الوقت- إن الإخفاقات المتتالية للمبعوث الأممي لليمن "مارتن غريفيث" خلال السنوات القليلة الماضية، لم تجعله يقيم حساباته ويراجع أسباب إخفاقاته، بل جعلته يستمر بالتسويق والترويج الإعلامي لنفسه كرجل المهمات الصعبة وبيع الوهم، من خلال تحركاته الجوفاء التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والتي كان أحدثها ما صرح به مطلع العام الجديد بقوله كان 2020م عاما قاسيا على اليمنيين، مع استمرار إراقة الدماء والنزوح والتدهور الاقتصادي وتفشي فيروس "كورونا" في العديد من المدن والمحافظات اليمنية. وزعم خلال تلك الفترة أنه استمر في تحركاته للوصول إلى اتفاق يلزم الأطراف بوقف القتال، واتخاذ إجراءات لفتح البلاد وتخفيف المعاناة، واستئناف العملية السياسية بشكل عاجل، ولكن التطورات على الساحة اليمنية تؤكد بما لا تدع مجالا للشك بأن "غريفيث" لم يعمل خلال الفترة الماضية شيئاَ لتخفيف معاناة اليمنيين ووقف هجمات تحالف العدوان السعودي الأمريكي على أبناء الشعب اليمني، بل إنه في كل مرة ينحاز بشكل واضح وجلي تجاه هذا التحالف البربري الذي قتل الآلاف من اليمنيين ودمر البنية التحتية ودمر المستشفيات والمدارس في العديد من المحافظات اليمنية.
وحول هذا السياق، وفي آخر مسرحية هزيلة يقوم بها "غريفيث"، زعم هذا الاخير، انه ناقش مع نائب وزير الدفاع السعودي، التطورات الأخيرة في اليمن، بما في ذلك التقدم المحرز على صعيد التهدئة. وأضاف "غريفيث"، إنه تم مناقشة الوضع في الحديدة والعملية السياسية وتبادل الافكار البناءة حول كيفية الحفاظ على الزخم الحالي ومساعدة اليمن على التقدم. وقال المبعوث الأممي إلى اليمن: إن التزام السعودية بشأن تسوية سياسية في اليمن أمر بالغ الأهمية. وأردف "غريفيث" أن التزام السعودية والمنطقة بشأن تسوية سياسية شاملة عن طريق التفاوض بقيادة يمنية أمر بالغ الأهمية؛ لإنهاء النزاع بشكل شامل ومستدام.
وهنا يرى العديد من المراقبين أن المبعوث الأممي "غريفيث" لا يزال يبع الوهم لأبناء الشعب اليمني بتصريحاته هذه، خاصتاً وأنه قبل عدة أيام قام بزيارة فارغة إلى عدن والتي لم تحمل في طياتها أي مضمون أو توجه جاد لحلحلة الكثير من القضايا، سوى الجانب الشكلي الذي يسوق من خلاله الوهم الزائف بأنه يعمل بكل جدية من أجل وقف الحرب وإنهاء معاناة اليمنيين، وهي أسطوانة باتت مشروخة، يرددها عقب كل تحرك يقوم به هنا أو هناك. وبات الجميع يدرك هذه الحقيقة، ويدرك في الوقت نفسه أن "غريفيث"، هو من عطّل اتفاق السويد أو انقلب عليه بعد أن اصطدم بجدار تعنت تحالف العدوان ومرتزقته في الشروع بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في ستوكهولم بشأن الأوضاع الإنسانية ووقف المواجهات في الحديدة والأسرى والمرتبات وحتى الان لا مؤشرات على تنفيذ اتفاق السويد، الذي تم التوقيع عليه قبل عامين ولم يرَ النور حتى الآن .
وحول هذا السياق، ذكرت العديد من المصادر في حكومة صنعاء أنه ليس ثمة مؤشرات على إمكانية تنفيذ اتفاق السويد خلال المرحلة المقبلة، في ظل تعنت ورفض حكومة الارتزاق القابعة في فنادق الرياض، لتنفيذ بنوده، مع تواطؤ من قبل الأمم المتحدة ومبعوثها "غريفيث"، الذي انقلب على الاتفاق والمعطيات على الأرض، والتي تؤكد أن "غريفيث" يمضي في طريق مسدود والتقدم إلى الوراء هو سيد الموقف. ولفتت مصادر صنعاء إلى أن "غريفيث" يواصل تجزئة الحلول لإطالة أمد الحرب والعدوان والحصار، تنفيذا لأجندات الدول الكبرى المستفيدة الرئيسة من استمرار الحرب كورقة رابحة لابتزاز البقرة الحلوب وجعلها تضخ المزيد من مليارات الدولارات.
وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من التقارير أن أبرز الإخفاقات التي حققها "غريفيث" خلال السنوات الماضية، فشله الذريع في الجانب الإنساني، حيث لم يحقق أي تقدم في هذا الملف رغم أنه يمثل أولوية مطلقة لدى اليمنيين، الذين يعيشون أسوأ أزمة إنسانية في العالم. وهنا يتساءل الكثيرون، ما الذي فعله "غريفيث" في هذا الجانب، لتخفيف معاناة اليمنيين ؟ والجواب هو أن "غريفيث" أسهم بشكل مباشر وغير مباشر في تفاقم معاناة اليمنيين من خلال جعل تحالف العدوان يشددون الحصار على دخول سفن المشتقات النفطية والإغاثية رغم حصولها على تصاريح الدخول، ولم يبذل المبعوث الدولي "غريفيث" أي جهودا ملموسة لإلزام حكومة الارتزاق الوفاء بتعهداتها في هذا الجانب، بل حمّل المجلس السياسي الأعلى وحكومة صنعاء مسؤولية صرف المرتبات من طرف واحد، وطالبها بوقف الصرف ، مقابل الإفراج عن سفن المشتقات النفطية .. متجاهلا معاناة 25 مليون يمني من الحصار الخانق .وهي الخطوة التي اعتبرها مراقبون تواطؤاً فاضحاً من الأمم المتحدة ومبعوثها لتشديد الخناق والحصار على اليمنيين بحجة أن حكومة صنعاء لم تمتنع عن صرف المرتبات، وهو عذر أقبح من ذنب كان هدفه مضاعفة معاناة اليمنيين باحتجاز سفن المشتقات النفطية، التي بلغت ذروتها منذ منتصف العام الماضي، رغم جائحة كورونا وتفاقم الوضع الإنساني .
وعلى نفس هذا الموال، لم يبذل "غريفيث" أي دور ملموس لإعادة فتح مطار صنعاء أمام الرحلات الإنسانية والإغاثية، والسماح لعشرات الآلاف من المرضى الذين فتكت بهم الأمراض القاتلة، ونقلهم لتلقي العلاج في الخارج لعدم وجود إمكانيات طبية وعلاجية في الداخل ، بفعل العدوان الذي دمر الكثير من المستشفيات والمراكز الطبية، وكل ذلك لم يحرك مشاعر المبعوث الدولي من أجل الضغط على دول تحالف العدوان، لإعادة فتح المطار للجانب الإنساني على الأقل. وكذلك الحال في ملف الأسرى الذي كان من أبرز ما تم الاتفاق عليه في السويد، لكن ظل مجرد حبر على ورق لأكثر من عام ونصف العام، لم يتم فيه إحراز أي تقدم يذكر، رغم المفاوضات التي كانت تجري بين الحين والآخر في هذا الجانب، ولكنها لم تر النور، بفعل تعنت تحالف العدوان وحكومة المرتزقة.
وعلى نفس هذا الصعيد، جدد "محمد عبد السلام" رئيس الوفد الوطني المفاوض قبل عدة أيام، انتقاده للمبعوث الأممي "مارتن غريفيث" مؤكدا أنه يسهم بشكل مباشر في التغطية على استمرار العدوان والحصار ومعاناة أبناء الشعب اليمني. وكتب عبد السلام في تغريدة له على "تويتر": "ينشغل المبعوث الأممي بالشكليات والزيارات فارغة المحتوى للتغطية على استمرار العدوان والحصار، متجاهلا المعاناة الإنسانية الكبرى التي يعيشها كل أبناء الشعب اليمني المتمثل بالحصار وإغلاق الموانئ والمطارات". ومن جانبه دعا عضو الوفد الوطني "عبد الملك العجري"، "غريفيث" إلى تبني موقف واضح تجاه موضوع الحصار والعدوان، وإلا فإنه بجهوده الروتينية يبيع الوهم للعالم ويعمل على ذر الرماد في العيون. وقال العجري: "لا نتوقع من غريفيث أن يوقف العدوان على اليمن، ولا نطلب المستحيل منه"، مشيرا إلى أن استمرار "غريفيث" في العمل الروتيني وتجاهل الحصار على الشعب اليمني يجعله في موقع المتهم بالتواطؤ مع دول العدوان. ومن جانبه، أكد وكيل وزارة الإعلام "نصر الدين عامر"، أن "غريفيث" منذ بداية العدوان منحاز بالكامل لدول العدوان نتيجة الهيمنة الأمريكية على القرار الاممي. وقال "عامر"، أن "مواقف غريفيث تجاه العدوان على اليمن، لم يعد صامتاً بل بات متحاملاً على الضحية لمصلحة القاتل"، مشيراً الى أن المال السعودي والاماراتي يستلب القرار الأممي الى حد كبير.
ونظرا لكل هذه الاخفاقات التي كانت من نصيب "غريفيث" وتحيزه للجانب المعتدي المتمثل في تحالف العدوان السعودي الأمريكي، طالبت حكومة صنعاء بتغيير هذا المبعوث الذي لم يقدم لابنا الشعب اليمني سوى الدمار والخراب وفي الختام، يمكن القول أن حكومة صنعاء لا يمكنها أن تعّول ابداً على الأمم المتحدة عامة وعلى "غريفيث" خاصة في تحقيق اي تقدم نحو السلام العادل ولن تعّول عليهما في أي أمر في ظل الهيمنة الأمريكية والمال السعودي عليهما والذي اخرجهما تماما عن دائرة الاستقلال . وما استمرار قيادة صنعاء في مجاراة الأمم المتحدة إلا من باب التأكيد على حسن نواياها وعلى رغبتها الحقيقية في الوصول إلى السلام العادل والمشرف، وهو في ذات الوقت تأكيد على أن المواجهة والصمود هو خيارها الوحيد بدون السلام العادل وأن على تحالف العدوان والامم المتحدة أن يعلموا أن الاستسلام غير وارد ولا وجود له في كل قواميسها أياً كانت النتائج التي تتمخض عن هذا الموقف الاساسي والمبدئي لليمنيين قيادة وشعباً.