الوقت - إعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مساء 23 أكتوبر 2021، في قرار غير مسبوق، سفراء 10 دول من بينها ألمانيا والولايات المتحدة، الذين طالبوا بالإفراج عن "عثمان كافالا"، عناصر غير مرغوب فيها وطالب بطردهم.
وجاء هذا القرار بعد أن طالبت سفارات الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وفنلندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا والنرويج والسويد، بالإفراج عن رجل الأعمال التركي كافالا يوم الثلاثاء، والذي يقضي في السجن منذ أربع سنوات لدوره المزعوم في احتجاجات 2013 والمظاهرات اللاحقة.
وفي وقت سابق أيضًا، هدد الرئيس التركي يوم الخميس الماضي بطرد سفراء ألمانيا والولايات المتحدة وثماني دول غربية أخرى، والتي تدخلت في الشؤون الداخلية لتركيا. قوبل قرار أردوغان هذا برد فعل قوي علی المستوی الخارجي، واسترعى سبب قرار أردوغان انتباه المراقبين السياسيين.
لمتابعة هذا الموضوع تحدث "الوقت" مع الخبير في الشؤون الدولية السيد حسن هاني زادة. يعتقد السيد هاني زادة أن أردوغان يقضي الأيام الأخيرة من رئاسته في تركيا، وأن كل تصرفاته تظهر ارتباكه ومحاولته البقاء في السلطة بأي طريقة ممكنة.
طرد السفراء كان استعراض أردوغان لقوته
فيما يتعلق بقرار أردوغان بطرد السفراء الأجانب لـ 10 دول، بما في ذلك سفيرا الولايات المتحدة وألمانيا، يعتقد حسن هاني زادة أن طلب سفراء الدول العشر الإفراج عن عثمان كافالا المعارض لحزب العدالة والتنمية، أثار غضب أردوغان الذي وصف الطلب بأنه تدخل مباشر في الشؤون القضائية والسياسية لتركيا. كان سلوك رجب طيب أردوغان وأفعاله عدوانية للغاية، وقد تسبب ذلك في قلق الحلفاء التقليديين لأنقرة، وخاصةً أوروبا والولايات المتحدة. وعلى الرغم من التحذيرات، يواصل أردوغان استخدام القوة والأساليب العدوانية.
کما أن قرارات أردوغان في سوريا وليبيا والبحر المتوسط وما إلى ذلك، جعلت العديد من حلفاء تركيا يشعرون بالتهديد من قراراته. يستخدم أردوغان بلاده للضغط على أوروبا من خلال أداة المهاجرين، وبهذه الطريقة يقوم بابتزاز الغربيين بطريقة ما.
کذلك، ينوي أردوغان التظاهر بأن أنقرة تتفوق على الأوروبيين، وأن طرد 10 سفراء أجانب يمكن قراءته في هذا السياق. وبشكل عام، هناك الآن شقاق عميق بين تركيا والدول الأوروبية والولايات المتحدة، نتيجة استعراض أردوغان للقوة.
يشعر الاتحاد الأوروبي بخيبة أمل کبيرة من مستقبل أردوغان السياسي
وبشأن تأثير قرار المفوضية الأوروبية الأخير بتعليق محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي على قرارات أردوغان الأخيرة، قال الخبير في الشؤون الدولية: "من الواضح للجميع أن الاتحاد الأوروبي غير مهتم بأي حال من الأحوال بانضمام دولة إسلامية إلى الاتحاد".
تركيا الآن في غرفة الحجر الصحي السياسي بعد عقود من محاولة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وفُرضت بعض الشروط المسبقة على أنقرة، وبعضها نفذته الحكومة التركية. ومع ذلك، ما يبدو مؤكدًا الآن هو أن موقف الاتحاد الأوروبي تجاه حزب العدالة والتنمية ورجب طيب أردوغان نهائي، ويبدو أنه لن يكون هناك تغيير في موقف الأوروبيين من تركيا حتى نهاية حكم أردوغان.
وأضاف السيد هاني زادة: إن "افتقار أردوغان للشفافية في السياسة الداخلية والخارجية، وتدخلات أردوغان غير المبدئية في شؤون الدول الأخرى، وإساءة استعماله للسلطة في الساحة الداخلية، أثرت بشكل سلبي على نظرة الدول الأوروبية لحكومة حزب العدالة والتنمية، ولا يبدو أن مصيراً واضحاً ينتظر أردوغان".
حكم أردوغان يقترب من نهايته
في جانب آخر من تصريحاته حول مستقبل أردوغان السياسي، أكد السيد حسن هاني زادة: لقد أظهر أردوغان حتى الآن أنه لاعب ذكي، ونجح في كسب أصوات الشعب بتصريحاته الشعبوية. في السنوات الأخيرة، على سبيل المثال، كان لتصريحاته الديماغوجية واستغلاله للقضية الفلسطينية تأثير عميق على نظرة المواطنين الأتراك، لكنه اتخذ خطوات من الناحية العملية لنزع فتيل التوترات مع الکيان الصهيوني.
کما حاول أردوغان كسب الشعبية داخل تركيا باستخدام فلسطين، وحتى الاعتراف به كزعيم للمسلمين في العالم الإسلامي. ومع ذلك، لم يعد المواطنون الأتراك الآن يثقون في سياسات أردوغان، وعلى عكس الماضي، باتوا على دراية بألعابه السياسية.
کذلك، أصبح السياسيون والمواطنون الأتراك يعتقدون أن أردوغان لم يعد بإمكانه إدارة البلاد. لذلك، يمکن القول إن حياته السياسية على وشك الانتهاء، وفي المستقبل غير البعيد قد تكون هناك إمكانية لانتفاضة اجتماعية وحتى تدخل الجيش.
إن سيناريو حسني مبارك في مصر سيكون محتملًا وقابلاً للتکرار لأردوغان. ولا يمكن لسياسات أردوغان المتطرفة والعدائية أن تكون بلا عواقب على المديين المتوسط والطويل. ويواجه المجتمع التركي الآن انقسامًا كبيرًا حول حكم أردوغان.