الوقت- بعد عام من المباحثات للتوصل إلى حل لوقف النزاع الدائر بين حكومتي طرابلس وطبرق، نجح مبعوث الأمم المتحدة من أجل الدعم في ليبيا برناردينو ليون في تفكيك الأزمة عبر تشكيل حكومة وفاق وطني، ولكن لا يزال الحكم على مستوى القبول وحجم الدعم وكذلك قدرتها على التحكم بالشارع الليبي مبكراً.
وقد أعلن برناردينو ليون، في مؤتمر صحافي ليل الخميس الجمعة 9 أكتوبر 2015، بمدينة الصخيرات المغربية أسماء أعضاء حكومة وفاق وطني يرأسها فايز السراج إلى جانب 3 نواب لرئيس الحكومة.
وبعد الجولة الأخيرة التي شهدت حضور ممثلين عن الأحزاب والبلديات والقبائل والمجتمع المدني والنساء، إلى جانب وفد برلمان طبرق ووفد برلمان طرابلس غير المعترف به دولياً أوضح ليون: "بعد سنة من الجهود التي بذلت في هذه العملية مع أكثر من 150 شخصية ليبية تمثل كل المناطق، حان الوقت لنتمكن من اقتراح تشكيلة حكومة وفاق وطني".
وتلا ليون قائمة بأسماء الوزراء المقترحين لتشكيل الحكومة وعددهم 17 وزيراً من بينهم امرأتان. وأضاف "اتفقنا على 6 شخصيات في نهاية المطاف".
السراج رئيساً
وأوضح المبعوث الأممي أنه تم الاتفاق على اقتراح فايز السراج، نجل الوجه الطرابلسي المعروف السراج الذي لعب دوراً وطنياً في مرحلة إستقلال البلاد وتوحيدها، ليكون رئيساً للحكومة وأن يشكل مع 5 نواب مجلساً رئاسياً.
وأشار الى أنه "تم اقتراح 3 نواب لرئيس مجلس الوزراء هم: أحمد امعيتيق وفتحي المجبري وموسى الكوني"، وهم من مناطق الغرب والشرق والجنوب.
كما تم الاتفاق على "وزيرين كبيرين لاستكمال المجلس، أحدهما عمر الأسود من الزنتان، والآخر محمد العماري العضو في إحدى الفرق المشاركة في الحوار".
وتأمل الأمم المتحدة التي سلمت أطراف النزاع الليبي في 22 سبتمبر نسخة الاتفاق السياسي النهائية بما فيها الملاحق، موضحة أنه "الخيار الوحيد" أمام الليبيين كي لا تسقط البلاد في فراغ سياسي ومصير مجهول، تأمل أن يؤدي الحوار إلى التوقيع على اتفاق سلام يبدأ تطبيقه بحلول 20 أكتوبر ويتمحور حول تشكيل حكومة وحدة وطنية من الطرفين تقود مرحلة انتقالية تمتد إلى عامين.
ترحيب أوروبي
وفي أول رد فعل على إعلان هذه الحكومة هنأت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديركا موغيريني، المفاوضين الليبيين، مؤكدة أنهم أثبتوا "حس المسؤولية والقيادة وروح التوافق في وقت حاسم من تاريخ ليبيا".
من جانبها أعربت تونس عن ارتياحها لتوصّل أطراف الحوار اللّيبي إلى تشكيل حكومة وفاق وطني وتُقدّر عاليًا الجهود التي بذلتها كافة الأطراف اللّيبيّة وروح المسؤوليّة التي تحلّت بها طيلة مفاوضات وجلسات الحوار الوطني.
أطراف الصراع
وتشهد ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011 فوضى أمنية ونزاعاً على السلطة تسببا في انقسام البلاد قبل عام بين سلطتين. وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تقرير الأسبوع الماضي أن "أكثر من 3 ملايين شخص تأثروا بالنزاعات المسلحة وانعدام الاستقرار السياسي الذي تشهده ليبيا، وقد يكون 2,44 مليون شخص في وضع يستلزم حماية ومساعدة إنسانية".
وتنتشر عشرات الجماعات المقاتلة في ليبيا، الأمر الذي يجعلها عائقاً كبيراً أمام ممارسة مهام الحكم لأي حكومة مقبلة. ويمكن القول إنّ الجماعات المسلحة في ليبيا خمسة أنواع: أولها، جماعات محلية ضيقة الانتشار ترتبط بالقبائل، وهي تضمن أمن أهاليها من هجمات محتملة من أطراف مناوئة، وهي منتشرة في كامل ربوع ليبيا. وثانيها، جماعات تابعة لأشخاص نافذين من الضباط السابقين، أو أثرياء تابعين لجماعات سياسية أو قبلية، وهي بالمئات، وتنتشر أيضاً في كل البلاد.
وثالثها، القوات التابعة لخليفة حفتر الذي تم ترقيته إلى رتبة فريق من قبل مجلس النواب الليبي، حيث يقود حفتر "قوات الجيش الوطني الليبي" مدعوماً بقيادات في القوات المسلحة الليبية، ومصر والسعودية والإمارات.
ورابعها جماعات عقائدية وأهمها "أنصار الشريعة" و"مجلس شورى ثوار بنغازي" و"فجر ليبيا" وهي مليشيات إسلامية عالية التدريب، ومسلحة بأسلحة ثقيلة وخفيفة، وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن تركيا تدعم جماعة الإخوان المسلمين مقابل مصر التي تدعم خليفة حفتر. وخامس هذه القوات تنظيم "داعش" الإرهابي، وهو تنظيم دخيل، ومرشح لابتلاع بقية المجموعات الإسلامية وضمّها أو قتالها، خاصةً أنه يتعرّض حالياً لضربات موجعة في سوريا والعراق.