الوقت- في مقال أثار الجدل في الأوساط الصهيونيّة، اعتبر الكاتب والمُحلِّل الصهيونيّ، غدعون ليفي، الذي يُغرِّد خارج سرب الإجماع القوميّ الصهيونيّ، أنّ الأسرى الستة الذين تمكّنوا من التحرر ذاتيّاً من سجن “جلبوع” الإسرائيليّ عبر نفقٍ قاموا بحفره مؤخراً، بحثوا عن العدالة والحرية، وفي مقالٍ نشره بصحيفة "هآرتس" العبريّة، ذكر أيضاً أنّ الفلسطيني رائد جاد الله البالغ 39 عاماً، قد لا يعني أيّ شيء لأيّ صهيونيّ، حيث قتله جيش العدو يوم 31 آب/ أغسطس المنصرم، بعد أنْ أطلقوا النار عليه في الليل، وعثر على جثته وهي ملقاة على جانب الشارع، واصفاً تلك الجريمة بـ”العملية الإرهابيّة"، وتُثير مقالات هذا الكاتب ردود فعلٍ عنيفةٍ من القرّاء، الأمر الذي أدّى في الفترة الأخيرة إلى حراسته بشكلٍ شخصيٍّ خشية اغتياله من جماعات اليمين واليمين المُتطرِّف في الكيان الصهيونيّ.
وفي ظل تمادي قوات المحتل الباغي بجرائمها ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، وارتكابها أبشع الجرائم الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب الفلسطينيين، أكّد المُحلِّل الصهيونيّ في زاويته الأسبوعيّة التي تُنشَر أسبوعيّاً في "هآرتس"، وتُعنى بشكل خاص ببطش الاحتلال في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، أنّ “جاد الله، قُتِل بإطلاق نارٍ أعمى من جنودٍ صهاينة مغلقين"، وتساءل: "هل نتجرأ على تسميتهم قتلة؟ هل كانوا ينوون القتل؟ لمَ لا؟".
ومع وصول الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح الفلسطينيين لحد لا يمكن السكوت عنه أبداً، قال ليفي: “هل الجيش الإسرائيليّ لم يكن ينوي قتل الطفل محمد العلامي من بيت أمر، عندما أمطروه بوابل من الرصاص وهو داخل سيارة والده أثناء عودتهم من التسوق؟ هل هذا لا يعتبر إرهابًا؟ وهل قتل الأطفال الأربعة من عائلة بكر على شاطئ بحر غزة أثناء لعبهم كرة القدم كان متعمدًا أمْ غيرَ متعمدٍ؟ هل هذا يُغيّر أيّ شيءٍ؟ هل قتل إسرائيل لأكثر من 400 طفل فلسطينيّ في حرب 2008-2009 كان دون قصد؟ٍ”، حيث إنّ التاريخ والواقع يثبتان بأنّ الصهاينة يتمادون أكثر فأكثر في عدوانهم الذي لا يمكن أن يوقفه إلا القوة والوحدة والمقاومة، والدليل اليوميّ على ذلك هو إطلاق قوات الاحتلال المستبد الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع بشكل مباشر تجاه الفلسطينيين.
وتأكيداً لحقيقة أنّ إجرام وعنصريّة العدو الصهيونيّ الوحشيّ بحق الفلسطينيين، بيّن المُحلِّل الإسرائيليّ المُخضرم، المحسوب على أقصى ما يُطلَق عليه اليسار الصهيونيّ، أنّ "هناك حدود لما يتحمله الوعي، كلّ الصهاينة تقريباً، لن يجرؤوا على الإجابة باستقامة على هذه الأسئلة، وبالنسبة لهم، اليهود هم الذين على حق وهم الذين يدافعون عن أنفسهم دائماً، والفلسطينيون فقط مخربون”.
“القتل مسموح فقط لليهود" عبارة تلخص حديث الكاتب الصهيونيّ الذي وصف قيام جيش العدو بإلقاء قنبلة من طائرةٍ بدون طيّار على أطفال ضعفاء يلعبون على شاطئ بحر غزة بالعمل الوحشيّ، ونوّه لوجود من يُحاول أنْ يُمزّق القلب بقصص تثير الشفقة على ضحايا العمليات التي نفذها أسرى سجن جلبوع الستة، مشدّداً على أنّه هناك من يعتقد أنّهم “إرهابيون" يجب أن يتعفنوا في السجن، في حين يعتقد أنّهم مقاتلون شجعان من أجل الحريّة، فهم يُحارِبون من أجل حرية شعبهم، وهم شجعان لأنهم مستعدون للتضحية، وذلك عقب تمكّنهم من انتزاع حريّتهم والفرار من زنازين العدو التي تحتجز 400 أسير فلسطينيّ ومن بينهم عدد كبير من المحكومين بالمؤبد رغم إعادة أسرهم من جديد.
وفي صفعة لقوات العدو القاتلة، أجاب ليفي على استفساره “هل هدف هؤلاء الأسرى عادل؟”، بأنّ “ليس هناك ما هو أكثر عدالة منه، فهم يفضلون تنفيذ عمليات في قواعد للجيش الصهيونيّ بدلاً من تنفيذها ضد مواطنين أبرياء كما تفعل قوات العدو في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، مؤكدّاً أنّ “الإرهابيون لدى الإسرائيليين أبطال"، وأنّ الفلسطينيّ الذي يطعن مستوطناً من أجل محاولة إخراج الغازي من أرضه وبلاده، فهو مقاتل من أجل الحرية، حتى لو كانت الوسيلة التي يستخدمها مرعبة..
ومن الجدير بالذكر أنّ المُحلِّل الصهيونيّ، غدعون ليفي، كان قد قال في ندوةٍ عُقِدت في تل أبيب أنّ الصهاينة يؤمنون بأنهم شعب الله المختار، وأنّ طريقة تفكيرهم منفصلة عن الواقع ويتهمون كلّ شخص لا يتفق معهم بأنّه "معاد للساميّة"، معتبراً أنّ مطالبة العدو بأنْ يتّم الاعتراف بها كدولةٍ يهوديّة هو طلب "تافه وسخيف"، حيث قال إنّ الاحتلال الصهيونيّ مثله مثل الإدمان، وأنّه يتعيّن على أصدقاء "إسرائيل" أنْ يساعدوها في التخلص من حالة الإدمان هذه.