الوقت - كشف موقع "إمارات ليكس"، بالأمس، نقلاً عن بعض المصادر، أن أبو ظبي تحاول فرض "محمد دحلان"، القيادي الفتحاوي المنشق من الحرکة والمستشار الحالي لولي عهد أبوظبي، على الانتخابات الفلسطينية العامة المقبلة، وإعادته إلى الساحة السياسية.
وبحسب الموقع، قامت أبو ظبي بتحركات سياسية واسعة النطاق لفرض دحلان على "محمود عباس" رئيس السلطة الفلسطينية وحركة فتح.
يمكن النظر إلى هذه الخطوة على أنها استعداد الإمارات للتدخل في مسار التطورات الداخلية في فلسطين عشية الانتخابات البرلمانية والرئاسية العامة، والتي من المقرر إجراؤها هذا العام بعد توقف دام 14 عامًا، عقب الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين حرکتي حماس وفتح.
سيناريو طيّ صفحة محمود عباس
من المؤکد أن أحد الأهداف المهمة لمساعي أبوظبي السياسية الجديدة للتأثير على التطورات في فلسطين عشية الانتخابات (انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في 22 مايو 2021، وانتخابات 31 يوليو الرئاسية، وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني في 31 أغسطس)، هي المحاولة للإطاحة بمحمود عباس من منصب رئيس السلطة الفلسطينية وحركة فتح.
بعد إعلان الإمارات ثم البحرين العام الماضي توقيع اتفاقية لتطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني، فإن محمود عباس الذي رأى مصداقيته ومکانته السياسية في خطر بوصفه مروِّجاً لسياسة التسوية من أجل حقوق الفلسطينيين، رفض، رغم ضغوط أبو ظبي والرياض، تأييد خيانة الإمارات والبحرين للشعب الفلسطيني والتزام الصمت إزاء ذلك، وانتقدها بشدة.
وعليه، في الظروف الجديدة، فإن مفتاح السياسة الخارجية لدولة الإمارات تجاه القضية الفلسطينية هو محمد دحلان، الذي يعمل مستشارًا لمحمد بن زايد.
ولد دحلان في "خان يونس"، وكان سابقاً رئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في غزة، ويعيش في المنفى في أبو ظبي منذ 2011.
لدی دحلان علاقات وثيقة مع عائلة آل نهيان المالكة، ويحظی بدعم الحكومة المصرية أيضاً. ويقال إن مسؤول فتح السابق له تأثير كبير على قرارات ولي العهد بشأن القضايا المتعلقة بفلسطين. وستكون عودة دحلان إلى الأراضي الفلسطينية ليحلّ محل محمود عباس، وضعاً مثالياً لأبو ظبي.
تنتشر في غزة والضفة الغربية تكهنات حول دور دحلان المسهِّل في اتفاقية التطبيع. لکنه نفى بشدة أن يكون له مثل هذا الدور، إلا أن رفضه إدانة الصفقة أثار الشكوك بشأنه.
كما تحدث دحلان عن اتفاق التطبيع مدافعاً عن قرار الإمارات، قائلاً: "الإمارات العربية المتحدة حاولت ممارسة ضغوط مباشرة على الإدارة الأمريكية والأطراف الأخرى لإنهاء خطة ضم المستوطنات المحتلة وخطة ترامب للسلام، بقرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية لعام 2002".
وکان "نبيل شعث" المسؤول البارز في فتح الذي يعمل مستشاراً لعباس، قد قال إن دحلان كان جزءاً من "هندسة" اتفاقات إبراهيم.
بدوره قال "عدنان الدميري" المتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية في رام الله، لوکالة فرانس 24، "نحن واثقون من أن(دحلان) كان شريكًا ومؤيدًا للتطبيع". كما توافق حماس مع هذا التقدير أيضاً.
لذلك، بالنظر إلى المشاعر القوية المعادية للإمارات بين جميع الفلسطينيين، تحاول الإمارات إرسال دحلان إلى الضفة الغربية للحفاظ على نفوذها في القضية الفلسطينية. وتدرك أبو ظبي أن الولايات المتحدة والکيان الإسرائيلي يدعمان أيضًا هذه الشخصية المثيرة للجدل.
وفي وقت سابق، قال سفير واشنطن في الأراضي المحتلة "ديفيد فريدمان" لصحيفة "إسرائيل هايوم"، إن الولايات المتحدة تعتبر دحلان منافسًا محتملاً للرئاسة الفلسطينية.
استراتيجية الاستقرار السلطوي والعداء للإخوان المسلمين
الهدف الآخر لمحمد بن زياد في دعم دحلان هو سجله المناهض للإخوان المسلمين. لا يدعم بن زايد إقامة دولة فلسطينية مستقلة من حيث المبدأ، وعلى الأرجح لا يعتقد أنه يمكن للفلسطينيين أن تكون لهم دولة في المستقبل.
ومع ذلك، يحاول الزعيم الإماراتي التأثير في الشؤون الفلسطينية، في إطار أجندة أبوظبي لاستئصال جماعة الإخوان المسلمين من المنطقة العربية، ومواجهة نفوذ أعداء الإمارات.
وأحد الأسباب الرئيسة التي تجعل محمد بن زايد قريبًا جدًا من دحلان، هو سجله الأمني في غزة. بحيث إنه بناءً على أوامره، تم اعتقال وتعذيب مئات الفلسطينيين من حماس بين عامي 2000 و2010، وفقًا لبعض المصادر.
کذلك، يسعى بن زايد إلى استخدام دحلان كأداة لتقليل النفوذ التركي والقطري في المنطقة. حيث صدر عن دحلان تصريحات قاسية ضد قطر مرارًا، وهذا يدل على أنه إذا كان في السلطة في الضفة الغربية وغزة، فإنه سيتجه نحو الإمارات من حيث قبول المساعدات الإنسانية والولاءات السياسية.
هذا الوضع مماثل في تركيا أيضاً. إذ تتهم الحكومة التركية دحلان بالتخطيط للانقلاب الفاشل في 15 يوليو 201، وأدرجته في قائمة الإرهابيين المطلوبين لها، ورصدت 700 ألف دولار لاعتقاله.
کما تعتقد أنقرة أن دحلان كان متورطًا في انقلاب 2013 بدعم من الإمارات والسعودية ضد الرئيس المصري المخلوع "محمد مرسي".
نتيجةً لذلك، يمكن القول إن دحلان شخصية فلسطينية مهمة للغاية من منظور الإمارات لشرق أوسط خالٍ من الإخوان المسلمين. ومع هذه الخطة المعادية للإخوان، فإن الدول الأخرى المناهضة لهذه الحرکة مثل مصر والسعودية، سترحب بسرعة بسيناريو استبدال محمود عباس بدحلان.