الوقت - أعلنت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5+5 ، يوم الجمعة، الانتهاء من إعداد خطة لإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية بشكل "تدريجي ومتزامن ومتوازن".
وأكدت اللجنة في بيان عقب انتهاء اجتماعات استمرت 3 أيام في مدينة جنيف السويسرية، "ضرورة جاهزية المراقبة محلياً ودولياً لاتفاق وقف إطلاق النار قبل البدء بتنفيذ خطة إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب". وتابعت اللجنة: "سنتواصل مع الأطراف المعنية محلياً ودولياً لدعم تنفيذ الخطة واحترام السيادة الليبية".
وخطة العمل التي اتفقت عليها اللجنة ستكون "حجر الزاوية لعملية انسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية بشكل تدريجي ومتوازن ومتزامن"، وفق ما جاء في بيان للأمم المتحدة التي رعت اجتماعا للجنة في جنيف استمر ثلاثة أيام.
ورحب رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيش بالخطة التي اعتبر أنها "إنجاز.. يخلف زخما إيجابيا ينبغي البناء عليه للمضي قدما نحو مرحلة يسودها الاستقرار والديمقراطية، بما في ذلك من خلال إجراء انتخابات وطنية حرة وشفافة وتتمتع بالمصداقية في 24 ديسمبر، ويقبل بنتائجها الجميع".
وأوضح بيان البعثة أن الأمم المتحدة تشجع اللجنة المشتركة على اغتنام هذه الفرصة لتعزيز التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار من خلال خطة العمل الجديدة. ودعا البيان الدول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى دعم اللجنة العسكرية المشتركة الليبية والسلطات الليبية في تنفيذ خطة العمل الجديدة.
وتحاول ليبيا طي صفحة عقد من الفوضى أعقب سقوط نظام معمر القذافي العام 2011. وبعد أعوام من الحرب والانقسام، شكلت حكومة وحدة انتقالية في آذار/مارس إثر حوار رعته الأمم المتحدة، كلفت قيادة البلاد حتى الانتخابات المقررة نهاية العام.
لكن المصالحة تصطدم بتواصل انتشار آلاف المرتزقة والعسكريين الأجانب في البلاد (نحو 20 ألفا حسب تقدير للأمم المتحدة)، بعدما تدخلت دول أجنبية في النزاع الليبي.
وأثناء الحرب بين العامين 2019 و2020، ساندت تركيا حكومة الوفاق الوطني التي اتخذت مقرا في طرابلس، في حين لقي المشير خليفة حفتر دعما من الإمارات وروسيا ومصر.
وتلى توقف الحرب في صيف 2020 توقيع اتفاق وقف لإطلاق النار في تشرين الأول/أكتوبر نصّ على إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية في غضون 90 يوما. لكن لم يسجل مذاك أي انسحاب كبير لهم. وقد أكدت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش الأحد انسحاب عدد صغير فقط من المقاتلين الأجانب.
وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي الليبي العربي الورفلي، إنه "فيما تعمل لجنة "5+5" بكل جدية على إخراج كل المرتزقة الموجودين على الأراضي الليبية، تطالعنا الأنباء عن نية تركيا لإرسال المزيد من المرتزقة للغرب الليبي في تحدٍ صارخ لإرادة الليبيين وإرادة المجتمع الدولي".
وقال الورفلي إن آلية تنفيذ قرارات اللجنة لن تجد لها أي تطبيق على أرض الواقع، ما لم يتم إجبار تركيا على إجلاء كامل مرتزقتها"، مشيرًا إلى أن ليبيا الآن تمر بأخطر مرحلة، وأمامها خياران.
وأشار الورفلي إلى أن الخيار الأول يتمثل في إجلاء المرتزقة وتنظيم انتخابات نهاية العام الجاري، فيما يتمثل الخيار الثاني في اشتعال الحرب من جديد.
وحول دور المجتمع الدولي، قال الورفلي، إن "المجتمع الدولي منقسم أمام مسألة إخراج المرتزقة؛ فهو، وعلى رأسه أمريكا، لم يتمكن من كبح النفوذ التركي، مشيرًا إلى أن كل دولة تدافع عن مصالحها".
