الوقت- يحيي أبناء الشعب اليمني هذه الأيام الذكرى الثالثة لاستشهاد الرئيس الشهيد "صالح علي الصماد، الرئيس السابق للمجلس السياسي الأعلى اليمني، الذي استشهد على يد قوات تحالف السعودي الإماراتي الغازي، والذي أظهر خلال السنوات التي سبقت استشهاده بأنه لا شيء يمكن أن يوقف عزيمته ومقاومته للقوات الغازية.
الحياة السياسية للرجل الثاني في حركة "أنصار الله" اليمنية
لقد كان الرئيس الشهيد "صالح الصماد" هو رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن، والمسؤول السياسي لحركة "أنصار الله" اليمنية وهو من مواليد 1 كانون الثاني 1979 في قرية "بني معاذ" مديرية "سحار" بمحافظة صعدة، تخرج من جامعة صنعاء وعمل مدرساً في مدارس صعدة. تهدم منزله بالغارات الجوية للطائرات الحربية كما تدمرت مزارعه، واستشهد اثنان من أشقائه في الاشتباكات ولاحقته قذائف الدبابات والمدافع إلى كل متراس وجرف بهدف قتله. لمع نجم صالح الصماد في حرب صعدة الثالثة حين فتح جبهة مقاومة في بني معاذ لتخفيف الضغط العسكري على مران ونشور وضحيان، وقاد مواجهات شرسة في المناطق القريبة من مدينة صعدة.
درس الرئيس الشهيد "الصماد" العلوم الدينية على يد المرجعيات الدينية في اليمن والسيد "بدر الدين الحوثي" الذي من خلاله ارتبط بنجله السيد الشهيد "حسين بدرالدين". وشغل منصب مستشار رئيس الجمهورية عن جماعة انصار الله عام 24/ 9/ 2014. حظي "الصماد" بثقة زعيم حركة "أنصار الله" ومع محاولة، "علي عبد الله صالح"، الانقلاب على هذه الحركة في كانون الأول/ ديسمبر 2017، ظهر السيد القائد "عبد الملك الحوثي" مخاطباً أنصاره وأنصار"علي صالح" بقوله: "جمهورية برئاسة صالح الصماد ومن قرح يقرح". وما هي إلا ساعات حتى تمكّن "الصماد"، بالتفاف قيادات الحركة من حوله، من القضاء على انقلاب صالح، والحفاظ على الوضع الأمني في صنعاء والشمال، وصيانة تماسك أكثر من 40 جبهة قتال تحارب عليها الحركة. عقب ذلك، تمكن الصماد من تجاوز تداعيات مقتل صالح، والحفاظ على تحالف "أنصار الله" وحزب "المؤتمر"، واستئناف عقد جلسات البرلمان الذي ينتمي أغلب أعضائه إلى حزب "علي صالح". ولقد عُرف عن "الصماد" نزاهته ومناهضته للفساد المالي والإداري. وفي هذا تقول مصادر اخبارية، إن "الصماد" لا يملك منزلاً في العاصمة صنعاء، وإنه كان يقيم خلال السنوات الأربع الماضية في منزل مستأجر.
دور الشهيد "الصماد" في التلاحم الوطني والتنمية العسكرية في اليمن
خلال فترة رئاسته، استقطب الرئيس الشهيد "الصماد" العديد من زعماء العشائر اليمنية والحزبية لحركة "أنصار الله"، ولعب دورًا مهمًا كسياسي في تعزيز مناطق "أنصار الله" بعد هجمات تحالف العدوان السعودي وفتنة "علي عبدالله صالح" في صنعاء. ولقد كانت خدمته المثالية للثورة اليمنية تتمثل في إدارته الاقتصادية وتنظيم القوات المسلحة أثناء الحرب والحصار.
فترة رئاسة "الصماد" شهدت اتخاذ خطوات أساسية لتعزيز التماسك والبناء الوطنيين في اليمن.
كما لعب الشهيد "الصماد" دورًا مهمًا في توحيد الجبهة الداخلية اليمنية وكافة الأطراف في البلاد، ووحد الرأي العام اليمني ضد العدو ببلاغته وحنكته اللغوية القوية. ورغم توليه قيادة بلاده لفترة وجيزة، فقد كرّس كل جهوده لتوحيد اليمنيين ضد عدوان التحالف السعودي الأمريكي. ولقد حدث للنظام العسكري اليمني قفزة دراماتيكية خلال فترة إدارته، وخاصة في مجال الطائرات من دون طيار والصواريخ الباليستية التي غيرت تماما معادلة الحرب اليمنية. ولقد قال الشهيد "صالح الصماد" في خطابه الرسمي الأخير قبل استشهاده: "الشعب اليمني لديه الإمكانيات والتسهيلات اللازمة لتحديث منظومته الصاروخية". ولطالما أصر الشهيد "الصماد" على أن تكون اليمن دولة مستقلة، وفي هذا الصدد لم يدخر جهدا في تنفيذ مشاريع وطنية لقمع مؤامرات العدو، وبالتالي كان كابوسا كبيرا لتحالف العدوان السعودي. ويرى العديد من المفكرين والمحللين السياسيين أن المشروع الوطني للشهيد "صالح الصماد" هو انعكاس لروحه القتالية التي لم يغريها المال والسلطة قط، في وقت باع فيه مرتزقة من أمثال "منصور هادي" بلادهم للعدو السعودي.
