الوقت- نقلت الإمارات مؤخراً ستة معتقلين سابقين في غوانتانامو إلى اليمن في خطوة غريبة. وكان الستة من بين 19 معتقلا اعتقلوا بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر في أفغانستان وباكستان، وكانوا محتجزين في الإمارات من 2015 إلى 2017، عندما أفرجت الولايات المتحدة عنهم من غوانتانامو. وتشير الدلائل الآن إلى أن حكومة الإمارات أفرجت عنهم جميعاً وأرسلتهم إلى محافظة حضرموت بشرق اليمن على أساس إعادة تأهيلهم.
يعتقد خبراء الأمم المتحدة الآن أن الإعادة القسرية للمعتقلين إلى اليمن يمكن أن تنتهك القانون الدولي، ولكن الأهم من ذلك أن الإمارات قد أعطت قضية الجماعات التكفيرية، أهمية في ظل التطورات الحالية في غرب آسيا وآسيا الوسطى. ما هي أهداف تحركهم الأخير للإفراج عن معتقلي غوانتانامو الستة السابقين وإرسالهم إلى اليمن؟
ثلاثة تطورات رئيسة وفرض الهزيمة على الدائرة الأمريكية -العربية-العبرية
عند تحليل قضية إرسال ستة معتقلين سابقين في غوانتانامو إلى اليمن كانوا أعضاء سابقين في تنظيم القاعدة الإرهابي، من الضروري أولاً اعتبار أن هذا يتم في وضع تعرف فيه الدائرة الأمريكية والعربية والعبرية، والتي تعتبر نفسها العدو رقم واحد لمحور المقاومة، أنهم أصيبوا بهزائم كبيرة في محاور مختلفة. على المستوى الشعبي، نرى الولايات المتحدة، بعد ما يقرب من عقدين من الوجود العسكري في أفغانستان، تقبل هزيمة كاملة بقبول طريق الخروج حتى 11 سبتمبر من هذا العام، وعمليًا بفشل جميع وعود واشنطن بهزيمة التطرف في أفغانستان والوفاء به، ولقد فشلت أيضا بإرساء حكومة ديمقراطية قوية في أفغانستان. كما رأينا في الشهر الماضي أن الجيش الأفغاني الذي يدعمه ويدربه الجيش الأمريكي، قد فشل في الدفاع عن المدن وحدود البلاد المختلفة ضد طالبان، وعمليًا، تُرِكت حكومة أشرف غني في حالة من الارتباك.
في المستوى الثاني، وعلى عكس الخطط الأولية للسعودية وحلفائها لهزيمة أنصار الإسلام في اليمن، فإن جميع المعادلات الميدانية تظهر أن التحالف العربي قد فشل تمامًا ولم يفشل فقط في هزيمة أنصار الإسلام، ولكن الجماعة الآن في الموقف الأقوى، ربما منذ بداية الأزمة اليمنية. كما تعرضت السعودية لهجمات متكررة بصواريخ وطائرات مسيرة من قبل أنصار الله خلال السنوات القليلة الماضية، واتضح للجميع أن الرياض غير قادرة على التصدي للهجمات التي تنفذها صنعاء.
في المستوى الثالث، على الساحة السياسية العراقية، نرى أنه بعد قرار مجلس النواب العراقي بإخراج القوات الأجنبية من البلاد، ازداد ضغط الرأي العام والتيارات السياسية بخروج المحتلين الأمريكيين قدر المستطاع. في غضون ذلك، في الجولة الرابعة أو الأخيرة من المحادثات الاستراتيجية بين واشنطن وبغداد، وافق الجانبان على انسحاب القوات الأمريكية بحلول نهاية هذا العام. في مثل هذه الحالة، يدرك الأمريكيون بوضوح أنه لا سبيل أمامهم للمضي قدمًا في العراق.
بشكل عام يمكن القول إن المحور العربي - العبري - الأمريكي في حالة فشل مطلق ويفتقر إلى القدرة على المناورة في المسار الجديد للأحداث. لذلك، يبدو أنهم يسعون إلى العودة إلى سياستهم القديمة واستراتيجيتهم المتمثلة في تعزيز الإرهاب وخلق أزمة، والتي ستتم مناقشتها أدناه.
اليمن مقر الخطة الجديدة لنشر التكفير
في الوقت الذي فشل فيه المحور الأمريكي العربي العبري في سياسات احتلاله في المنطقة وأصبح مطلب طردهم مطلبًا أساسياً، يبدو أنهم تحولوا مرة أخرى إلى دعم خفي للتكفيريين وخلق الجماعات الإرهابية. تمامًا كما في السنوات السابقة، أطلق الأمريكيون سرا وعلنا سراح سجناء مرتبطين بالقاعدة في العراق من سجن أبو غريب ثم أنشؤوا جماعة داعش الإرهابية، في ظل الظروف الجديدة يبدو أن حكومة الإمارات تتصرف نيابة عن واشنطن قد وضعت سياسة إرسال وتوطين المتطرفين في اليمن على جدول الأعمال.
في ظل الوضع الحالي، يمكن اعتبار أنباء إطلاق سراح ستة معتقلين سابقين في غوانتانامو بمثابة أنباء لخداع الرأي العام وتشتيت انتباهه. لأن عدد القوات الحقيقية المرسلة إلى اليمن ربما يكون أكثر بكثير من بضع مئات. الهدف الحقيقي هو تقوية أسس القاعدة والجماعات المتطرفة الأخرى في اليمن ثم دول أخرى متورطة في الأزمة في المنطقة، مثل العراق ولبنان وأفغانستان، وبالتالي خلق ساحة أزمة جديدة لتدخلها.