الوقت- تشير تقارير صادرة عن منظمات حقوقية دولية ومحلية سوريا إلى وقوع جرائم إنسانية وحقوقية كبرى في عفرين شمال غرب سوريا وذلك بعد ثلاث سنوات من الاحتلال العسكري للمدينة من قبل تركيا وميليشياتها. ففي 20 يناير عام 2018 شن الجيش التركي والعصابات التابعة له في سوريا هجوماً على مدينة عفرين التي كانت إحدى الكانتونات الثلاثة الخاضعة لسيطرة أكراد سوريا، وبعد 58 يوماً في 18 مارس 2020 نجح في احتلاله عاصمة عفرين.
ومنذ الأيام الأولى لاحتلال مدينة عفرين حتى يومنا هذا، تنشر تقارير مختلفة عن جرائم انسانية وحقوقية في هذه المدينة، لكن يبدو أن الجرائم اللاإنسانية للجيش التركي والقوات الإرهابية تحت رعايته في عفرين اتخذت الآن أبعاداً جديدة.
إرسال سبايا جنس من عفرين إلى ليبيا
من الجوانب المروعة للجرائم اللاإنسانية المستمرة في مدينة عفرين بعد الاحتلال التركي، يمكن أن تكون مرتبطة بقضية إرسال فتيات كسبايا جنس. ففي الآونة الأخيرة ، أطلقت النائبة عن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي المعارض، تولاي حاتم أوغلولاري، ادعاءً تتهم فيه سلطات بلادها بالتورط في نقل نساء كرديات من عفرين بسوريا إلى ليبيا كسبايا جنس للمسلحين المدعومين من أنقرة.
وقدمت النائبة التركية لرئيس البرلمان التركي سؤالاً وطالبت بتفسير خطي من قبل وزير الخارجية حول هذا الأمر، وقالت السيدة حاتم أوغلولاري ، في سؤالها مستندة إلى تقارير منتشرة في بعض وسائل الإعلام، إن هناك شهوداً في هذا الصدد، وزعم هؤلاء الشهود أن فتيات ونساء كرديات سوريات يتعرضن للخطف في قرية الخليل أو الحمام وينقلون إلى تركيا. كما استندت في سؤالها إلى تصريحات رئيس المركز الإيزيدي الألماني حول أن هناك معلومات حول نقل نساء مخطوفات من سوريا إلى السعودية وقطر وباكستان وليبيا وحتى اليمن، وطالبت وزير الخارجية التركي بتوضيح ما إذا كانت تركيا تحقق في هذه الادعاءات بشكل محايد أم لا.
ورغم عدم نشر معلومات دقيقة حول هذا الأمر حتى الآن من أجل تحديد صحة هذا الادعاء، ولكن بالنظر إلى أن النائبة التركية قد طرحت ذلك، يجب علينا انتظار اصداء ذلك وعواقبه السلبية في المستقبل غير البعيد. حيث كان للاستعباد الجنسي واستغلال النساء كسلع جنسية تداعيات واسعة في المجتمع الدولي خلال احتلال داعش مدينة سنجار العراقية عام 2014 والآن يبدو أنه بالنظر إلى أن القوات الإرهابية الموجودة في عفرين هي في الغالب جماعات تكفيرية تحمل نفس تفكير داعش، لا يمكن اعتبار مثل هذه الظاهرة غير منطقية ومستحيلة.
تجارة الأعضاء البشرية من قبل تركيا
من القضايا المهمة الأخرى لانتهاكات حقوق الإنسان بعد احتلال مدينة عفرين، التقارير المنشورة عن الاتجار بالأعضاء البشرية من قبل أنقرة وميليشياتها المتحالفة معها. فمنذ الأيام الأولى بعد احتلال عفرين، ترددت أنباء عن مراجعة أشخاص مصابين بمرض خفيف أو إصابات سطحية مستشفيات عفرين، لكن جثثهم أعيدت إلى عائلاتهم بأعضاء داخلية مسروقة.
في الواقع، بعد احتلال الجيش التركي والجماعات المسلحة المدعومة من أنقرة منطقة عفرين الكردية في ربيع عام 2018، نشرت تقارير عديدة عن ممارساتهم المعادية لحقوق الانسان ضد سكان المنطقة والبيئة. وفي هذا الصدد ، أشار الصحفي من عفرين إبراهيم إبراهيم ، في جانب من تقرير نُشر في موقع "أحوال" إلى الاحاديث التي تتم عن سرقة أعضاء بشرية من سكان عفرين عدة مرات في السنوات الثلاث الماضية، وخاصة بعد التفجيرات التي خلفت قتلى وجرحى. وتحدث ابراهيم عن ست حالات سرقة أعضاء لأشخاص يعانون من مرض خفيف أو إصابات سطحية وتم نقلهم إلى المستشفى ولكن أعيدت جثثهم بأعضاء داخلية مسروقة. ويرى إبراهيم أن القوات التركية وحلفاءها السوريين متورطون في عمليات تهريب ممنهجة لأعضاء بشرية في كردستان سوريا وخاصة في عفرين.
ووفق إبراهيم قُتل ثمانية مدنيين وأصيب12 آخرون خلال قصف دبابات للجيش التركي على مناطق سكنية في قرية حجيلار التابعة لجنديرس. حيث ذكرت مصار ميدانية ان إرهابي درع الفرات نقلوا جثث القتلى إلى مدينة الريحانية التركية، وقاموا ببيع اعضاء جثث الضحايا الأكراد في سوق تهريب الأعضاء.
انتهاك حقوق الإنسان وتغيير التركيبة السكانية وهوية عفرين
بالطبع، لا تقتصر المآسي في مدينة عفرين على قضية الاتجار بالبشر واستعباد النساء، لكن تقارير منظمات حقوقية تشير إلى تغير ديمغرافي، وقطع الأشجار، وجهود منظمة لتغيير الهوية، وما إلى ذلك. وفي هذا الصدد، ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان في لندن، فإن الوضع في مدينة عفرين يشير إلى انتهاك واضح لحقوق الإنسان.
وفي هذا السياق، أعلنت قناة (روسيا اليوم)، في تقرير لها، يوم (السبت)، أن عفرين شهدت في عام 2020 987 حالة خطف، بينهم 92 امرأة، ووفاة 58 أخريات، كما أفادت القناة بأنه منذ الاحتلال التركي للمدينة، إضافة إلى قطع أكثر من 72 ألف شجرة، تم تدمير أو سرقة 50 موقعاً أثرياً. كما قُتل أكثر من 604 مدنيين في شمال سوريا خلال تلك السنوات، 498 منهم نتيجة القصف التركي والجماعات التابعة لأنقرة. في حين أصيب في التفجيرات 696 شخصا بينهم نحو 303 أطفال.
ووفق تقرير لهيومن رايتس ووتش، حول الخسائر الناجمة عن الألغام الأرضية والمفخخات التي نصبتها القوات التركية والجماعات التابعة لأنقرة في عفرين. فقد وقع 207 انفجارات في هذه المدينة سببه الجنود الاتراك.
ووفق معطيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، اضطر مئات الآلاف من سكان عفرين للفرار من منازلهم، ويقدر عددهم بنحو 300 ألف منذ آذار 2018، والعدد مستمر في الارتفاع. وصادرت القوات التركية آلاف المنازل لللاجئين، ونُقل العشرات من سكان عفرين إلى سجون ومراكز اعتقال ومقار للجماعات المسلحة المرتبطة بتركيا.