الوقت- يستمر إعدام الإخوان في مصر حتى خلال شهر رمضان المبارك، وقد جذبت هذه القضية انتباه وسائل الإعلام التركية، بينما وضعت حكومة أردوغان إعادة ربط الأسلاك المقطوعة مع القاهرة على جدول أعمالها.
لفت إعدام 17 من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين خلال شهر رمضان المبارك انتباه محافل الإخوان المسلمين، حيث شكل البرلمان التركي مجموعة صداقة تركية مصرية بناءً على طلب حزب العدالة والتنمية.
لكن في هذه الأيام، تستعد حكومة أردوغان بجد لبدء عملية تطبيع العلاقات بين تركيا ومصر في أسرع وقت ممكن. لكن في هذا السياق، وصل خبر من مصر أن وزارة العدل أعدمت 17 من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، بتهمة مهاجمة قاعدة كرداسة على أطراف القاهرة، قُتل خلالها قرابة 20 ضابط من افراد شرطة.
أثار نبأ إعدام محكومي كرداسة، ليس فقط كونه نفذ في شهر رمضان المبارك، بل بسبب تناقضه مع الأنباء السابقة، استغرابا وغضبا في أوساط جماعة الإخوان التركية.
من خبر الإفراج إلى الإعدام
في وقت سابق تم الاعلان أن حكومة عبد الفتاح السيسي قررت الإفراج عن أكثر من 1700 معتقل من جماعة الإخوان لإظهار حسن نيتها تجاه أنقرة. لكن اتضح لاحقا أنه تم إطلاق سراح 120 شخصا من ذوي الرتب الدنيا فقط، ولم تكن الحكومة المصرية نفسها على استعداد لإثارة ضجة حول إطلاق سراح هؤلاء الأشخاص.
وقال الحاج حسن جبريل، وهو أحد رجال جماعة الإخوان المسلمين من محافظة الاسكندرية الذين تم الافراج عنهم: "لم يطرأ أي تغيير على آراء حكومة السيسي بشأن الإخوان المسلمين، ولا ينبغي أن يُنظر إلى إطلاق سراح عدد محدود من الأشخاص على أنه مؤشر على تحول سياسي أو قرار كبير".
ويعتقد المحللون السياسيون أن إعدام الإخوان في قضية الهجوم على مقر كرداسة، في الحقيقة، يبعث برسالة مفادها أن الحكومة المصرية لا تريد أن تنظر الى كل جماعة الإخوان بعين واحدة، ومن ناحية أخرى، فقد تم إعداد توثيق هذه القضية بطريقة لا يمكن اعتبار إعدام هؤلاء مجرد أعضاء أيديولوجيين وسياسيين في جماعة الإخوان المسلمين المصرية.
كل هذا يحدث في وقت تشكلت فيه مجموعة الصداقة بين أنقرة والقاهرة في البرلمان التركي بناء على طلب حزب العدالة والتنمية وتمت الموافقة عليها بأغلبية النواب.
في غضون ذلك، اتخذت حركة حماس موقفاً ضد جو بايدن وأعلنت دعمها لتركيا.
وندد المتحدث باسم حماس، سامي أبو الزهري، بخطوة جو بايدن للاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن ودعم تركيا. ووصف أبو زهري سلوك بايدن بأنه لعبة سطحية وقديمة، قائلاً إنه من المخجل الإساءة إلى عواطف أقليات الدولة واعتباره كسلاح انتخابي للاستهلاك الداخلي.
اصداء إعدام الإخوان في الإعلام التركي
تناولت صحيفة ناشونال جازيت، المعروفة باسم الجهاز الإعلامي لحزب السعادة (حزب إسلامي أسسه طلاب أربكان الراحل)، بالاضافة الى صحيفة ديريليش خبر إعدام الإخوان على صفحتها الأولى فقط.
في المقابل، تجاهلت الصحف الكبرى مثل صباح، والحرية، وتقويم، وتركيا، وييني شفق، وأكشام، وآخرون مقربون من مركز أبحاث حزب العدالة والتنمية، هذه القضية، ولم ينشر سوى عدد قليل من الأخبار القصيرة على الإنترنت حول هذا الامر.
واللافت أن وكالة أنباء الأناضول الرسمية، التي سبق لها أن نشرت مئات الأخبار والتقارير وألبومات الصور ومقاطع الفيديو عن جماعة الإخوان المصرية، قامت بتغطية أخبار الإعدامات الجديدة في العنوان الرئيسي، وبدلاً من الإشارة إلى عضوية هؤلاء في جماعة الإخوان المسلمين المصرية استخدمت عبارة "المدانون في حادثة كرداسة".
وكتب صالح تورهان، الذي تم تعيينه رئيسا لجمعية شباب الأناضول (AGD) ورئيسا للوقف الوطني للشباب، في تغريدة احتجاجية: "استشهاد سعيد! يا سادة أرض يوسف! في مصر، في ظل الحكم الاستبدادي للسيسي زعيم الانقلاب، تم إعدام 17 من الإخوان المسلمين. واضاف "نحن واثقون من ان الذين لا يتخلون عن الظلم في شهر رمضان سيواجهون عذاباً أليما".
وكتب تورهان ايضا تغريدات أخرى حول تعازيه لقتلى الجنود الأتراك في شمال العراق، وتحرير القدس، وتغريدات تندد بقمع الصين لمسلمي الإيغور، وأعرب في الوقت نفسه عن تعازيه بوفاة زوجة رئيس تحرير صحيفة ناشيونال جازيت.وأظهر انه لا يتردد في اظهار علاقاته مع طلاب أربكان وحزب السعادة ونشر محاضرات فيديو عن أربكان لمناهضة أمريكا.
الصمت الهادف لقادة الحزب
على مدى السنوات القليلة الماضية، غالبا ما أشار أردوغان إلى الرئيس المصري في جميع خطاباته بعبارات مثل "السيسي القاتل" و"السيسي المنقلب" واستخدم أصابعه لرسم علامة ميدان الرابعة في مصر. لكن من الواضح الآن حدوث تطورات سياسية جديدة، حيث أدت هذه التطورات، خاصة في منطقتي شرق المتوسط وشمال إفريقيا، إلى تحول واضح في السياسة الخارجية للحكومة التركية.
الى ذلك تظهر الطريقة التي يواجه بها الحزب ووسائل الإعلام التابعة له أن تطبيع العلاقات مع مصر أصبح أولوية حيوية.
وبعبارة أخرى، فإن قضية مهمة تسمى المصالح السياسية والاقتصادية المستدامة أمر حيوي بالنسبة لحكومة حزب العدالة والتنمية، ويبدو أن أنقرة قد خلصت إلى أنه يجب الحفاظ على العلاقة المجمدة بين أنقرة والقاهرة من أجل الحفاظ على المصالح في شرق البحر المتوسط. وبعد 8 سنوات يجب أن يعاد إحياء هذه العلاقة من جديد، ولم ير أي مواقف متشددة من قيادات حزب العدالة والتنمية بشأن إعدام الإخوان.
وعلى الرغم من أن شخصيات إخوانية مهمة مثل يوسف كابلان، المحلل في جريدة يني شفق، والبروفيسور ياسين أكتاي، المستشار العربي لأردوغان، والكاتب في يني شفق، قد نشروا في السابق على نطاق واسع عن اضطهاد الإخوان، إلا أنهم تجاهلوا هذه المرة خبر إعدام محكومي الكرداسة، ومن المرجح أن نرى قريباً بداية جولة جديدة من العلاقات التركية المصرية.