الوقت- التقى الجنرال قمر جاويد باجوا رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الباكستاني بالرئيس أشرف غني ورئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية عبد الله عبد الله.
وعلى الرغم من عدم الإعلان عن تفاصيل لقاء باجوا مع أشرف غني وعبد الله حتى الآن، يبدو أن الجانبين ناقشا آخر التطورات في عملية السلام الأفغانية والوضع في المنطقة.
هذا وتعد زيارة باجوا إلى كابول ذات أهمية كبيرة كونه مسؤول عسكري باكستاني رفيع المستوى.
دور باكستان ومصالحها في عملية السلام الأفغانية
تسعى باكستان إلى اتفاق لتقاسم السلطة في أفغانستان. حيث انه إذا لعبت طالبان دورا أكبر في الحكومة الأفغانية، فستكون للحكومة علاقات ودية أكثر مع إسلام أباد، لذلك من المهم جدا لباكستان أن يتم تشكيل الحكومة الأفغانية المقبلة بمشاركة طالبان.
ومن ناحية أخرى، تتمتع باكستان بموقع فريد لاستخدام الهيكل المتشكل من مرحلتين لعملية السلام بسبب علاقتها مع امريكا وطالبان. وخلال محادثات قطر، ساعدت باكستان أيضا في جلب طالبان إلى طاولة المفاوضات، ما أدى في النهاية إلى عقد الاتفاق. حيث حضر وزير الخارجية الباكستاني شاه مسعود قريشي مراسم توقيع اتفاق السلام بين امريكا وطالبان في 29 فبراير 2020 في الدوحة وهنأ الجانبين.
وفي الوقت نفسه، تجدر الإشارة إلى أن باكستان من غير المرجح أن ترغب في سيطرة طالبان الكاملة على أفغانستان. ففي المقام الاول ان علاقات باكستان مع طالبان ليست متكاملة. وثانياً، لا تريد باكستان إمارة إسلامية في أفغانستان.
وبناءً على ذلك، فإن النهج الباكستاني الحالي لعملية السلام في أفغانستان يدور حول مشاركة طالبان في توزيع السلطة أكثر من كونه احتكارا للسلطة في يد طالبان، على عكس التسعينيات عندما ادعت باكستان احتكارها للسلطة في يد طالبان في أفغانستان. لكن اليوم، توصل قادة إسلام أباد إلى استنتاج مفاده بأنه بسبب صعود طالبان إلى السلطة والنفوذ في المناطق القبلية، فإن احتكار طالبان للسلطة في الجارة الشمالية أفغانستان، يمكن أن يشكل تهديدا محتملاً للسلامة الإقليمية والاستقلال الداخلي في باكستان.
مهمة الجنرال الباكستاني رفيع المستوى في أفغانستان
كما ذكرنا سابقا، فإن عملية السلام الأفغانية مهمة جدا لباكستان، وباكستان مصممة جدا على أن طالبان يمكن أن تلعب دورا في الحكومة المستقبلية لأفغانستان. لذلك، وبالنظر إلى أن عملية السلام الأفغانية تجري حاليا على شكل خطط مختلفة، بما في ذلك خطة الدوحة أو القمة المقبلة في اسطنبول، فإن باكستان تحاول أيضا تسهيل هذه المحادثات من خلال ايصال طالبان الى السلطة.
وبالإضافة إلى محادثات السلام، فإن أحد مخاوف باكستان الدائمة في علاقاتها مع أفغانستان هو خلافاتها حول خط ديورند الحدودي، وكانت هذه القضية دائما محور الاجتماعات والمحادثات بين المسؤولين في البلدين. ففي الواقع، على الرغم من أن باكستان ليس لديها حاليا مخاوف جادة وفورية بشأن هذا الخط الحدودي، إلا أنها واحدة من البلدان التي لديها احتمالية عدم الاستقرار السياسي بسبب التركيبة العرقية والتنمية غير المتوازنة والمشاركة السياسية غير المتوازنة التي تحرض على الميول المتباينة والانفصالية في ذلك البلد. حيث بلوشستان وخيبر بختون خواه منطقتان محرومتان من الحكومة المركزية وغير راضيتين إلى حد ما، والمناطق القبلية المتاخمة لأفغانستان هي الأساس لضعف سيطرة الحكومة المركزية لإسلام أباد وسيطرتها. لذلك، يمكن أن يكون التباين في خط ديورند عاملاً، من بين متغيرات أخرى، يهدد الأمن القومي لباكستان وسلامة أراضيها. لذلك، يبدو أنه من مصلحة باكستان ان تعترف الحكومة المركزية في كابول بهذا الخط والتخلي عن أي نوع اخر من المطالبة بالأراضي التي تتجاوز هذا الخط، وبالتالي فإن النقاش حول هذا الخط الحدودي هو دائما أحد محاور الاجتماع الثنائي للقادة رفيعي المستوى في كلا البلدين.
وهناك نقطة أخرى يجب مراعاتها وهي أن أفغانستان تعد ساحة للتنافس بين الهند وباكستان. لذلك، فإن أحد مطالب المسؤولين الباكستانيين من أفغانستان هو نوع نظر كابول للهند. وترى باكستان، التي تخوض صراعا تاريخيا مع الهند، أن أفغانستان يجب ألا تنظر إلى الهند كشريك إقليمي استراتيجي. وتتوقع باكستان أن تقبل أفغانستان باكستان كشريك استراتيجي لها وأن تأخذ الاعتبارات الباكستانية على محمل الجد في سياستها الخارجية مع الهند.
وفي أفغانستان هناك مخاوف كبيرة بشأن تقاسم السلطة مع طالبان، ويخشى الهزارة والطاجيك من أن تقاسم السلطة مع طالبان يمكن أن يؤدي إلى احتكار عرقي للسلطة في أيدي الباشتون المدعومين من باكستان. وربما لهذا السبب يحاول مسؤول عسكري باكستاني كبير أثناء زيارته لأفغانستان ولقائه مع المجلس الأعلى للمصالحة تهدئة بعض مخاوف القبائل الأفغانية الأخرى من انضمامها إلى طالبان في السلطة.