الوقت- يبدو أن اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية نجحتا في ممارسة السحر الأسود على دول اوروبا، وأعتقد أن أوروبا أصبحت تابعة وفاقدة لقرارها المستقل أكثر من أن تكون مسحورة، وهذا ما يبرر رضوخ هذه الدول التي تملك تاريخا عريقا لدول وكيانات حديثة الظهور، وإلا ماذا يعني هرولتها لتصنيف "حزب الله" منظمة ارهابية وخلط جناحه السياسي بالعسكري، مع العلم ان الحزب لا يمارس اي نشاط في اوروبا، والاهم ان كثيرا من دول اوروبا تعاونت مع الحزب في كثير من الملفات، ولكن يبدو أن الرضوخ لاسرائيل أصبح "مرضا عالميا" أخطر حتى من "فيروس كورونا".
الجديد أن جمهوريتي سلوفينيا ولاتفيا صنفتا "حزب الله" منظمة ارهابية، كما فعلت في وقت سابق المانيا وبريطانيا، والغريب ان لا أحد في العالم يريد أن يرى "ارهاب اسرائيل" الذي دمر دولا بأكملها، لماذا يتعامى العالم عما تفعله اسرائيل بالفلسطينيين، على أي اساس يتم تقييم الارهاب؟، وما هي المعايير التي تتخذها هذه الدول؟.
لطالما أن "حزب الله" لم يمارس اي نشاط على اراضي هذه الدول، لماذا يتم تصنيفه على هذا النحو، لا يوجد سوى جواب واحد، " هذه الدول فقدت قرارها المستقل تحت وطأة الضغوط الأمريكية – الاسرائيلية"، ولم يعد بإمكانها الصمود أكثر أمام هذه الضغوط، لتنفذ الانحناءة الأولى للصهاينة، والقرار المتخذ من هذه الدول هو اهانة لديمقراطية هذه الدول، فالحزب لا يملك اي نشاط هناك، وهذا ما تحدى به الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الألمان خلال كلمته بعد ان صنفت المانيا الحزب منظمة ارهابية، وأكد السيد نصرالله على أن: "حزب الله ليس له اي تنظيمات في اي بلد اوروبي او في اي من دول العالم"، ولفت الى انه "منذ سنوات طويلة ادركنا انه لا يجب ان نضع اي لبناني في الخارج بعلاقة معنا كي لا نعرضه للخطر".
المضحك المبكي أن دولا مثل السعودية والبحرين رحبت بقرار سلوفينيا ولاتفيا، هل أقدم "حزب الله" يوما على تقطيع أحد مواطني بلدها كما فعلت السعودية مع جمال خاشقجي ومعارضين آخرين، هل يفعل الحزب ما تفعله البحرين مع أغلبية شعبها من ترهيب واعتقالات بالجملة وحرمان من ابسط الحقوق، والاهم هل يحق لمثل هذه الدول ان تعلق على مثل هذا القرار، والسعودية نفسها لم تحصل حتى على مقعد في مجلس حقوق الانسان.
ما يجري لا يعدو كونه حربا نفسية وتعبوية قذرة ضد "حزب الله" يتشارك فيها الاسرائيليون وبعض الانظمة العربية التي لا تملك شيئا لا من الحرية ولا من الديمقراطية وتأتي لتنظّر على الشعوب بالحرية وحقوق الانسان، والهدف واضح ممارسة اعلى ضغط ممكن على "حزب الله"، حتى ان سفيرة واشنطن في بيروت، دوروثي شيا، أكدت هذا الامر بصراحة، عندما قالت أن الولايات المتحدة ستواصل انتهاج سياسة الضغط على حزب الله.
قرارات تصنيف "حزب الله" على لوائح الارهاب، لم تتسارع سوى في المرحلة الحالية، لأن القوى العظمى فشلت في ارضاخ لبنان لسياستها، ولم تنجح حتى بالمساس بشعبية "حزب الله" وحاضنته الشعبية، وهذا ما يفسر جنونها، ومحاولتها الضغط على الحزب من الخارج، عل هذا الامر يساهم في اضعافه في الداخل، ولكن ذلك لن يحصل، وان غدا لناظره لقريب.
النقطة الأهم أن "اسرائيل" وجدت أنها عاجزة عن مواجهة “حزب الله” وخاصة بعد حرب العام 2006، حيث فرض الحزب معادلة جديدة منعت الصهاينة من الاعتداء على لبنان والمس بسيادته، وهذا الامر لا يروق للاسرائيليين لأنه يجعل حزب الله أقوى وأقوى ويزيد من شعبيته في الداخل اللبناني، لذلك كان لا بد من تشويه سمعة الحزب والحد من تأثيره في الداخل اللبناني وتأليب الرأي العام اللبناني عليه، في محاولة لخلط الأوراق من جديد في لبنان وافشال عمل الحكومة التي يدعمها الحزب، والابقاء على حالة الفوضى التي يعيشها لبنان، تمهيدا لخلق فتنة على مستوى كبير تفتح الباب من جديد امام حرب اهلية يتورط فيها حزب الله، الامر الذي يحد من نفوذه وقوته وشعبيته وبالتالي يتآكل من الداخل وبهذه الطريقة لن تكون له اي حاضنة شعبية او عربية او عالمية في حال شنت اسرائيل حربا على لبنان وقام بالرد عليها.
وما يؤكد ضلوع اسرائيل وتاثيرها على قرار سلوفينا على سبيل المثال، ما ذكرته وسائل إعلام محلية، من أن رئيس الوزراء السلوفيني جانيز جانزا سيجري سيقوم بزيارة إلى إسرائيل، في 8 كانون الأول الجاري، للبحث بشراء أسلحة إسرائيلية، فيما لم تصدر الحكومة أي بيان بشأن الزيارة المذكورة، وفق "الأناضول".
اذا نظرا للعجز الاسرائيلي عن مواجهة الحزب سيتجه الصهاينة نحو الحرب الناعمة، وتشويه صورة حركات المقاومة قدر المستطاع، كما فعل "الكيان الاسرائيلي" مع قناة المنار اللبنانية في العام 2004، حيث قالت الاذاعة الاسرائيلية إن الحكومة الإسرائيلية تدخَّلت لدى عدد من الحكومات الأوروبية لمنع بثّ تلفزيون "المنار" قبل تنفيذ عملية تبادل الاسرى حينها. تلت ذلك زيارات لرئيس الكيان، موشيه كاتساف، إلى أوروبا، ركّزت على فرنسا وألمانيا، حيث نشرت جريدة "لوموند"، نقلاً عن "معاريف"، في ال 18 من شباط 2004، أن كاتساف بحث خلال زيارته إلى فرنسا أمر "المنار" مع جاك شيراك، وأنَّ فرنسا أعطته وعداً بذلك، في إطار الصراع الذي تخوضه على أراضيها ضد التعصّب واللاسامية..
وأضافت الصّحيفة: "إنّ الأمر لم يقتصر على المنار، بل طلب كاتساف من جاك شيراك إعلان الحزب منظمة إرهابية، وهذا ما تتردّد أوروبا في الإقدام عليه، إذ تحجّج شيراك بأن إسرائيل نفسها دخلت في مفاوضات مع الحزب، فردّ كاتساف بأن ذلك اقتصر على عملية تبادل أسرى وجثامين".