يا ظلامَ السّـجنِ خَيِّمْ إنّنا نَهْـوَى الظـلامَا
ليسَ بعدَ الليل إلا فجـرُ مجـدٍ يتَسَامى
الوقت- كلمات جسدتها إرادة وعزيمة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني الغاصب التي غصت بآلاف المناشيدين للحرية والمطالبين بحقوقهم مثل الأسير أسامة الأشقر الذي نضحت كلماته في كتابه "للسجن مذاق آخر" بمذاق القوة والإرادة والعزيمة، بعيدا عن الألم واليأس والظلم، حيث يُواصِل الأسرى السياسيون الفلسطينيون تسجيل الأرقام القياسيّة في مواجهة جبروت الاحتلال وسجّانيه، ليؤكّدوا للعالم وللاحتلال وشعبهم ولأمّتهم أنّ عتمة السجن أوهن من أنْ تُضعِفهم أوْ تنتقص من عزيمتهم وإرادتهم.
الأسير الأشقر؛ حكم بالسجن المؤبد 8كا مرات و50 عاماً
"أسامة محمد علي الأشقر" (39 عاماً) من بلدة صيدا شمال مدينة طولكرم، دخل عامه التاسع عشر على التوالي في سجون الاحتلال، حيث يمضي حكماً بالسجن ثماني مؤبدات و50 عاماً.
حيث ان قوات الاحتلال اعتقلت الأسير " أسامة الأشقر" بتاريخ 14/ 11/ 2002، في كمين نصب له في بلدة شويكة قضاء المدينة، بعد مطاردةٍ استمرت عامين، وخضع للتحقيق لأكثر من 3 شهور متواصلة ، ووجه له الاحتلال تهمة تنفيذ عدة عمليات عسكرية ابرزها عملية "مستوطنة ميتسر" وقتل فيها 5 مستوطنين، وعملية "حوفيش" وقتل فيها 3 مستوطنين، وأصدرت محاكم الاحتلال حكما بالسجن المؤبد 8 مرات بحقه.
ولم يتورع الاحتلال عن استخدام كل اشكال التنكيل والتعذيب بحقه خلال التحقيق رغم انه يعانى من اصابة سابقة قبل اعتقاله بشظايا صاروخ وخمسة رصاصات اصيب بها خلال تصديه لاقتحام الاحتلال لمدينة طولكرم قبل اعتقاله بعدة شهور.
كما ان الأسير "الأشقر" ممنوع من زيارة اشقائه منذ اعتقاله لأسباب أمنية، حيث التقى بهم خلال اعتقالهم فى سجون الاحتلال فقد اعتقل شقيقه "أمجد الأشقر" وأمضى 7 سنوات فى السجون، بينما شقيقه "أشرف" حكم عليه بالسجن لمدة 36 شهراً.
إرادة تنجب المعجزات من خلف القضبان
قد واصل الأسير" أسامة الأشقر" دراسته خلف القضبان حيث أتم امتحان الثانوية العامة بتفوق، وانتسب في إحدى الجامعات لفصل واحد فقط بسبب منعه من استكمال دراسته من قبل الاحتلال، في حين أتقن الأشقر اللغة العبرية والإنجليزية والفرنسية داخل السجن، ويكتب العديد من المقالات السياسية والثقافية المختلفة .
ومن بين اخر تجليات عزيمة وارادة الأشقر أطلقت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، بالتعاون مع وزارة الثقافة والاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، يوم الاثنين، بمدينة البيرة، كتاب بعنوان “للسجن مذاق آخر”، للأسير أسامة الأشقر.
وقد جاء الكتاب في 175 صفحة موزعة على فصلين، يتحدث الفصل الأول منها عن واقع الاعتقال وظروف الحياة الاعتقالية، أما الفصل الثاني فيتحدث عن حروب الظل، وكيف تقوم إدارات الاحتلال بحروب في الخفاء لتفكيك التماسك المجتمعي والتنظيمي لإحداث اختراق في بنية المجتمع الفلسطيني وتطويعه لسياسات الاحتلال وكيف تم اكتشاف هذه السياسات ومواجهتها.
وقال نائب رئيس حركة فتح محمود العالول إننا نضيف اليوم إضافة جديدة على أدب السجون بهذا الكتاب الذي اختار له عنوانا فريدا، وهو مذاق القوة والإرادة والعزيمة، بعيدا عن الألم واليأس والظلم، موضحًا أن قضية الأسرى على جدول أولويات القيادة، ولهم مكانة خاصة في أذهان وعقول كل الشعب الفلسطيني.
