الوقت- خلال سنوات الحرب الطاحنة التي بدأت منذ عام 2015 في اليمن والتي أدخلت أكثر من 20 مليون يمني في دائرة الفقر والمجاعات، تكشّفت العديد من الانتهاكات والجرائم للدول المشاركة في الحرب، وأماطت تقارير دولية اللثام عن تورط دول تحالف العدوان وعلى رأسها السعودية بانتهاكات جسيمة للقانون الدولي. والغريب في الأمر أنه يبدو أن المجتمع الدولي غير مهتم إطلاقاً بما يجري في اليمن من انتهاكات بحق المدنيين وغير المدنيين، هذه الانتهاكات التي تتكشف لنا يوماً بعد يوم والتي تشرف عليها وتقودها الرياض تحت حجج واهية لا أساس لها من الصحة، فتارة يدمّرون البنى التحتية لليمن ويضعون شعبه على حافة المجاعة تحت حجة إعادة الشرعية القابعة في فنادق الرياض، وتارة يضعون كل من يقف في وجه طموحاتهم في السجون.
ووفقاً لتقارير عدد من مراكز الأبحاث العالمية، فإن الحرب اليمنية خلفت أكبر كارثة إنسانية سواء من الناحية الإنسانية أو من الناحية الاستراتيجية في العالم في القرن الحالي. ولفتت تلك التقارير إلى أنه بعد ست سنوات من اندلاع الحرب ودعم الدول العربية والغربية للسعودية وقيام هذه الاخيرة بتدمير المراكز الصحية والغذائية في اليمن، يعاني أكثر من 80 في المئة من سكان البلاد، بمن فيهم الأطفال، من سوء التغذية الحاد ووفق تلك التقارير فقد قُتل نحو 5700 طفل في هذه الحرب وهناك نحو 2 مليون طفل تركوا المدرسة. وأكدت تلك التقارير إلى أن هذه ليست سوى بعض تداعيات الأعمال الإجرامية لـ"آل سعود" الشريرة في اليمن وفي المنطقة.
وحول هذا السياق، اعترفت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، بارتكاب السعودية انتهاكات عديدة للقانون الإنساني الدولي في اليمن، بينها هجمات قد ترقى إلى جرائم حرب. وأشارت المنظمة في تقرير لها إلى استشهاد ما لا يقل عن 200 ألف مدنيا من بينهم 2,138 طفل، وإصابة 12,416 منذ 2015، وأوضحت المنظمة أن معظم هذه الخسائر جاءت نتيجة غارات التحالف الجوية على اليمنيين. كما وثقت المنظمة عدة هجمات غير قانونية للتحالف استهدفت منازل، وأسواق، ومستشفيات، ومدارس، ومساجد. وأكد التقرير أن القادة السعوديين يواجهون مسؤولية جنائية محتملة عن جرائم حرب بسبب مسؤوليتهم عن هذه الهجمات. ولفت التقرير إلى ارتكاب القوات العسكرية السعودية ومليشيات المرتزقة انتهاكات جسيمة في العديد من المحافظات اليمنية.
ونظرا لكل هذه الجرائم التي قام بها تحالف العدوان السعودي في حق أبناء الشعب اليمني خلال السنوات الماضية، شن الطيران المسيّر التابع لأبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" هجمات داخل العمق السعودي، أصابت أهدافه بدقة خلال الفترة الماضية وذلك كرداً مشروع على جميع الجرائم التي ارتكبتها الرياض في حق الاطفال والنساء اليمنيات. وحول هذا السياق، قال المتحدث باسم القوات اليمنية العميد "يحيى سريع" في بيان نشره عبر حسابه في "فيسبوك: " إن سلاح الطيران المسير نفذ خلال السنوات الماضية العديد من العمليات استهدفت مرابض الطائرات في مطار جازان بالسعودية، وأدت إلى تعطل الملاحة الجوية وعلى منشآت النفط التابعة لشركة أرامكوا". مشيراً الى أن هذه العملية تأتي ردا على جرائم العدوان وحصاره على اليمنيين وتنفيذا لوعد قائد الثورة باستهداف المنشآت الحيوية الحساسة في حال عدم توقف العدوان.
