الوقت- رغم أنه بعد أربع انتخابات في العامين الماضيين تم تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة نفتالي بينيت أخيرًا بأغلبية ضئيلة بالأمس، لكن يبدو أن الأزمة السياسية الحادة في المجال الداخلي واستمرار جرائم الکيان الصهيوني سوف يتواصل خلال فترة نفتالي بينيت.
تصويت هش على الثقة ومستقبل متوتر
بالأمس، صوت 60 عضوًا في الكنيست لصالح حكومة بينيت، وعارضها 59 عضوًا، وهکذا تم تشكيل الحكومة الجديدة بالحد الأدنی من الأغلبية البرلمانية أي 20 عضوًا، وأصبح نفتالي بينيت رئيس الوزراء الثالث عشر للکيان الصهيوني ورئيس مجلس الوزراء السادس والثلاثين لهذا الکيان.
کذلك في التصويت الذي جری، تم اختيار "ميكي ليفي" عضو حزب "يش عتيد"(هناك مستقبل) رئيسًا للكنيست. هذا في حين أن "ياري ليفين" من الليكود، برئاسة بنيامين نتنياهو، کان يرأس الكنيست الصهيوني من قبل.
وهكذا، أنهی كنيست الکيان الصهيوني رئاسة بنيامين نتنياهو لمجلس الوزراء الممتدة لـ 12 عامًا، وحل محله السياسي المتشدد نفتالي بينيت، الذي لا يبدو أن وجوده سيغيِّر الطبيعة الوحشية للکيان الصهيوني.
ووفقًا لذلك، سيكون بينيت البالغ من العمر 49 عامًا رئيسًا لوزراء الكيان الصهيوني لمدة عامين، وبعده سيحل يائير لبيد محل بينيت.
نفتالي بينيت والانهيار السياسي
منذ اللحظة التي منح فيها الكنيست الثقة لنفتالي بينيت وبدأ بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلي في الاحتجاج، حتى اضطر رئيس الكنيست الإسرائيلي ياري ليفين إلى طرد العديد من النواب، اتضح أن نفتالي بينيت لن يتمتع بفترة هادئة.
من ناحية أخرى، نظم معارضو بنيامين نتنياهو مظاهرات خارج الكنيست، معربين عن سعادتهم بنهاية فترة ولايته.
وتتجلى ذروة هذا التوتر بين قادة الكيان الصهيوني في حديث نتنياهو، حيث قال في خطابه في الكنيست إن حكومة بينيت حكومة ضعيفة ومساومة قامت على تحالف غادر. قضيةٌ فسرها البعض على أنها إعلان حرب من قبل نتنياهو وحلفائه علی بينيت وأنصاره.
وهكذا، يبدو أن حجم الأزمة السياسية في الأراضي المحتلة واسع للغاية، لدرجة أنه حتى تصويت الكنيست بالأغلبية الضئيلة بالثقة لحكومة بينيت بالأمس لن يمنع الکيان من الانهيار سياسيًا.
وقد دفعت هذه الأزمة العديد من الخبراء إلى اعتبار عام 2020 كواحد من أكثر السنوات السياسية تحديًا للکيان الصهيوني منذ تأسيسه في عام 1948.
کذلك، بالنظر إلی التوجهات المتضاربة بين أعضاء مجلس الوزراء والصراع الأساسي بين نفتالي بينيت اليميني و لبيد اليساري، وصراعهما مع حزب الليكود، يبدو أنه لن يكون هناك تغيير في الانهيار السياسي الذي حدث في الكيان الصهيوني.
جرائم نتنياهو
نتنياهو، الذي أصبح رئيسًا للوزراء في 31 مارس(آذار) 2009، لم يكن لديه أي فكرة عن الإطاحة به في 13 يونيو 2020، أي بعد 12 عامًا.