من جانبه، قال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر، إن الاحتلال أراد من هذه السجون أن تكون مقابر للأحياء، ولكن الأسرى جعلوها معاهد وجامعات خرجت آلاف من الكوادر، لافتا الى أن سنوات السجن الطويلة التي أمضاها الأسير الأشقر لم يكن كما تمناها السجان، من ظلم ويأس واحباط، إنما استطاع تحدي السجن بإرادة وقوة، حيث نشر العديد من المقالات.
ومن جهته، أكد الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب مراد السوداني، أنه ورغم الأحكام الجائرة للأسير الأشقر، الا أنها لم تنل من عزيمته، فهو يصر على الحياة والفرح، مشيرا الى أن إطلاق الاتحاد العام باكورة اسامة لهو انحياز لمدونة الأسرى.
ومنح السوداني الأسير الأشقر عضوية الاتحاد، تأكيداً على دوره وفعله بما يعزز صمود الأسرى وعزيمتهم. فيما منحه نقيب الصحفيين ناصر أبو بكر عضوية في النقابة.
إلى ذلك، قال مدير عام الآداب والنشر والمكتبات في وزارة الثقافة عبد السلام العطاري، إن أدب الحركة الأسيرة هو من أولويات واهتمامات الوزارة، لافتا الى أن أسامة ومنار سجلا ملحمة ثقافية ابداعية من خلال تواصلهما مع العالم، ومع الكتاب والأدباء الفلسطينيين.
وقال الأسير أسامة الأشقر في كلمة مسجلة له: إن هذه المناسبة هي أكبر دليل على قوة وارادة الشعب الفلسطيني، بالرغم من كل الظروف والتحديات والصعوبات التي يعاني منها الأسير، مشيرا الى أن الأسرى لن يستكينوا للسجان وظلمه، وسنرفع راية النضال في كل الميادين، وأننا أصحاب حق وأن الاحتلال ظالم مستبد.
وأكد الأشقر أن الأسرى قادرون رغم السجن والمعاناة على خلق المعجزات والانبعاث من جديد.
منار والأشقر زواج لم يمنعه الأسر وحكم المؤبد
تعرفت منار خلاوي على الأسير أسامة الأشقر منذ ثلاثة سنوات من خلال قريب لها كان أسيراً مع أسامة داخل سجون الاحتلال، وقد عانى الاثنان من مرارة البعد وحرقة الأسى بعد خطوبة دامت ثلاث سنين لم يستطع فيها أحدهما من رؤية الآخر، لأنّه وفق قوانين الاحتلال الجائرة، لا يسمح بزيارة أي أسير باستثناء قرابته من الدرجة الأولى.
وكان اليوم المنتظر يوم الاثنين الماضي، وسط حضور مهيب من الأهل والأقارب والمحبين وممثلي الفعاليات الرسمية والشعبية حيث عقدت منار قرانها على أسامة لتتمكّن من زيارته ورؤيته للمرّة الأولى على أرض الواقع وليس عبر الصور.
وترى منار أن معنويات أسامة ارتفعت أكثر بعد الخطوبة والزواج، وأصبح لديه أمل في الخروج والتحرر، لأنه يقول "ما حصل هو بوابة الحرية وأول الغيث من قطرات التحرر من الأسر، وتحدي الاحتلال يكون بالاستمرار في الحياة الطبيعية داخل السجن، وتحقيق الإنجازات من دراسة وتخرج وخطبة وحتى زواج وبناء خارج السجن، لأن الأسرى الفلسطينيين هم أصحاب قضية عادلة لا تنتهي إلا بانتهاء الاحتلال.
الإرادة هي ما تدفع أبناء الشعب الفلسطيني للخطوة الأولى على طريق الكفاح، أما العزيمة فهي ما تبقيهم على هذا الطريق حتى النهاية، ومثل الأشقر كمثل الكثيرين من الأسرى الذين يعانون من جور الظلم والأسر في سجون الاحتلال الغاشم، حيث بلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال حتى نهاية أيار 2020 قرابة 4600 أسير، من بينهم 41 أسيرة، فيما بلغ عدد الأسرى الأطفال 170 طفلا، والأسرى الإداريون 380 أسيرا، إضافة إلى أن عدد أوامر الاعتقال الإداري الصادرة بلغت 110 أوامر، من بينها 44 أمرا جديدا، و66 تمديدا.
هذا ويعاني الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي هذا العام حرمانا مضاعفا جراء استمرار إدارة سجون الاحتلال في وقف زيارات عائلاتهم، مع انتشار وباء كورونا (كوفيد-19) منذ شهر آذار الماضي.