الوقت- عقب حادثة اقتحام مقر الكونغرس الأمريكيّ من قبل أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، أثناء جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ للتصديق على فوز الرئيس الجديد جو بايدن الأسبوع المنصرم، تجاهل المحللون الأمريكيون بشكل متعمد صورة ملفتة للنظر في المشهد التاريخيّ الأسود، إذ ظهر العديد من المتظاهرين وهم يحملون علم كيان الاحتلال الصهيونيّ أمام الكونغرس قبل عملية الاقتحام، التي أدت إلى تعليق الجلسة المشتركة إثر احتدام الاشتباكات بين قوات الأمن وأنصار ترامب الذين احتشدوا لساعات رفضا لنتائج الانتخابات الرئاسيّة.
علم صهيونيّ
أشارت مواقع إخباريّة إلى نقطة حساسة رافقها تعتيم إعلاميّ واضح، تتعلق برفع علم كيان الاحتلال الصهيونيّ في أحداث الشغب الأخيرة في أمريكا، خشية ردود الفعل السلبيّة على هذه المشاركة، بعد أن قوبلت هذه الأحداث برد فعل عنيف من المشرعين والأمريكيين بشكل عام، ولكن الكاتب فيليب فايس أشار في مقال نشره في موقع ” مونداويز” إلى أنّ رفع العلم الصهيونيّ وقتها يؤكد على التحالف بين الجماعات اليمينيّة الأمريكيّة المتطرفة والكيان الصهيونيّ، ذي المنهج الدمويّ والقائم على العنصريّة والكثير من الأفكار المتطرفة.
وفي هذا الشأن، تحدث الكاتب عن حقيقة طريفة تفضح “الاضطراب النفسيّ” للمتطرفين بشكل عام، وهي أنّ الجماعات الأمريكية اليمينيّة تكره اليهود بشكل واضح ولكنها تحب الكيان الصهيونيّ، وأن هذه الجماعات معجبة بكيان الاحتلال الغاصب باعتباره أنموذجاً لدولة “تفوق عرقيّة”، إضافة إلى أنّ العدو الصهيونيّ يشاركهم الآراء ضد الإسلام والمسلمين ومعاداة العرب على وجه التحديد.
من ناحية أخرى، يؤكّد فايس أنّ الكثير من الجماعات الأمريكيّة اليمينية المتطرفة تؤيد الكيان الغاصب لأنها بكل بساطة تريد احتواء اليهود في كيانهم المزعوم بعيداً عن أمريكا، وأشار الكاتب إلى أنّ رسائل دونالد ترامب العنصريّة فيما يتعلق بالمسلمين وذوي الأصول الإسبانيّة والأمريكيين الأفارقة تتماشى مع معتقدات هؤلاء الأشخاص، ولكنه لاحظ أنّ هذه الحسابات السياسيّة المريضة للنصر الانتخابيّ قد تحطمت الآن.
وحول هذا الموضوع، اعتبر فايس أنّ رفع العلم الصهيونيّ أثناء عملية اقتحام الكونغرس ليس من قبيل المصادفة، إذ يشترك الكيان الصهيونيّ الملقب بـ "مستنقع العنصريّة"، مع أولئك الغوغائيين في مبدأ التفوق العنصريّ، وقد أظهرت الصور التي انتشرت يوم الاقتحام حشوداً من المتظاهرين يتخطون الحواجز الأمنيّة خارج المبنى قبل اقتحامه، وشوهد عدد من أنصار ترامب أمام قاعة مجلس الشيوخ بينما شوهد محتجون آخرون وهم يحملون السلاح، وفق ما ذكرت bbc البريطانيّة، ومع وصول ترامب إلى السلطة في أمريكا، باتت المجموعات المسلحة ذات الإيديولوجيا اليمينية جزءاً لا يتجزأ من المشهد السياسيّ الأمريكيّ وبدأت تظهر أكثر فأكثر على الساحة.
وما ينبغي ذكره، أنّ قناة NBC الأمريكيّة ذكرت يوم أمس أنّ جماعات يمينيّة متطرفة دعت لاستهداف مسؤولين حكوميين يوم تنصيب الرئيس الجديد جو بايدن، وأضافت إن تلك الجماعات المتطرفة تستخدم رسائل مشفرة وغرف محادثة سريّة للتنسيق فيما بينها، مؤكّدة أنّ بعض هؤلاء يشارك معلومات لصناعة قنابل وأسلحة بشكل يدويّ، ووفقاً لوسائل إعلام أمريكيّة، فإنّه يوجد مجموعاتٌ يمينية تستعد لجولة أخرى من الاحتجاجات أثناء تنصيب جو بايدن في العشرين من كانون الثاني الجاري.
جماعات متطرفة
تتخلص أفكار وأهداف تتلك الجماعات المتطرفة بدفاعها عن حق امتلاك السلاح والعداء للحكومة والسلطة والأفكار اليسارية، وبعضها مؤيد للأفكار الداعية بتفوق العرق الأبيض، ولديها ارتباطات بحركات للنازيين الجدد، وتعتبر أن قوات الأمن عملاء حكومة استبداديّة، فيما تحضر أخرى لثورة وطنية أو حرب عرقيّة، وأكثر هذه المجموعات شُهرةً هي مجموعات "ثري بيرسنترز"، و"أوث كيبرز"، و"براود بويز"، وكذلك "بوغالوس بوا"، و"باتريوت براير".
إضافة إلى ذلك يعتنق أصحاب هذه المجموعات في بعض الأحيان أفكار حركة اليمين المتطرف "كاي أنون"، المؤمنة بنظرية المؤامرة، والتي تعتبر أن ترامب يخوض حرباً سريّةً ضد جماعة ليبرالية عالميّة مؤلفة من متحرشين بأطفال وعبدة شياطين، ووفق متخصصين تضم هذه المجموعات آلاف المؤيدين في أنحاء أمريكا، ولديها شبكة تواصل من خلال الرسائل المشفرة عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ.
يشار إلى أنّ مكتب التحقيقات الفيدراليّ الأمريكيّ يعتبر أنّ ناشطي اليمين المتطرف، المعزولين أو المنضوين في جيوب، التهديد الإرهابي المحلي الأكبر في أمريكا منذ عام 2019، ويتهمونهم بالمسؤولية عن وفاة العشرات خلال السنوات الثلاث الماضية، بالمقارنة مع عدد أقل من ضحايا عنف الإسلاميين المتشددين.
وفي هذا الصدد، بيّن مدير مكتب التحقيقات الفيدراليّ، كريستوفر راي، في أيلول الماضي، أنّ المؤمنين بتفوق العرق الأبيض يشكلون التهديد المتطرف الأساسيّ، لكن معظم عمليات العنف القاتلة نفذت من جانب ناشطين مناهضين للسلطة ومناهضين للحكومة، مثل اغتيال شرطيين في كاليفورنيا في أيار المنصرم على يد أحد مؤيدي مجموعة "بوغالو"، النازيين جدداً والفوضويين من اليمين المتطرف، ويهدفون إلى إسقاط الحكومة بحرب أهلية، فيما يُعرف مؤيدوها بارتداء قمصان زاهية فوق الأزياء العسكريّة.