الوقت- في الوقت الذي تشهد فيه الدول العربية تهافتا لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وترسيم العلاقات رسميا، أصدر 200 من العلماء والأئمة الموريتانيين مساء يوم الأحد فتوى تحرم التطبيع مع إسرائيل وتعتبر العلاقة مع “الكيان الغاصب لأرض فلسطين والمحتل لبيت المقدس وأكنافه حرام ولا تجوز بأي حال”. وأكد الموقعون على الفتوى في ندوة نظموها خلال الايام الماضية بجامع التوفيق بنواكشوط “أن التطبيع مساندة ودعم كامل للصهاينة الغاصبين على كل ما يقومون به من حصار وقتل وتدمير ولا يمت إلى الصلح بصلة”.
ودعا العلماء حكومة بلادهم إلى الالتزام بما سبق أن أعلنت من أنها لا تعتزم التطبيع مع إسرائيل. ومن أبرز الموقعين على الفتوى العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو المحسوب على التيار الإسلامي رئيس مركز تكوين العلماء بموريتانيا وعلماء آخرين.
يذكر أن موريتانيا قطعت علاقاتها مع إسرائيل في 2009 إبان الحرب على غزة وكشفت مصادر صحفية إسرائيلية وأمريكية أن موريتانيا وإندونيسيا تعتزمان الالتحاق بركب التطبيع بعد الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
ووفق ما نقلته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن المسؤولين الأمريكيين، فإن الاتفاق مع موريتانيا كان هو الأقرب، لتكون الدولة الخامسة التي تنضم إلى قافلة التطبيع بعد الإمارات، البحرين، السودان والمغرب.
وذكرت الصحيفة أن "فريق ترامب للسلام بقيادة صهره جاريد كوشنر والمبعوث الخاص آفي بيركوفتش حددوا موريتانيا كدولة محتملة للتطبيع، بالنظر إلى العلاقات السابقة التي كانت تربطها مع إسرائيل، حيث كانت تقيم علاقات دبلوماسية شبه كاملة معها منذ عام 1999، لكنها قطعتها بعد 10 سنوات على خلفية العدوان على غزة في عام 2008".
وأشار الموقع إلى أن موريتانيا تتمتع بعلاقات وثيقة مع المغرب أيضا، مشيرا إلى أن "فريق ترامب للسلام عمل على تشجيع المغرب بالضغط على موريتانيا لإقامة علاقات مع إسرائيل".
ومنذ منتصف أيلول الماضي، اتفقت إسرائيل مع دول عربية، هي الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، على تطبيع العلاقات. وترفض فلسطين، تطبيع الدول العربية والإسلامية علاقاتها مع إسرائيل، قبل إنهاء الأخيرة احتلالها لأراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وقال مسؤولان أمريكيان إن إدارة الرئيس المنتهية ولايته "دونالد ترامب"، كانت على وشك التوصل إلى اتفاقيتي تطبيع بين إسرائيل وكل من موريتانيا وإندونيسيا، لكن لم يسعفها الوقت.
ووفق ما نقلته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن المسؤولين الأمريكيين، فإن الاتفاق مع موريتانيا كان هو الأقرب، لتكون الدولة الخامسة التي تنضم إلى قافلة التطبيع بعد الإمارات، البحرين، السودان والمغرب.
وقال المسؤولان الأمريكيان أيضا إن الدولة التالية التي كان من المحتمل انضمامها إلى التطبيع هي إندونيسيا. وأشارا إلى أنه "كان من الممكن التوقيع على اتفاق لو استمر ترامب في منصبة شهرا أو شهرين آخرين". وتعتبر إندونيسيا أكبر دولة إسلامية، ووفقا للمسؤولين فإن هذا ما أعطاها "أهمية رمزية إضافية" لإدارة "ترامب".
وأشاد حزب "التجمع الوطني للإصلاح" في موريتانيا (محسوب على الإخوان) الذي يقود أكبر كتلة معارضة في البرلمان، الحراك التشريعي المطالب بسن قانون لتجريم التطبيع مع إسرائيل.
جاء ذلك ردا على دعوة لسن تشريع ضد التطبيع، أطلقها الأسبوع الماضي، ممثلو 3 أحزاب سياسية معارضة في البرلمان؛ هم "اتحاد قوى التقدم" (3 نواب/157)، وحزب "التحالف الشعبي التقدمي" (3 نواب)، والتحالف من أجل العدالة والديمقراطية" (نائب واحد).
وقال حزب التجمع، إنه "انسجاماً مع ثوابتنا وقيمنا ونصوصنا الدستورية ذات المرجعية الإسلامية وتلبية لتطلعات شعبنا المسلم الداعمة لقضايا الشعوب العادلة، وخاصة قضية الأمة الأولى قضية الأقصى وقضية الشعب الفلسطيني، فإننا نثمن عالياً الحراك التشريعي المطالب بسن قانون لتجريم التطبيع، ونعلن استعدادنا التام لبذل ما في وسعنا في دعم هذا الموقف المشرف".
ودعا حزب التجمع، "كل الفرق البرلمانية وجميع مكونات الطيف السياسي الوطني إلى الالتفاف حول هذا المشروع الذي يحفظ كرامة شعبنا ويحصننا ضد محاولات الارتهان لإرادة عدونا الصهيوني المتربص بأمتنا"
تاريخ العلاقات الاسرائيلية الموريتانية
تعد موريتانيا ثالث دولة عربية بعد مصر والأردن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل على مستوى السفراء. وبدأت العلاقات عام 1996 في عهد الرئيس معاوية ولد الطايع رغم الرفض الشعبي.