المشروع الوطني للشهيد "الصماد"
وفي هذا السياق، أكد محافظ محافظة صنعاء، "عبدالباسط الهادي"، أن الرئيس الشهيد "الصماد" خلد مواقفه في أنصع صفحات التاريخ وستظل الأجيال تستلهم منها معاني التضحية والفداء. واستعرض المحافظ خلال الذكرى الثالثة لاستشهاد الرئيس "الصماد" جوانب من شخصيه ومسيرته وتواضعه وما قدمه من تضحيات في مواجهة العدوان وما كان يتسم به من حكمة وحنكة سياسية في إدارة شؤون البلاد. وتطرق محافظ صنعاء، إلى أدوار الشهيد الصماد وكيف استطاع أن يوحد الصف الداخلي ويتجاوز معضلات وتحديات أثناء فترة توليه رئاسة المجلس السياسي الأعلى. ولفت، إلى أن الشهيد جسد خلال مراحل حياته أنصع صور البذل والتضحية والإخلاص .. معتبرا مشروعه الوطني "يد تحمي .. ويد تبني" دليلاً على رؤيته الثاقبة لبناء الدولة اليمنية الحديثة. وأشار محافظ صنعاء، إلى أن الشعب اليمني أصبح أكثر تماسكاً وصلابة وأن محاولات العدو للنيل من إرادته ستبوء بالفشل. من جانبه أشاد وكيل أول المحافظة حميد عاصم، بشجاعة الرئيس الشهيد الصماد وقدراته في تعزيز التلاحم والاصطفاف الوطني في مواجهة صلف وغطرسة العدوان. وأكد أن اليمن سينتصر على العدوان بصمود وتلاحم أبنائه وأبطاله المرابطين في الجبهات .. لافتا إلى ما تكبده العدوان من هزائم وخسائر منذ أكثر من ستة أعوام. بدوره تناول عضو رابطة علماء اليمن "خالد موسى"، مواقف الشهيد "الصماد" في مواجهة العدوان ومشروعه الوطني لبناء مؤسسات الدولة .. مشيدا بدوره في تعزيز الصمود والإرادة الشعبية.
"صالح الصماد" يتقدم صفوف القتال في ساحة المعركة حتى استشهاده
قضى الشهيد "صالح الصماد" أوقات فراغه في الجبهات وخلف الخنادق. وفي هذا السياق، يقول "ضيف الله الشامي" رفيقه في المعركة ووزير الإعلام لحكومة الإنقاذ: "مع تصاعد الموقف وانتشار الهجمات من قبل المعتدين السعوديين على طول الساحل الغربي، الذين أرادوا احتلال محافظة الحديدة والسيطرة على الساحل ، ذهب الشهيد الصماد ودخل ساحة المعركة بنفسه وحسم الوضع عن كثب رغم تهديدات العدو". وأضاف "الشامي" وبعد أن قال السفير الأمريكي إن الحديدة سترحب بالمعتدين بالورود، ذهب الشهيد "الصماد إلى الحديدة ليقول لا، وأخبر السفير أن أهالي الحديدة سيرحبون بالمعتدين ببنادقهم والخناجر.
الرياض تحاول بلا هوادة الوصول إلى الرجل الثاني في حركة "أنصار الله"
لقد فشل العدو السعودي في الوصول إلى الشهيد "الصماد" في السنوات الأخيرة، ووضعه في المركز الثاني بفدية قدرها 20 مليون دولار، بينما كان الشهيد "الصماد" يتنقل يوميا بين صنعاء ومحافظات وجبهات أخرى، وكان يتحرك في ضوء النهار، وهذه كانت علامة على شجاعته من جهة وفشل أجهزة التجسس التابعة للعدو من جهة أخرى التي لم تستطع العثور عليه خلال السنوات الماضية قبل استشهاده. ولكن في نهاية المطاف، في نيسان 2018، قام تحالف العدوان السعودي، باستهداف الشهيد "صالح الصماد"، الذي توجه إلى محافظة الحديدة لزيارة المناطق والجبهات الغربية، مع ستة من رفاقه، بطائرة مسيرة وفي ذلك الوقت ذكرت وسائل الاعلام اليمنية أن ذلك الهجوم الإرهابي نفذته طائرة أمريكية من دون طيار. وفي اليوم التالي للجريمة بثت القنوات التليفزيونية الموالية لتحالف العدوان السعودي الأمريكي مقطع فيديو جوي لإحدى الطائرات المنفذة للعملية، وبالفعل كشفت تلك المقاطع أن العملية كانت بتخطيط وتنفيذ أمريكي من خلال تسجيل الفيديو واللغة التي تحدث بها الطيارون لغرفة العمليات.
ولقد تزامن اغتيال الشهيد "الصماد" مع تحركات مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل في أراضي عدد من الجزر اليمنية المحتلة في البحر الأحمر منها؛ كانت جزيرة "ميمون" الاستراتيجية في باب المندب، والتي تعرضت لهجوم عسكري مكثف من قبل تحالف العدوان السعودي. إن أبناء الشعب اليمني يعتقدون أن استشهاد "صالح الصماد" سيجعل القاعدة الشعبية لـ"أنصار الله" أقوى من أي وقت مضى، وخاصة أن قادة "أنصار الله" ومنهم الشهيد "الصماد" كانوا على اتصال وثيق مع اليمنيين دون أي حراس شخصيين وينظر اليمنيون بشكل متزايد إلى "أنصار الله" على أنهم قوة يمكنها حماية البلاد من الوصاية الأجنبية. وكما أن اغتيال قادة فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية من قبل الكيان الصهيوني لم يعطل طريق المقاومة وكان له نتيجة عكسية، فإن اغتيال الشهيد "الصماد" لم يُضعف عزيمة أبناء الشعب اليمني في تحرير أراضيهم من قوات تحالف العدوان العربي الغربي الصهيوني.