الوقت - قال سفير المغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال، إن هناك أوجه شبه بين النزاعات الدائرة في الأراضي الخاضعة لسيطرة المغرب في الصحراء الغربية وتلك الواقعة في منطقة القبائل الجزائرية.
وفي كلمة خلال ندوة لجنة الـ24 حول منطقة الكاريبي بدومينيكا، شدد هلال على أن حق تقرير المصير لسكان الصحراء المغربية قد اكتمل باسترجاع المغرب لأقاليمه الصحراوية، وأن هؤلاء السكان يمارسونه بشكل يومي منذ ذلك الحين، وذلك من خلال العديد من الأعمال المؤسسة والإجراءات السياسية القوية.
واوضح السفير المغربي أن تقرير المصير عمل مواطن وإرادي يتجسد بشكل يومي في الصحراء المغربية. وتساءل أمام المشاركين في هذا الاجتماع بالقول: "هل هناك أي إقليم أو بلد مدعو إلى هذه الندوة لهما جار معاد يفرض عليهما نزاعا مسلحا منذ عقود ويهاجمهما من قبل جماعة انفصالية مسلحة دخيلة؟ الجواب لا. وحدها الجزائر مسؤولة عن هذا الخلل الفريد والخطير للغاية في ما يتعلق بالمغرب وصحرائه".
وذكر هلال السفير الجزائري بأن "الحق في تقرير المصير مبدأ عالمي ومبدأ أممي، ويجب أن يتم توظيفه دون انتقائية ويجب أن يستفيد منه جميع السكان، وخاصة أولئك الذين كانوا تحت احتلال منذ عقود".
وأضاف في هذا السياق أن "الجزائر التي لا تفتأ تطالب، في كل مناسبة، وبشكل هوسي، بما تزعم أنه تطبيق حق تقرير المصير في الصحراء المغربية، تنسى أن هناك سكان على ترابها يطالبون بتمكينهم من الاستفادة من الحق في تقرير المصير".
وأكد الدبلوماسي المغربي أن “شعب القبائل الذي كان موجودا قبل فترة طويلة من قيام الدولة الجزائرية له أيضا الحق في تقرير المصير. فلماذا تنكر الجزائر عليه ما تطالب به مغاربة الصحراء، وتمضي إلى حد فرض نزاع على المملكة منذ مدة 45 عاما، من قبل مجموعة انفصالية مسلحة؟ ولماذا لا يحق لممثلي شعب القبائل أن يكونوا حاضرين في اجتماع لجنة الـ24 هذا؟ فهم أيضا لهم الحق في التعبير عن أنفسهم بحرية بشأن مستقبلهم”.
وبذلك يجدد الدبلوماسي المغربي تعليقات استشهدت بها الجزائر عندما قطعت علاقاتها مع الرباط الأسبوع الماضي في خطوة قد تصعد من حدة الخلاف بين الدولتين. حيث استشهدت الجزائر بموقف المغرب من الصحراء الغربية وتعليقات هلال السابقة بشأن منطقة القبائل.
وقد اتسمت كلمة ممثل المغرب بالانفعالية على خلفية الكلمة النارية التي ألقاها المندوب الدائم للجمهورية الجزائرية لدى الأمم المتحدة سفيان مومني في تدخل له ردا على مداخلة سابقة للسفير المغربي بالأمم المتحدة، فضح فيها الأطماع التوسعية للمغرب عبر سرده لوقائع تاريخية معروفة.
