الوقت- على الرغم من جهود دونالد ترامب لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان بعد تولي إدارة بايدن السلطة، دعا مسؤولو وزارة الخارجية الامريكية إلى استمرار الوجود العسكري الأمريكي في هذه البلاد، حتى ان إدارة بايدن دعت إلى مراجعة اتفاق السلام مع طالبان. وقال جو بايدن في أول زيارة له للبنتاغون كرئيس للجمهورية يوم الخميس إنه قد يؤجل انسحاب القوات من أفغانستان في مايو من هذا العام. جذب هذا النهج من قبل إدارة بايدن انتباه المراقبين السياسيين الآن، ما أثار التساؤل عما إذا كان سيكون هناك تحول جديد في السياسة الامريكية تجاه أفغانستان في العصر الجديد؟ وللبحث في هذه القضية، استطلع موقع الوقت التحليلي آراء بير محمد ملازهي، الخبير في شؤون أفغانستان.
الاستراتيجية الأمريكية في أفغانستان هي نفس استراتيجية إدارة أوباما وترامب!
فيما يتعلق بالاختلافات بين إدارة بايدن ونهج السياسة الخارجية لإدارة ترامب تجاه أفغانستان، يعتقد بير محمد ملازهي أنه إذا نظرنا إلى القضية بشكل واقعي، فإن السياسة الخارجية الأمريكية لا تحدد من قبل الرئيس وحده، بل تقوم المجموعة الحاكمة لهذه الدولة بتحديد الاستراتيجية العامة للبلاد ويقوم الرئيس بتنفيذها نوعا ما. وبناءً على هذا الاعتبار يمكن القول إنه في نهاية رئاسة باراك أوباما قدم الاستراتيجيون الأمريكيون لرئيس البيت الأبيض أنه لا يوجد حل عسكري للمشكلة الأفغانية، وإذا أصروا على الحل بالقوة العسكرية، فإن هزيمة قاسية ستكون بانتظار امريكا وحلفائها. لذا دفع هذا التقييم أوباما إلى تغيير استراتيجية امريكا الكبرى في أفغانستان.
وأضاف إن هذا النهج استمر في إدارة دونالد ترامب وكان الفارق أن الإصرار على مغادرة أفغانستان والتوصل إلى اتفاق مع طالبان أثير بجدية أكبر. وفي هذا الصدد، رأينا أنه في ظل إدارة زالماي خليل زاد، جرت حوالي 12 جولة من المحادثات بين واشنطن وطالبان في الدوحة، وتم توقيع اتفاق سلام أخيرا. وكان لاتفاق السلام محورين رئيسيين: الأول أنه لا ينبغي أن تصبح أفغانستان مكانا للجماعات المتطرفة مثل القاعدة وداعش لاستهداف المصالح الأمريكية، والآخر هو أن الأمريكيين وافقوا على سحب قواتهم من أفغانستان. بالطبع، كان جزء آخر من الاتفاقية هو أن تدخل طالبان في مباحثات مع الحكومة المركزية لأفغانستان وان تضع حلاً شاملاً للسلام في هذا البلد. وأضاف إن "طالبان كانت مترددة في التوصل إلى اتفاق مع كابول ولم يؤخذ الأمر على محمل الجد، ولكن على مستوى الاتفاق مع امريكا رأينا عقد اتفاقية سلام".
بايدن يواصل استراتيجية إدارة ترامب.. لكنه يغير في التكتيكات
وفي جزء آخر من حديثه حول نهج سياسة حكومة بايدن الخارجية تجاه أفغانستان في الوضع الجديد، قال الخبير في شؤون أفغانستان: حتى نهاية وجود ترامب في البيت الأبيض، لم يتم تنفيذ سوى جزء من اتفاق طالبان مع الحكومة الأمريكية وتم تناسي إلى حد ما الجزء الذي يتضمن الاتفاق بين طالبان وكابول. لكن بعد أن تولى بايدن منصبه، أصبح من الواضح أن الأهداف الرئيسة للاتفاق لم تتحقق. ويبدو أن الاتفاق بين طالبان وامريكا كان يملك جانباً سرياً حيث يعتقد بعض المراقبين أنه يجب على الأمريكيين الاحتفاظ بعدد محدود من القوات في أفغانستان. وعلى هذا الأساس، ادعى مسؤولون في حكومة بايدن ان بعضاً من قواتهم ستبقى في افغانستان. وحقيقة الأمر هي أن أفغانستان لها أهمية استراتيجية خاصة بالنسبة لامريكا. فهي تجاور الصين وإيران وآسيا الوسطى وحتى روسيا، لذلك من الطبيعي أن ترغب الحكومة الامريكية في البقاء في البلاد، وإن كان ذلك بشكل محدود. وبشكل عام، يمكن التأكيد على أن استراتيجية إدارة بايدن لم تتغير كثيرا منذ عهد ترامب، وما نراه الان هو تغيير في التكتيكات فقط.
بايدن يسعى لتعديل سياسات طالبان
وقال ملازهي فيما يتعلق بزيادة وتيرة النزاع بين امريكا وطالبان جراء سياسة بايدن: "بشكل أساسي، لا يمكن وضع توقعات محددة في هذا الصدد، فقد مر 40 عاما من الحرب والصراع والأزمات واحتلال افغانستان من قبل الاتحاد السوفيتي وامريكا على مرحلتين. وقد رأينا أيضا اختلافات عرقية ودينية وقبلية قوية في هذا البلد، لذا فإن موثوقية أي تنبؤات منخفضة. وفي ظل كل هذا، يبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستجبر طالبان على تعديل سياساتها. وفي غضون ذلك، قد تكون هناك تضحية لتغيير هذا النهج، وهو ما قد يكون تنحية أشرف غني والرئيس عبد الله عبد الله. وفي ظل هذه الظروف، يمكن أن يدخل عبد الله في محادثات سلام مع طالبان، لكن لا شك في أن مبادرة السياسة الخارجية الأمريكية ستفشل في المستقبل.