أمضى نتنياهو، البالغ من العمر 72 عامًا، 15 عامًا من حياته كرئيس للوزراء، الأولى بين عامي 1996 و 1999، والثانية من أبريل 2009 إلى يونيو 2021، أي لأكثر من 12 عامًا. وهذه هي أطول ولاية لرئيس وزراء في 73 عامًا من تاريخ الكيان الصهيوني.
نتنياهو والانتفاضة الفلسطينية
لقد ارتكب نتنياهو العديد من الجرائم داخل الأراضي المحتلة خلال اثني عشر عامًا قضاها كرئيس للوزراء. جرائم أدت بالإضافة إلى استشهاد الأطفال والنساء الأبرياء وتدمير البنى التحتية الفلسطينية، إلى نشوء الانتفاضة الثالثة(ثورة السكاكين) عام 2015 والانتفاضة الرابعة(معركة سيف القدس) إبان فترة ولايته.
في معركة سيف القدس الأخيرة، اعترف الإعلام الصهيوني وشخصيات سياسية بارزة في هذا الکيان، مثل ليبرمان، بأن الکيان الصهيوني تعرض لهزيمة تاريخية نکراء في هذه المعركة أمام فصائل المقاومة.
وهكذا، مع اندلاع الانتفاضة الثالثة ومعركة سيف القدس وهزيمة الکيان الإسرائيلي فيها، اشتدت الاحتجاجات المحلية والانتقادات الدولية، الأمر الذي دفع نتنياهو إلى الانحدار أكثر فأكثر.
نتنياهو وملفات الفساد والاحتيال والاختلاس
لا تزال ملفات نتنياهو المتعلقة بالفساد والاحتيال والاختلاس مفتوحةً. حيث يتَّهم نتنياهو بالانخراط في قضايا فساد وتلقي رشاوى من رجال أعمال أجانب والتواطؤ مع بعض وسائل الإعلام، تدعی "القضية رقم 1000 و 2000".
بالإضافة إلى ذلك، مثلت سارة نتنياهو، زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي، مؤخرًا أمام محكمة في فلسطين المحتلة بتهمة الاحتيال والفساد وإساءة استخدام موارد الحكومة.
في لائحة الاتهام الأولى، اتهم بنيامين نتنياهو بتلقي هدايا مقابل مساعدة الشركات الكبرى.
وفي لائحة الاتهام الثانية، التي تشمل، مثل الأولى، تهم الاحتيال والخيانة، اتهم نتنياهو بمساعدة رؤساء تحرير صحيفة يديعوت أحرونوت على زيادة مبيعاتهم مقابل تغطية إخبارية مناسبة له.
وفي القضية الثالثة التي تشمل تهم الاحتيال والخيانة والرشوة، فإن نتنياهو متهم بأنه عندما كان مسؤولاً عن وزارة الاتصالات بالإضافة إلى كونه رئيسًا للوزراء، فرض قوانين مراقبة وسائل الإعلام بطريقة كانت لصالح "شاؤول الوفيتش"، وهو مساهم رئيسي في شركة اتصالات.
الاعتداء علی سوريا واغتيال علماء إيرانيين
وجد نتنياهو الفرصة المواتية منذ عام 2017 بعد أن تولى ترامب منصبه، وهاجم بشكل متكرر مواقع على الأراضي السورية؛ وحتى داخل إيران قام بأعمال مثل اغتيال العلماء، بما في ذلك اغتيال الشهيد فخري زاده، فضلاً عن استهداف المنشآت النووية.
احتلال القدس ومرتفعات الجولان
أقدم نتنياهو علی ارتکاب أبشع الإجراءات خلال ولاية ترامب التي استمرت أربع سنوات.
حيث أعلن ترامب بناءً على طلب نتنياهو أن مرتفعات الجولان(الأراضي المحتلة في سوريا التي احتلها الکيان الإسرائيلي خلال حرب الأيام الستة عام 1967)مملوكة لإسرائيل، وافتتح في احتفال رسمي السفارة الأمريكية الجديدة في القدس، واعتبر هذه المدينة عاصمةً للکيان.