وقال المندوب الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة " أود تذكير السفير المغربي، الذي يبدو أن ذاكرته قصيرة، أن مسألة الصحراء الغربية كانت ولا تزال على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، منذ عام 1963، وقد استفادت من دعم ثلاث دول مجاورة وهي الجزائر ، المغرب وموريتانيا، وذلك بعد أن اتهم ممثل المملكة المغربية الجزائر بالوقوف خلف النزاع في الصحراء الغربية خلال أشغال الحلقة الدراسية الإقليمية لمنطقة البحر الكاريبي التي تنظمها اللجنة الخاصة المعنية بحالة تنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة الجنة الأربعة والعشرين التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتابع سفيان مومني "لقد أيدت هذه الدول الثلاث بثبات، منذ ذلك الحين، في كل دورة للجمعية العامة للأمم المتحدة، حق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير والاستقلال، وبالتالي، فإن المغرب هو الذي تقاعس عن التزاماته السابقة وانساق وراء أطماعه التوسعية التي لم يسلم منها أي من جيرانه سواء الصحراء الغربية، أو الجزائر أو موريتانيا۔
وذكر المندوب الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة ممثل المغرب بالقول " أن قمة رؤساء دول منظمة الوحدة الأفريقية المنعقدة في الرباط، بالمغرب في يونيو 1972 اتخذت قرارا بشأن ما يسمى بالصحراء الإسبانية يستنكر بموجبه رؤساء الدول الأفريقية، بمن فيهم ملك المغرب، البطء الذي تتبعه إسبانيا في إنهاء استعمار هذا البلد وتحث إسبانيا مرة أخرى على تهيئة مناخ من الحرية والديمقراطية يستطيع فيه شعيه ممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال في أقرب وقت ممكن وفقا لميثاق الأمم المتحدة"
وقد شكلت كلمة ممثل الدبلوماسية الجزائرية ضربة موجعة لممثل المغرب، والذي رد من جديد بالحديث عن منطقة من مناطق الجزائر، غير أن هذا الإصرار يرى فيه المتابعون تأكيدا من المغرب على تفعيل مخططات التقسيم في الجزائر بتوجيه صهيوني، حيث انتقلت هذه الأفكار التي روج لها الذباب الإلكتروني لمنصات التواصل الاجتماعي في وقت سابق إلى الجهات الرسمية، التي تقف وراء دعم حركة "الماك" الإرهابية !
ويأتي تصريح الدبلوماسي المغربي بعد أيام قليلة على تبرؤ رئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني من تصريحات عمر هلال التي لا تلزم حسبه إلا شخص المندوب لا نظام المغرب. حيث قال رئيس الحكومة المغربية في هذا الشأن: "هذا كان رد فعل لسفير المغرب في الأمم المتحدة، ليس موقفا سياسيا يعبر عنه، وإنما هو رد فعل حجاجي، إذا كنتم تقولون كذا فإنه كذا، هو ليس موقفا سياسيا للدولة المغربية".
لكن تكرار عمر هلال لمثل هذه التصريحات يثير تساؤلات حول مدى صحة ما قاله رئيس الحكومة المغربي، وإن لم يكن خيار جديدا فألا يمكن للسلطة المغربية أن تلجمه؟ ولربما من شأن هذه التصريحات القديمة الجديدة أن تفسد كل مساعي الوساطة بين البلدين، والتي أعلنت بعض الدول العربية استعدادها للقيام بها.
وحاول المسؤولون في المغرب الإعلام المقرب من القصر أيضاً، منذ التصريح الأول للدبلوماسي المغربي، إظهار “خطيئته” على أنها موقف عابر، من خلال تجاهلها من قبل العاهل محمد السادس، في خطاب العرش، ثم تصريح رئيس الحكومة المغربية، لكن تبين أن تلك التصريحات كانت موقفا مبدئيا وعمليا عدائيا مغربيا تجاه الجزائر.
ويرى دبلوماسي جزائري سابق، إن نظام المغرب “ماض في سياساته العدائية تجاه الجزائر، عكس التصريحات التي تصدر من حين إلى آخر عن المسؤولين المغاربة، والتي تظهر عكس أفعالهم..”.
ويعتقد الدبلوماسي السابق، أن الإضرار بالجزائر تحولت إلى عقيدة لدى المسؤولين في الجارة الغربية: “هم ماضون في خارطة الطريق التي رسموها، والتي تقوم على إلحاق الضرر بالجزائر بأي ثمن، لكنهم لن يفلحوا، لأن الجزائر على دراية بكل الألاعيب والمناورات التي تحاك ضدها”.
حديث الدبلوماسي المغرب عن تقرير مصير «الشعب القبائلي» خارج الصواب وافتقد إلى بُعد النظر والنضج الدبلوماسي. لأنه تناسى أن «الشعب القبائلي» ليس أقلية استوردها الحكام الجزائريون من بلد آخر، بل مكوِّن أساسي في المجتمع الجزائري موجود على تلك الأرض منذ آلاف السنين.
كما تناسى هلال أن «الشعب القبائلي» موجود أيضا في كل المغرب، وأن «قضيته» في شمال المملكة على وجه الخصوص، لا تقل تعقيدا عن «قضية» قبائل الجزائر، وعلاقته بالسلطة في الرباط أكثر حساسية من علاقة سكان تيزي وزو وبجاية بالحكم الجزائري.