وأوضح أن القوات المسلحة اليمنية واللجان الشعبية بمختلف صنوفها وتشكيلاتها القتالية جاهزة لتنفيذ عمليات نوعية أخرى، في حال استمرار العدوان بارتكاب الجرائم وانتهاك السيادة الوطنية اليمنية، محذرا من مغبة "التمادي في حصار وتجويع الشعب اليمني ونهب ثرواته واستهداف كل اليمنيين بمن فيهم موظفو الدولة باستمرار التوقف عن دفع المرتبات". وأكد العميد "يحيى سريع" على أن القوات واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، قادرة على تنفيذ عمليات نوعية أوسع وأكبر، مشيرا إلى أن "الحل في المنطقة هو التوقف عن العدوان على اليمن"
ومن جانبه أكد عضو المجلس السياسي الاعلى في اليمن "محمد البخيتي"، أن هجمات الطائرات المسيرة ردّ على ازدراء عملية السلام. كما بيّن "البخيتي"، أن "حكومة صنعاء وافقت في العام الماضي على وقف الهجمات، وأنها كانت على استعداد لاتخاذ المزيد من الخطوات"، مضيفاً: "إلا أنه للأسف تقابل دول العدوان هذه الخطوات بالتحليلات الخاطئة ما يجعلها تنظر إلى المبادرات بالازدراء واللامبالاة". كما ذكر عضو المجلس السياسي أن القوات اليمنية انسحبت بشكل أحادي من ثلاثة موانئ على البحر الأحمر لكن تحالف العدوان الذي تقوده السعودية يمتنع عن القيام بإجراء مماثل. كذلك أكد عضو المجلس السياسي الأعلى أن الحصار المفروض على الموانئ البحرية في محافظة الحديدة من قبل قوى العدوان والمرتزقة جريمة واضحة المعالم والأركان. موضحاً أن الاستمرار في هذا الحصار أمام مرأى ومسمع العالم والأمم المتحدة جريمة أخرى تتحملها الأمم المتحدة. كما اعتبر عضو المجلس السياسي الأعلى ما قامت به الأمم المتحدة عبر المنظمة التابعة لها من ادخال للغذاء شيء إيجابي إلا أنه لا يكفي، لافتاً إلى أن ما يجب أن يتم هو إنهاء الحصار ووقف العدوان على اليمن.
وعلى صعيد متصل، أعلنت حكومة صنعاء مساء يوم السبت الماضي، عن استعدادها لوقف الطيران المسير والصواريخ الباليستية مقابل شرط وحيد. وقال القيادي "محمد علي الحوثي" في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر": "مستعدون لوقف القصف مقابل القصف إن توافرت الجدية"، مضيفاً إنه "حتى الآن القصف بالطيران الأمريكي والبريطاني والأوروبي مستمر والمعارك مستمرة". كما لفت "الحوثي" إلى أن "الطيران المسير والصواريخ ستتوقف إذا أوقفت دول العدوان قصفها على المحافظات والجبهات". وقبل أيام، كان "الحوثي" قد أكد لتحالف العدوان أن السلام لا يتحقق إلا عبر "الخطوات العملية والاتفاقات الموقعة". حيث كتب في تغريدة على "تويتر": "السلام لا تصنعه الدعوات وإنما الاتفاقات الموقعة، وأي دعوة لا نرى تطبيقها على الميدان فهي تعبير عن شعور فقط، ومن الممكن أن نبادل الشعور بشعور إذا تأكدنا من سلامة المقصد لمن يدعو للسلام فقط، ونبادل الخطوات العملية لإيقاف العدوان والحصار بخطوات عملية متزامنة إذا تم الاتفاق والتوقيع عليها".
الجدير بالذكر أنه منذ مطلع فبراير الجاري تصاعدت هجمات قوات صنعاء الصاروخية على مناطق سعودية بالصواريخ الباليستية والمقذوفات والطائرات المسيرة، وتقول حكومة صنعاء إن هذه الهجمات تأتي ردا على غارات التحالف المستمرة ضدها في مناطق متفرقة من اليمن. حيث أكد وزير الخارجية في حكومة صنعاء، "هشام شرف"، أن هجمات قوات صنعاء ضد السعودية والقوات الموالية لها ستتوقف عندما يوقف التحالف بقيادة الرياض ضرباته على اليمن. وقال شرف في مؤتمر صحفي: "أوجه رسالة اليوم للإدارة الأمريكية الجديدة وللسعوديين، عندما تتوقف ضرباتكم عن الأراضي التي تسيطر عليها حكومة الإنقاذ الوطني، ستتوقف ضرباتنا نحوكم بشكل بسيط جدا". وأشار شرف إلى أنه لا يمكن تجاهل حكومة صنعاء وحركة "أنصار الله" في أي عملية سلام في اليمن. وقال: "أنصار الله هم طرف مهم جدا في عملية السلام".
إن كل هذه الاخبار وكل هذه المعلومات تؤكد للعالم أجمع بأن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية أصبحوا قوة لا يستهان بها في المنطقة وأن وجود قوات أمريكية وبريطانية في السعودية لحماية المنشآت النفطية لن يُجدي نفعاً وذلك لأن تلك الأنظمة العسكرية الغربية أثبتت خلال السنوات الماضية عدم كفاءتها وعدم قدرتها على التصدي للطائرات الانتحارية المسيرة والصواريخ المجنحة التابعة لأبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية. كما أن تلك التقارير الاخبارية أثبتت للعالم أجمع بأن العويل السعودي لن ينفعها وأنه يجب على قادة الرياض الاعتراف والاقرار بالهزيمة والخروج من اليمن قبل أن تصل قوات صنعاء إلى مدينة الرياض. وتؤكد تلك التقارير أن استمرار الضربات الصاروخية الموجعة على الداخل السعودي، سوف تزيد الكثير من الضغوط على الرياض التي تعاني من الكثير من المشاكل الاقتصادية والسياسية على الساحة العالمية وفي نهاية المطاف، سوف تُجبر الرياض على القبول بالهزيمة.