تطبيع العلاقات مع بعض الدول العربية
خلال رئاسة ترامب، حقق نتنياهو أقصى الاستفادة لمصالحه، وحاول التستر على فساده من خلال فضح العلاقات السرية مع بعض الحكومات العربية الخائنة.
في غضون ذلك، أطلق دونالد ترامب، بالتعاون مع نتنياهو، خطته المناهضة للفلسطينيين، أي "صفقة القرن"، والتي تعني انتهاك جميع الحقوق الفلسطينية. وهي صفقة الإذلال التي لن تتحقق أبدًا، ولکنها كانت وصمة عار أخرى على السجل الأسود لنتنياهو والحكومات المساومة في المنطقة.
الولايات المتحدة شريك رئيس في جرائم نتنياهو
الولايات المتحدة هي داعم رئيس للکيان الصهيوني وجرائمه ضد الشعب الفلسطيني المضطهد، ويتم استخدام مساعدات عسكرية ومالية واسعة النطاق من مختلف الإدارات الأمريكية، من ترامب إلى بايدن، في هذا الاتجاه. ولطالما وصف العديد من المسؤولين الصهاينة، بمن فيهم نتنياهو، واشنطن بأنها داعم قوي لإسرائيل.
وفي هذا الصدد، يقول "جاويد قربان أوغلي"، الخبير في شؤون غرب آسيا: "هناك مبدأ استراتيجي وغير حزبي في السياسة الخارجية الأمريكية، يقوم على التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل. وانطلاقاً من هذا المبدأ، وهو نهج سياسي - أمني لواشنطن، فإن الولايات المتحدة ملتزمة بالحفاظ على وجود وأمن الکيان الصهيوني، وقد أثبتت هذا الدعم في مختلف المجالات. ولذلك يمكن القول إنه بدون الدعم الأمريكي، وخاصةً توفير المساعدة العسكرية السنوية، والتي تتراوح بين 3 و 4 مليارات دولار، يفتقر الکيان الصهيوني بشكل أساسي إلى القدرة اللازمة لقمع الفلسطينيين ومواصلة الاستيطان والهجمات ضد الدول المجاورة. أدلةٌ تظهر دعم مختلف الإدارات الأمريكية لجرائم نتنياهو في السنوات الـ 12 الماضية."
رد الفعل الفلسطيني واستمرار المقاومة
لطالما شدد الفلسطينيون على المقاومة ضد الكيان الصهيوني في أوقات مختلفة، وهذه المرة أيضًا وعلى الرغم من التغييرات الواضحة التي حدثت في الکيان الصهيوني، فقد أكدوا أنهم لا يعيرون اهتمامًا بهذه التغييرات ويصرون دائمًا على نيل حقوقهم.
وفي أول ردود الفعل على رئاسة بينيت للوزراء، أكد إسماعيل رضوان، أحد قادة حرکة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس، أنه أيا كان رئيس وزراء إسرائيل، فسوف ننتهج سياسة المواجهة الشاملة معه لتحقيق رؤية شعبنا للحرية.
الاستنتاج
على الرغم من أنه بعد أربع انتخابات في العامين الماضيين، تم تشكيل حكومة نفتالي بينيت الجديدة أخيرًا بأغلبية ضئيلة أمس، ولکن يبدو أن الأزمة السياسية في الأراضي المحتلة ستستمر ولن يتمكن نفتالي بينيت من تغيير مسار الزوال الذي يتجه إليه الکيان الصهيوني.
زوالٌ يبدو بالطبع أقرب من أي وقت مضى بعد جرائم نتنياهو في احتلال القدس على مدى السنوات الـ 12 الماضية، والاعتداء على المسجد الأقصى والعدوان المتواصل على سوريا واغتيال علماء إيرانيين وسفك دماء الأبرياء من النساء والأطفال.