الوقت- في ظل التطورات السياسيّة والعسكريّة والاقتصاديّة في سوريا، وما يرافقها من تدخلات أمريكيّة سافرة في الشأن السوريّ بدءاً من إحياء داعش ودعم الانفصاليين والتنسيق مع الكيان الغاصب في قصف البلاد، ومروراً بمعاقبة محافظة الحسكة وحرمانها من الماء عبر إعطاء الأوامر لتركيا بقطع المياه عنها، وليس انتهاء بالعقوبات الاقتصاديّة بحق الشعب السوريّ، والتي تهدف إلى تجويعه لتحميل الدولة السورية المسؤوليّة الكاملة عن ذلك وتحقيق ما لم تستطع كل المشاريع الاستهدافيّة تحقيقه، أشارت صحيفة "الثورة" الحكوميّة، إلى استمرار مؤامرات الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين والإقليميين ضد البلاد، فيما اتخذت دمشق إجراءات عملية وفعالة ضد هذه التحركات، الأمر الذي أدى إلى استياء عميق من أعداء الشعب السوريّ.
رسائل عمليّة
بيّنت صحيفة "الثورة" السوريّة، في مقال بعنوان "رسائل عمليّة من دمشق"، إلى أنّه في الوقت الذي تدعم فيه الولايات المتحدة وأتباعها في أوروبا والمنطقة، الإرهاب في البلاد وتشدد الحصار الاقتصاديّ عليها وتمعن في عدوانها من خلال أذرعها الانفصاليّة (ما تسمى قوات سوريا الديمقراطيّة، "قسد") وتزيد من إجراءاتها القسريّة أحاديّة الجانب، تستمر سوريا بالعمل الدؤوب من أجل عودة السوريين الذين هجرتهم الآلة الإرهابيّة إلى بلادهم، وتكافح لتأمين متطلباتهم المعيشيّة بالتعاون والتنسيق مع حلفاء دمشق.
ومع إصرار الإدارات الأمريكيّة على نهج الهيمنة والغطرسة وسيطرة القطب الواحد وعدم الاستماع إلا للأصوات التي تناسب قراراتهم الرعناء في المنطقة وفق دمشق، أضافت الصحيفة.. إنّ سورية التي يعاني مواطنوها من قسوة العيش جراء الإرهاب الاقتصاديّ الذي تمارسه واشنطن، تعمل الدولة على تحرير الأرض وإعمار كل شبر محتل في البلاد، و إعادة تأهيل المشاريع المتضررة من الإرهاب بالاعتماد على قدراتها وبالتعاون مع الأصدقاء والحلفاء ممن وقفوا معها في معركتها بثبات ورؤية واضحة لتحقيق مصلحة البلاد العليا، مهما كانت التحديات والضغوط ومهما تعددت مخالب الإرهاب وأدواته العميلة القذرة ومها طال الصمت الأمميّ المريب والغربيّ المتشدق بالحريات اللذان سقطا أمام صمود السوريين بعد محاولة تعطشيهم وإركاعهم وابتزازهم لانتزاع قرارهم وفرض الشروط والإملاءات عليهم.
ومنذ بدء الحرب على سوريا، وفرار السوريين من مناطق سيطرة الإرهابيين ولجوئهم إلى دول مجاورة ودول بعيدة بسبب المعارك الطاحنة، أصبحت الأمور تزداد تعقيداً على هؤلاء اللاجئين ليجدوا أنفسهم بلا مأوى بعد أن دمرت منازلهم الحرب الدائرة في بلادهم، والأصعب من هذا أنهم تحولوا إلى ورقة ضغط بيد الساسة الباحثين عن أطماع في الأرض السورية، لذلك تقول الصحيفة إنّ دمشق قامت من خلال المؤتمر الصحفيّ الثانيّ إلى جانب الحليف الروسيّ، بإيصال رسائل جديّة عبر استعراض الجوانب العمليّة والتنفيذيّة التي وضعتها في المؤتمر الدوليّ حول عودة اللاجئين السوريين الذي عقد في تشرين الثاني العام المنصرم، وتبعه مؤتمر صحفيّ مشترك في كانون الأول الماضي، لوضع أولويات الدولة السوريّة في وضع حد للأزمة الانسانيّة للمهجرين بفعل الإرهاب وتحرير ما تبقى من الأرض وإسقاط المشروع الإرهابيّ وتأكيد السيادة الوطنيّة والقرار المستقل.
ومع الإشارة إلى أنّ واشنطن وكيانها الصهيونيّ يسعيان إلى تحقيق أهداف مختلفة من خلال جهودهما لإحياء إرهابيي داعش التكفيريين في سوريا، من خلال إضعاف القوة الرادعة للجيش العربيّ السوريّ وحلفائه، حيث يدرك قادة أمريكا والعدو الغاصب أنّ الجيش السوريّ وداعميه يسيطرون على معظم مساحة البلاد ما يعنى الكثير من المناطق والمدن الاستراتيجيّة وخاصة في المحور الشرقيّ، وبالتالي خلصوا إلى أنّ إعادة بسط السيطرة على هذه المناطق الاستراتيجيّة تتطلب إضعاف قوة الجيش السوريّ والمقاومة، وهنا تشير الصحيفة إلى أنّ خطوات دمشق العملية تزعج مراكز القرار الغربيّ المعادي التي عملت على تسعير الإرهاب وتحاول إعادة إحياء فلول تنظيم “داعش” الإرهابيّ، تحت حماية الاحتلال الأمريكيّ الداعم أيضاً لتصعيد ميليشيا “قسد” العميلة في وجه المواطنين السوريين الرافضين لوجودها وممارساتها الانفصاليّة، سعياً منها لانتزاع تنازلات سياسيّة وسط حصار اقتصاديّ خانق مفروض على دمشق.
