيش الصهيوني أقل انعكاسًا في وسائل الإعلام الدولية.