الوقت- للأسف بعد 6 سنوات من حرب المصالح المستعرة في ليبيا، لم ينجح القائمون على ما يسمى "منتدى الحوار السياسيّ الليبيّ" الذي يتم برعاية الأمم المتحدة، في وضع حد لحالة الانقسام والصراعات السياسيّة الداخليّة والدوليّة وما يرتبط بها على الساحة العسكريّة، بسبب فشل المشاركين في اختيار النسبة المطلوبة لاتخاذ القرار بشأن آلية اختيار السلطة التنفيذيّة الجديدة، وأوضحت مواقع إخباريّة أنّ 50 عضواً شاركوا في التصويت فيما امتنع 21 عضو آخرين عنه، ما يعد فشلاً ذريعاً في الوصول لتوافق بين الأعضاء.
باعترافه، فشل "منتدى الحوار السياسيّ الليبيّ" في تونس، بالتوصل لآلية التصويت على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة، رغم التوصل لتوافق على تشكيل لجنة استشاريّة من المجموعة من أجل تقريب وجهات النظر في اختيار السلطة التنفيذيّة والتوافق الذي يراعي التنوع في لجنة الصياغة، ما يفتح الباب مجدداً أمام احتماليّة الدخول في صراعات جديدة على التراب الليبيّ الذي يعاني في الأصل من التدخلات الخارجيّة الصارخة.
وفي هذا الخصوص، تحدثت عضو منتدى الحوار السياسيّ الليبي، أم العز الفارس، أنه جري تشكيل لجنة قانونيّة ستعقد اجتماعها الأول يوم 21 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بهدف إيجاد القاعدة الدستوريّة للانتخابات، والسعي عبر اللجنة الاستشاريّة لإيجاد حل لموضوع التصويت على اختيار آلية السلطة التنفيذيّة، لافتة إلى أنّ اللجنة الاستشاريّة ستحدد آلية التصويت على السلطة التنفيذيّة.
وفي الوقت الذي يطالب فيه بعض الأعضاء داخل المنتدى الحواريّ بالقيام بترميم للسلطات القائمة وصولاً للانتخابات، لا تبدو منهجيّة عمل البعثة الأمميّة إلى ليبيا واضحة أبداً، وهذا لا يبشر بالتوصل لنتائج إيجابية على المدى القريب، حيث أرجع بعض أعضاء المنتدى الانسداد الحاليّ لعدم وضوح منهجية العمل من الأمم المتحدة فيما يرى آخرون أن الملتقى حقق نجاحاً بالوصول إلى تحديد موعد الانتخابات، وأنّه سينجح بتضافر جهود الأمن المحليّ كما حدث في الانتخابات البلديّة.
يشار إلى أنّ ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، ستيفاني وليامز، الخميس المنصرم، عقدت اجتماعاً تشاورياً لملتقى الحوار عبر الفيديو، للاستماع لآراء المشاركين ومقترحاتهم حول الطريقة الملائمة والأكثر توافقية للمضي قدماً في عمليّة اختيار السلطة التنفيذيّة للفترة التحضيريّة للانتخابات، حسب ما ورد في خارطة الطريق التي توافق عليها الأعضاء في لقاء تونس في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وعلاوة على ما تقدّم، دعت عضو الهيئة التأسيسيّة لكتابة الدستور الليبيّ، نادية عمران البعثة الأمميّة لإعلان فشل كافة المسارات الدستوريّة، على كل الأصعدة السياسيّة والاقتصاديّة والعسكريّة المرتبطة بشكل وثيق، واتهمت الأمم المتحدة بعدم القيام بدراسة معمقة وواضحة لحل الأزمة الليبيّة ولم تدرك أنّ الحل يجب أن يستند للإرادة الشعبيّة.
ومع ازدياد اللاعبين الدوليين بأرواح أبناء هذا البلد، يبدو أنّ حجم المأساة ستزداد بسبب عدم الرغبة الدوليّة أولاً والداخليّة المرتبطة بالخارج ثانياً للتوصل إلى حل ينقذ البلاد من وحل الحرب، ناهيك عن معركة "تكسير العظم" بين الأطراف كافة لفرض الشروط على الطرف الآخر، بالإضافة إلى تأثير التدخلات الخارجيّة على هذه الأرض العامرة بخيرات النفط، لتحقيق أطماعهم وغاياتهم القذرة.
وبالنظر إلى الواقع العسكريّ المرير وتحولاته، لا يمكن التكهن إلى أين ستصل الأمور في ليبيا في حال لم يتم التوصل لاتفاق سياسيّ سريع، لكن الشيء الواضع كعين الشمس، هو أن الجهود الأمميّة لن تفلح في منع الطامعين بالنفوذ والثروات من تمزيق أحلام الليبيين في مستقبل أفضل، في ظل غياب الإرادة الدوليّة الجادة لإنقاذ ليبيا من الحرب الطاحنة التي بدأت منذ العام 2014.
إضافة إلى ذلك، وجّه مجلس الأمن الدوليّ اليوم رسالة للمرتزقة الأجانب في ليبيا ودعاهم لمغادرة البلاد، فيما وافق على تعيين البلغاريّ، نيكولاي ملادينوف، مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة ليبيا، بعد المبعوث الأمميّ السابق الذي استقال من منصبه في مارس/آذار الماضي، لأسباب صحيّة بحسب ادعائه، وقال الأعضاء في بيان صدر بالإجماع، إنهم يدعون إلى انسحاب جميع المرتزقة الأجانب من ليبيا بما ينسجم واتفاق وقف إطلاق النار الذي توصّلت إليه الأطراف الليبية في 23 أكتوبر/ تشرين الأول، والتزامات المشاركين في مؤتمر برلين، وقرارات مجلس الأمن الدوليّ.
وفي هذا السياق، أوضحت مبعوثة الأمم المتحدة بالإنابة إلى ليبيا، الأمريكيّة ستيفاني ويليامز، في مطلع ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أنّ حوالي 20 ألفاً من أفراد "قوات أجنبية /أو مرتزقة" لا يزالون في ليبيا، وأضافت "هناك اليوم 10 قواعد عسكريّة في ليبيا محتلّة كلّياً أو جزئياً من قبل قوات أجنبيّة.