وقد مرت تلك العلاقة بمحطات من أبرزها في سنة 1996 عندما بدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بتعيين غابيرل أزولاي مكلفا بالأعمال في المكتب الإسرائيلي في سفارة إسبانيا بنواكشوط. اتهمت المعارضة نظام الرئيس معاوية ولد الطايع عام 1998 بالتستر على دفن نفايات نووية إسرائيلية في الصحراء الموريتانية، وسُجِن المعارض السياسي أحمد ولد داداه وقادة آخرون في المعارضة إثر اتهامهم النظام بذلك.
وفي نهاية تشرين الأول 1998 زار وزير الخارجية الموريتاني شيخ العافية ولد محمد خونا إسرائيل وعين بعيد عودته رئيسا للوزراء. وأعلن في واشنطن في الـ 27 من تشرين الأول 1999 عن رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى مستوى السفراء.
وقد أشرفت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت على التوقيع على الإعلان بين وزيري خارجية الدولتين أحمد ولد سيد أحمد وديفد ليفي، حيث تم تعيين أفريد إيتان سفيرا لإسرائيل بنواكشوط.
بعد ذلك مولت إسرائيل مشروعاً صغيراً لحماية النخيل تحت غطاء برنامج الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وأصيبت واحات النخيل المعالجة بداء يعرف محليا باسم (البيوط). وراجت في موريتانيا سلع إسرائيلية من أهمها أجهزة "مودم" تصنعها شركة راد "RAD" الإسرائيلية وبعض الملابس الإسرائيلية وبعض أنواع التمور المعلبة فضلاً عن أدوية صنعت في إسرائيل تسوق عبر شركات فرنسية، فيما زار وفد طبي إسرائيلي نواكشوط في الـ 11 من تموز 1999 لإجراء عمليات لعيون بعض المرضى الموريتانيين، وقد نالت الزيارة تغطية إعلامية إسرائيلية مقابل رفض شعبي.
وبدأت إسرائيل في إقامة مركز لأمراض السرطان في موريتانيا، وقد توقف العمل فيه سنة 2005 ثم بدأ نهاية سنة 2006، وزار وفد من الكنيست الإسرائيلي موريتانيا في شهر نيسان 2000. وأعلن في نهاية الزيارة -حسب جريدة جيروزالم بوست- عن تأسيس لجنة دعم التطبيع مع إسرائيل في موريتانيا ويرأس تلك اللجنة بو بكر ولد عثمان الملقب الناه.
وزار وزير الخارجية الموريتاني الداه ولد عبدي إسرائيل في أيار 2001، فيما التقى الرئيس ولد الطايع مع وزير الخارجية الإسرائيلي السابق شمعون بيريز في الـ 5 من أيلول 2002 على هامش قمة الأرض في جوهانسبورغ، وزار شمعون بيريز موريتانيا في تشرين الأول 2002.
وفي الـ 23 من نيسان 2004 تم تعيين بوعز بيسموت سفيراً جديداً لإسرائيل في نواكشوط خلفاً لأفريد إيتان، وزار وزير الخارجية الإسرائيلي السابق سيلفان شالوم موريتانيا في الـ 3 من أيار 2005. واجتمع وزير الخارجية الموريتاني السابق أحمد ولد سيدي أحمد مع نظيره الإسرائيلي شالوم بعد أسابيع قليلة من الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس ولد الطايع وذلك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في أيلول 2005.
أعلن العديد من المرشحين لرئاسيات آذار 2007 في برامجهم الانتخابية عن عزمهم قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وأبرزهم رئيس حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني (حاتم) المرشح صالح ولد حننا. ووعد الرئيس الموريتاني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله بعرض موضوع العلاقات مع إسرائيل لنقاش شعبي، وبطرحها على البرلمان والطبقة السياسية والمجتمع المدني، لكنه لم يفِ بعهده.
وشكلت مجموعة من الأحزاب السياسية الموريتانية (من الموالاة والمعارضة) لجنة يقودها رئيس حزب الفضيلة عثمان بن الشيخ أبي المعالي، استقبلها الرئيس ولد الشيخ عبد الله في الـ 25 من كانون الثاني 2008 وأبلغته رغبة الأحزاب والقوى الشعبية الموريتانية في قطع العلاقات مع إسرائيل.
ودعا رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) مسعود ولد بلخير في الـ 28 من كانون الثاني 2008 إلى إعادة النظر في العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، واصفا إياها بأنها مشينة. وقد تعرضت السفارة الإسرائيلية في نواكشوط فجر 1 شباط 2008 لهجوم مسلح.
وفي كانون الثاني 2009 أُعلن عن تجميد العلاقة الموريتانية الإسرائيلية في عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز بعد قمة غزة بالعاصمة القطرية الدوحة، وفي تجمع جماهيري نظمته أحزاب الأغلبية في العاصمة نواكشوط بتاريخ الـ 22 من آذار 2010، أعلنت الناها بنت حمدي ولد مكناس وزيرة خارجية موريتانيا قطع علاقات بلادها الدبلوماسية مع إسرائيل، قائلة "فليعلم العالم من هنا، أن موريتانيا قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع دولة إسرائيل بشكل نهائي".