الوقت- بالتزامن مع الذكرى الـ 25 لجريمة اغتيال الأمين العام الأسبق لحركة "الجهاد الإسلاميّ" الفلسطينيّة، فتحي الشقاقي، الذي اغتيل على يد استخبارات العدو الصهيونيّ "الموساد"، في جزيرة مالطا في 26 تشرين الأول عام 1995، أشارت وسائل إعلام العدو، إلى أنّ عمليتيّ الاغتيال التي نفذتهما استخبارات الكيان الصهيونيّ بحق الشقاقي، والمسؤول العسكريّ البارز في المقاومة اللبنانيّة "حزب الله"، عماد مغنيّة، الذي اغتيل بنفس اليد الإجراميّة في دمشق عام 2008، أدّتا إلى "تغيير وجه التاريخ"، في الوقت الذي كان يصف الإعلام العبريّ الشهيد مغنيّة، بالشخصيّة الأخطر على الكيان الغاصب منذ 30 عاماً.
أصاب مُحلّل الشؤون العسكريّة في القناة الـ13 العبريّة، ألون بن دافيد، عندما قال إنّ شهادة كل من الشقاقي ومغنيّة، قد غيرت وجه التاريخ، بل أكثر من ذلك غيرت وجه المستقبل، لأنّها فتحت باب المقاومة على مصراعيه في المنطقة، ونشرت فكراً معاديّاً للصهاينة لا يمكن للعدو أن يتصور حجمه وتأثيره، فيما ارتكب المحلل الصهيونيّ خطأ جسيماً عندما قال إنّ حركة "الجهاد الإسلاميّ" عاشت فترةٍ طويلةٍ من الجمود العميق بعد حادثة الاغتيال، حيث إنّ أحد أهم العوامل التي ساهمت في ازدهار المقاومة هؤلاء الشهداء الأبرار، وعلى ذلك يجب للكاتب أن يجيب على سؤال "أين كانت حركة الجهاد قبل 25 عاماً وأين أصبحت اليوم؟ عندها سيدرك المحلل وكيانه أنّ الإرادة والعزيمة والقوة والصمود والانتصار الذي تملكه المقاومة اليوم، قد تحقق بالتضحيّة والإباء الذي قدمه مغنية والشقاقي.
كذلك، فشل بن دافيد في تبرير قوله بأنّ "اغتيال مغنيّة، أوجد فراغاً لم يتمكّن حزب الله حتى اليوم من ملئه"، لأنّه ووفق المعطيات على الأرض وباعتراف إسرائيليّ حتى، فإنّ المقاومة اللبنانيّة أقوى من أيّ وقت مضى، بفضل طريق الانتصار الذي عبّده شهداء المقاومة وعلى رأسهم عماد مغنية.
وفي هذا الصدد، كشف المحلل المُقرّب جدًا من دوائر صنع القرار الأمنيّ والعسكريّ داخل الكيان الغاصب، أنّه تمّ اتخاذ قرارات خاطئة من قبل تل أبيب، بينها قرار اغتيال الأمين العّام السابِق لحزب الله، عبّاس موسوي، مُوضِحًا أنّ بعض الاغتيالات الصهيونيّة كانت من مُنطلقٍ ثأريٍّ، كعملية الاغتيال الفاشلة بحق رئيس المكتب السياسيّ لحركة المقاومة الإسلاميّة "حماس"، خالد مشعل، التي تمّ تنفيذها في العاصمة الأردنيّة عمّان عام 1997، معتبراً أنّها كانت متسرّعة للغاية، وناتِجةً عن فشل أخلاقيٍّ كبيرٍ على جميع مُستويات صناعة القرار داخل الكيان الصهيونيّ الغاشم.
وبالتزامن مع ذكرى اغتيال مؤسس حركة الجهاد الإسلاميّ الفلسطينيّة، الذي اغتيل وهو في طريق عودته من ليبيا إلى دمشق بعد جهود قام بها لدى ليبيا زمن الرئيس الراحل، معمر القذافي، بخصوص الأوضاع الفلسطينيّة على الحدود المصريّة، تحدث المحلل الصهيونيّ عن تصفيات الإجراميّة الممنهجة للكيان الصهيونيّ، تحت مبررات دفع الفلسطينيين للانشغال في الدفاع عن أنفسهم، عوضاً عن تنفيذ عمليات ضدّ محتل أراضيهم.
كما وقع بن دافيد في فخ حديثه عندما قال أنّ الاغتيالات هي الطريقة الأكثر أخلاقيّة لمُحاربة ما أسماه بالإرهاب والإرهابيين، متناسيّاً أنّ منبع الإرهاب يتمثل في كيانه الذي احتل الأرض العربيّة وبنى مستوطناته على أشلاء الأبرياء، ومد جذور سطوته في أراضي الآخرين بعد تهجيرهم عن وطنهم، فيما أغفل قضيّة أنّ الفرق بين الإرهابيّ والمقاوم جليّة في فلسطين كعين الشمس، فشتان بين محتل الأرض الغادر وبين المقاومين الشجعان الذين يضحون بأرواحهم في سبيل تحرير أوطانهم من الأعداء.
وما ينبغي ذكره، أنّ الشهيد فتحي الشقاقي، طبيب ومقاوم فلسطينيّ، بدأ ناصرياً قبل أنْ يُصبح إسلامياً، وُلد بتاريخ 4 يناير 1951، في مخيم رفح للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، لأسرة فقيرة هُجّرت إبان النكبة من قرية زرنوقة (قرب يافا)، ونشأ في بيت محافظ، وكان والده عاملاً وإمام مسجد، بحسب مواقع إخباريّة.
وبعد عودته إلى فلسطين من مصر في العام 1981، تعرّض للاعتقال من قبل قوات العدو أكثر من مرّةٍ في الفترة بين 1983 و 1986، ثم أُبعِد في آب عام 1988 إلى لبنان، وذلك بعد اندلاع الانتفاضة في فلسطين واتهامه بأنّه كان له دورٍ رئيسيٍّ فيها، وبقي يتنقّل من عاصمةٍ عربيّةٍ إلى أخرى حتى تمّ اغتياله في الـ44 من عمره.