وبالتزامن مع المحاولات الأمريكيّة والغربيّة الفاشلة لحرف مسار الانتصار السوريّ على الإرهاب، لتحقيق مآرب العدو الصهيونيّ المجرم في سوريا من خلال إعادة البلاد إلى المربع الأول "عام 2011"، عبر تنفيذ مخطط الخنق الاقتصاديّ الذي يمس قوت الشعب السوريّ، في ظل انتشار فيروس كورونا، وتأثيراته التي طالت كل مناحي حياة السوريين، تؤكّد الصحيفة أنّ دمشق تدرك ملياً أنّ المقاومة هي السبيل الأنجع للانتصار واسترجاع الحقوق وكسر الحصار مهما بلغ ثمنها وعظمت تضحياتها، فهي تبقى أقل ثمناً من الاستسلام والخنوع والرضوخ.
مسؤوليّة كاملة
مراراً أكّدت دمشق على لسان وزارة خارجيتها أنّ أمريكا تتحمل المسؤوليّة الكاملة عن معاناة السوريين الناجمة عن دعمها الإرهاب وفرض الإجراءات القسريّة أحاديّة الجانب، واختلاق الأكاذيب لإبعاد المسؤوليّة عن نفسها، بعد عقوباتها التي تسببت في أسوأ أزمة إنسانيّة في البلاد، وترى دمشق أنّ سلوك الولايات المتحدة يؤكّد إصرارها على نهج الهيمنة والغطرسة وسيطرة القطب الواحد وعدم الاستماع إلا للأصوات التي تناسب قراراتها في المنطقة.
وفي الوقت الذي تعبر فيه سوريا أنّ نتائج السياسات الأمريكيّة ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانيّة، لم تأبه أمريكا لتأثير عقوباتها على الشعب السوريّ، الذي يعاني من ظروف اقتصادية لا توصف من شدة صعوبتها، فمن قادوا الحرب على سوريا هم نفسهم من فرضوا العقوبات الاقتصاديّة عليها، حيث أشعلت الولايات المتحدة حرباً اقتصاديّة أدت إلى سحق الطبقة ذات الدخل المتوسط في البلاد، ليصبح معظم السوريين تحت خط الفقر، ناهيك عن غياب أبسط مستلزمات الحياة في بلاد دُمرت بنيتها وحُرق قمحها ونُهب نفطها وسُرقت آثارها، من قبل من يدعي بأنّ الهدف "معاقبة الحكومة السورية".
ومن الجدير بالذكر، أنّ عدة تقارير أمريكيّة هاجمت واشنطن وطريقة تعاملها مع الملف السوريّ، حيث نشرت مجلة "Foreigen Affairs" الأمريكيّة في وقت سابق، تقريراً مفصلًا بعنوان "العقوبات الأمريكيّة على سوريا هل تسقط النظام أم تضر المدنيين؟"، وخلص التقرير إلى أنَّ العقوبات الأمريكية على سوريا وحلفائها، تضر بالشعب السوري ولا تخدم المصالح الأمريكيّة، وهذا ما أكّده السفير الأمريكي السابق في دمشق، روبرت فورد، الذي أشار إلى أنّ الإدارة الأمريكية تريد من العقوبات الأمريكية والغربيّة ضد دمشق بما في ذلك ما يسمى "قانون قيصر"، أن تزيد من وطأة الضغوط الاقتصاديّة على السوريين وتصور هذه الضغوط على أنّها مؤشر واضح للنجاح الأمريكيّ في سورية.
إضافة إلى الأوضاع المعيشيّة المتردية في سورية، فإنّ مسألة الأضرار الكبيرة في البنية التحتيّة والتي تعرقل إلى حد ما عودة اللاجئين، تُستغل جيداً من قبل واشنطن التي عملت على زيادة العقوبات لتضييق الخناق على دمشق، لكي تتعثر عملية إعادة الإعمار بفعل تلك السياسات، التي أدت إلى تحويل اللاجئين إلى ورقة سياسيّة قذرة لا ترحم طفلاً ولا تهتم لحال امرأة أو مُسن، وكلما كانت الدولة السورية تقدم تسهيلات لعودة اللاجئين، كانت بعض الدول وعلى رأسها أمريكا تضع العصي في الدواليب وتمنع عودتهم، وبذلك تحول حياتهم إلى جحيم داخل البلاد وخارجها، لتحقيق مآربها التي فشلت رغم 10 سنوات من الحرب العسكريّة على السوريين.