الوقت- بموجب اتفاق تم التوصل إليه في صيف عام 2018 بمبادرة من الحكومة الروسية، ألقى المئات من عناصر الجماعات الإرهابية أسلحتهم الثقيلة وأخلوا المناطق المحتلة في جنوب سوريا (محافظة درعا) وتم نقلهم إلى الشمال (المناطق المحتلة من محافظة إدلب).
كما سلمت خلال الاتفاقية عدد من الجماعات المسلحة بعض الأسلحة الثقيلة، لكنها فضلت الانضمام إلى عملية المصالحة الوطنية والبقاء في المناطق الجنوبية بقبول شروط موسكو ودمشق ووفق معايير معينة، وكذلك تأمين أجزاء من محافظة درعا بمشاركة القوات الروسية والسورية.
خلال العامين ونصف العام الماضيين، ساد هدوء نسبي على الجنوب السوري، لكن عناصر مسلحة خرقت الاتفاق مع حكومتي موسكو ودمشق بذرائع مختلفة، ما أدى إلى استشهاد وإصابة عدد من قوات الجيش السوري في هجمات متفرقة واغتيالات عمياء.
أبدت الحكومة السورية حسن نيتها من خلال الصبر الاستراتيجي للحفاظ على الهدوء في المحافظات الجنوبية، وفي غضون ذلك حاولت الحكومة الروسية منع تأجيج المنطقة من خلال التفاوض، لكن الجماعات المسلحة استمرت في انتهاك الاتفاق.
هذا وشهدت الأسابيع الأخيرة تصاعدا ملحوظاً في تحركات الجماعات المسلحة (اغتيالات وتفجيرات وهجمات على مراكز الجيش) في المحافظات الجنوبية لسوريا وخاصة درعا، وظهرت موجة جديدة من انعدام الأمن على هذا المحور المهم والحساس. والذي من الممكن أن يتوسع في الأيام القادمة.
الى ذلك قامت مجموعات مسلحة باغتيال العسكريين والمدنيين ودفعت الأوضاع في الجنوب السوري إلى درجة اضطرت دمشق إلى إرسال الفرقة الرابعة من الجيش بالآليات المدرعة والمدفعية إلى ريف درعا الغربي لحفظ السلام والأمن، وهو ما بعث برسالة واضحة إلى الاطراف التي تسعى لانعدام الأمن وبدء الصراع.
وأثناء تصاعد التوترات التي يبدو أنها مدفوعة بدعم التحالف الغربي العبري العربي ودور الصهاينة والنظام السعودي، اشتبكت قوات الفرقة الرابعة في الجيش السوري مع عناصر مسلحة في مدينة طفس الاستراتيجية، لكن الروس أعادوا وقف إطلاق النار.
ومع ذلك، حذر كبار القادة العسكريين الروس الذين كانوا حاضرين في مفاوضات مدينة طفس في الأيام الأخيرة الجماعات المسلحة في جنوب سوريا من أنهم إذا لم يتخذوا خطوات للحفاظ على الاتفاق ويصرون على استمرار التوترات، فسوف يتم استهدافهم بالضربات الجوية.
وفي الأيام المقبلة، علينا أن ننتظر ونرى إلى أين سيتجه الوضع في جنوب سوريا، لكن عملية التطورات الميدانية (الوضع الأمني الوخيم) تظهر أن الجماعات المسلحة غير مصممة على تلبية مطالب دمشق وموسكو، ومن خلال تكرار الادعاءات الكاذبة تسعى الى خلق فتنة جديدة.
كما ان خروج الجماعات المدعومة من إيران من المناطق الجنوبية أحد المزاعم التي لا أساس لها من الصحة والتي تدعيها الجماعات المسلحة في محافظة درعا، الادعاءات التي نفتها موسكو ودمشق أيضا.
هذه المزاعم السخيفة تظهر بوضوح أن العناصر المسلحة تنسق بشكل كامل مع التحالف الغربي - العبري - العبري، لأن الصهاينة والأنظمة الرجعية في المنطقة سبق لها أن أدلت بتصريحات كاذبة تدعو إلى انسحاب القوات الإيرانية من جنوب سوريا. وفي الواقع فان المسلحين يكررون مزاعم هؤلاء.
الوضع الحالي في المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية لمحافظة درعا يشهد اضطرابات واتفاقاً هشاً مع المسلحين ومن هذه المناطق: "داعل، طفس، مزيرب، تل شهاب، اليادودة، صيدا ، الطيبة، كحيل، المسيفرة، الجيزة، السهوة، بصرى الشام، معربة، غصم وغيرها."
هذا وتشن الجماعات المسلحة المتمركزة في هذه المناطق، بدعم مباشر وغير مباشر من (الصهاينة، والنظام السعودي، والأردن، إلخ) هجمات على قوات الجيش السوري بهدف فتح جبهة جديدة ضد دمشق.
ومع تزايد تحركات الجماعات المسلحة، يجب على الجيش السوري تأمين مناطق مهمة واستراتيجية بشكل كامل، بما في ذلك طفس وداعل، حيث تقع هاتان المدينتان على طول طريق دمشق- درعا الرئيس، ويمكن للمسلحين بهجماتهم تعريض امن هذا الطريق للخطر.
ومن الممكن أن تقوم مجموعات مسلحة في المستقبل بمساعدة المحور الغربي - العبري - العربي بإغلاق الطريق الاستراتيجي "دمشق - درعا" ومهاجمة المناطق الوسطى والجنوبية لمحافظة درعا ومركز المحافظة (مدينة درعا) وإعادة احتلالها، ما جعل العمل الاستباقي للجيش السوري على هذا المحور أكثر ضرورة.