وأوضح المحلل السيسي الليبي أن أزمة المرتزقة التي توقع استمرارها، يعود السبب فيها إلى التدخل التركي الذي وصفه بـ"السافر"، مشيرًا إلى أن "ليبيا ذهبت ضحية لعبة دولية ليس لها نهاية".
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، إنه رغم صعوبة معرفة بنود هذه الخطة التي تم التوقيع عليها من قبل اللجنة العسكرية بحضور المبعوث الأممي يان كوبيش، وبرعاية مباشرة من المبعوث والسفير الأمريكي في ليبيا، لأنها لم تعلن بعد، إلا أن هناك بعض التسريبات، تقول إنها تعتمد على خمس مراحل.
وأوضح المرعاش أن المرحلة الأولى تتمثل في البدء بإخراج المرتزقة وفق جدول زمني محدد، والمرحلة الثانية إنهاء أي تواجد لأي قوات أجنبية والمرحلة الثالثة تفكيك المليشيات المسلحة وإدماجها في قوات الجيش، والمرحلة الرابعة تشكيل فرق عسكرية ليبية مشتركة للإشراف على تنفيذ هذه الخطة والاستعانة بمراقبين دوليين والمرحلة الخامسة، ستطالب فيها اللجنة العسكرية المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية باعتماد الخطة وتوفير كل الدعم اللوجستي لتنفيذها.
وحول الصعوبات التي ستواجه تنفيذ تلك المحاور، قال المحلل السياسي الليبي، إنها ستواجه "تعنت" ورفض تركيا إخراج ضباطها وجنودها من القواعد العسكرية الخمس التي تتواجد بها في شمال غربي ليبيا، بذرائع أنها جاءت نتيجة لتوقيع مذكرة تفاهم مع حكومة فايز السراج السابقة، رغم ان هذا الاتفاق لم يصادق عليه مجلس النواب الليبي، وبالتالي يصبح غير قانوني، ولا يعتد به.
من جهته رأى الخبير العسكري عادل عبد الكافي، إنه لا جديد في خطة اللجنة العسكرية "5+5)، إذ إنها تدعو منذ أكثر من عام لخروج المرتزقة، دون أن تحقق أي انجاز أو تقدم في هذا الملف.
وأضاف إن "البعثة الأممية التي ترعى الخطة، تعيد تدوير ملف المرتزقة، فقد صدر بيان البعثة خلال اجتماع جنيف، ودعا إلى مغادرة جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الاجنبية على نحو تدريجي ومتوازن ومتزامن، وهي نفس المساعي السابقة للجنة العسكرية من عام، دون إحراز تقدم يذكر".
ورأى عبد الكافي أن الخطة التي تدعو للتشاور مع الشركاء الدوليين وبما في ذلك دول جوار ليبيا والحصول على دعمهم وتعاونهم، المقصود به روسيا وتركيا، وهذه دعوة لمسار طويل الأمد غير مسقوف بمدة محددة لخروج المرتزقة، مضيفا: "بلا أدوات ضاغطة تستطيع بها إجبار الروس المتمركزين في مواقع استراتيجية في ليبيا على الخروج، إضافة إلى المرتزقة الأفارقة الذين ترفض دولهم وتخشي رجوعهم إليها، فإن ملف المرتزقة لن يحسم".
كما يرى المحلل السياسي الليبي مروان ذويب، عدم وجود أي آفاق لتنفيذ مثل هذه الخطة التي يصفها بـ"البيان وتوضيح الموقف فقط"، وقال "لم تزد اللجنة عن بياناتها ومواقفها السابقة إلا إضافة عبارة تدريجي ومتزامن، وهي عبارة درج كل مسؤولي الدول المعنية بليبيا على استخدامها في الآونة الأخيرة".
ويذكّر ذويب بأن الاتفاق في أكتوبر من العام الماضي حدد 90 يوما لخروج المقاتلين الأجانب، وقال "لم يحدث شيء ولم يخرج ولا مقاتل، فما الذي استجد الآن لتنشئ اللجنة العسكرية خطة لإخراجهم؟!"، مرجحا أن يكون الأمر على علاقة بالمتغيرات الدولية ومصالح بعض الدول المتدخلة في ليبيا.