الوقت- أعلنت أمريكا رسمياً، يوم الجمعة المنصرم، ضم الکيان الصهيوني في نطاق عمليات القيادة المركزية الأمريكية من أوروبا إلى الشرق الأوسط.
ووفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، التي كانت أول من نقلت هذا النبأ، فإن هذه الخطوة تمت بأمر من دونالد ترامب.
جاء هذا القرار قبل أقل من أسبوع من انتهاء رئاسة دونالد ترامب وتنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن، الأمر الذي يمكن استخدامه للتأثير على الاستراتيجية السياسية والعسكرية والأمنية للإدارة المقبلة تجاه المنطقة، ولا سيما فيما يتصل بدفع عملية التطبيع إلی الأمام، کما ويظهر أهمية مصالح الکيان الصهيوني لفريق ترامب، وخاصةً مايك بومبيو الذي يحلم بالترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة وأن يحظى بدعم الصهاينة من الآن.
محاولات البيت الابيض لبناء التحالفات
يمكن اعتبار أحد أهم أهداف البيت الأبيض من هذا العمل، هو اتخاذ خطوات عملية لبناء تحالف عسكري - أمني بين الدول العربية والکيان الصهيوني، وهو الهدف الذي سعت إليه أمريكا في عهد ترامب، من خلال التحرک نحو بناء تحالف الناتو العربي(MISSA)، لكنها فشلت في تحقيقه.
ترى واشنطن الآن أن الوضع مهيأ بشكل أفضل لدفع خطة الناتو العربي بعد الإعلان الرسمي عن العلاقات بين الکيان الصهيوني وبعض الدول العربية، وضمّ "إسرائيل" إلی نطاق عمليات القيادة المركزية هو الخطوة الأولى في بناء هذا التحالف.
بعد اتفاق "أبراهام" في أغسطس الماضي، وافقت السعودية أولاً على فتح مجالها الجوي أمام الرحلات القادمة من الأراضي المحتلة، ثم التقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بنتنياهو في مدينة "نيوم"، وتم تنفيذ كلا الأمرين تماشياً مع مسايرة الرياض لعملية التطبيع.
وبالتالي، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أمريكيين قولهم، إن "هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز التعاون العربي الإسرائيلي ضد إيران".
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية(البنتاغون) في بيان، إن هذا التغيير يعكس تراجعاً في التوترات بين "إسرائيل" وبعض الدول العربية، عقب اتفاقيات التطبيع مع البحرين والإمارات والمغرب والسودان. وأضافت وزارة الدفاع الأمريكية أيضًا إن اتفاقيات التطبيع قد وفَّرت فرصةً استراتيجيةً لأمريكا لتوحيد الشركاء الرئيسيين في مواجهة التهديدات المشتركة في الشرق الأوسط.
مظلة دعم للکيان الصهيوني
الهدف المهم الآخر لضمّ الکيان الصهيوني إلی المجال العملياتي للقيادة المركزية، هو بلا شك خلق مظلة أمريكية أكثر وضوحًا وأوسع نطاقًا لدعم الصهاينة.
وفي هذا الصدد، قال الجنرال المتقاعد "تشارلز والد" والمحلل العسكري والمساعد السابق لقائد القيادة الأوروبية للجيش الأمريكي، في تحليله لهذه الخطوة، نُشر على موقع RealClear Defense: "موقف إسرائيل إن موقف إسرائيل في القيادة المركزية الأمريكية سيوفر الأساس للبنتاغون لاستخدام إسرائيل في العمليات الإقليمية بشكل أكبر". وأضاف إن توفير الذخيرة التي تحتاجها القوات الإسرائيلية سيتم بشکل أكثر دقةً.
لكن هذا الإجراء يشير إلى أن قدرة الكيان الصهيوني على مواجهة محور المقاومة قد تراجعت على مستوى التطورات الإقليمية، وأن ميزان القوى يتغير على حساب هذا الكيان، وهكذا فإن أمريكا، التي أعطت الأولوية دائمًا للحفاظ على التفوق الاستراتيجي للصهاينة فيما يتعلق بالقوة التسليحية، أصبحت الآن بحاجة إلى تقديم دعم عسكري متزايد لتل أبيب.
بالطبع، في غضون ذلك، دفعت قضية انسحاب القوات الأمريكية من العراق وسوريا واشنطن إلى البحث عن قواعد بديلة لنشر قواتها، كما ورد الأسبوع الماضي عن بناء قاعدة جديدة في الأردن، والآن مع تغيير موقع الکيان الإسرائيلي، يمكن للقيادة المركزية أن تنشر بعض قواتها في الأراضي المحتلة.
تهديد للعرب
تمتد مسؤوليات سنتکوم من الشرق الأوسط إلى آسيا الوسطى، بما في ذلك الخليج الفارسي والعراق وسوريا، إضافة إلى أفغانستان وباكستان.
في العقود الأخيرة، كان الکيان الصهيوني تحت القيادة الأوروبية لأمريكا بسبب عدم وجود علاقات سياسية رسمية مع العديد من الدول العربية، مما کان يجعل من الصعب على القيادة المركزية تنسيق المهام العملياتية المرتبطة بالکيان الإسرائيلي داخل نطاق سنتکوم.
واشنطن ومع الأخذ بعين الاعتبار أن حساسية الدول العربية تجاه تبادل المعلومات بين الولايات المتحدة والکيان الصهيوني حول المعلومات العسكرية للدول التي تستضيف قواعد القيادة المركزية، قد تثير التحدي لاستمرار وجود قواتها في هذه البلدان، کانت ترفض ضم الكيان الصهيوني إلى نطاق عمليات القيادة المركزية.
لكن هذا الحاجز قد رُفع رسمياً وسيجري تبادل المعلومات بشكل علني، ولن تتمكن الدول العربية التي تستضيف القواعد الأمريكية من الاحتجاج على تسريب معلوماتها العسكرية.
ومع ذلك، فإن الإجراء الأمريكي الجديد ليس فقط لن يؤدي إلى زيادة أمن الدول العربية تحت مظلة بناء التحالف، بل سيضمن الکيان الصهيوني أيضًا تفوقه الاستراتيجي على الدول الخليجية.