الوقت- بالرغم من جميع المساعي الحثيثة التي بذلتها السعودية لاغراء الجنوبيين الیمنيين، رفض هؤلاء الشرفاء، التعاون مع الإحتلال السعودي والإماراتي ضد بلدهم، مما أدی هذا الرفض الی فشل السعودية في السيطرة علی الکثير من مناطق الیمن الجنوبية، ما عدی سيطرتها علی أجزاء قليلة من عدن، بعد تکبدها خسائر فادحة. وبعد رفض السعودية، من قبل الجنوبيين، أصبح الحراک الجنوبي يدعو الجيش الیمني وحرکة أنصارالله الی دعم الجنوبيين، ضد المحتليين السعوديين والقاعدة التي باتت تعبث فساداً ودماراً في عدن ومناطق اخری من جنوب اليمن. اذن بعد عجز السعودية في دخول المناطق الشمالیة من الیمن وکذلک العاصمة صنعا، ورفض المشروع السعودي في الجنوب، کيف سيکون مستقبل الیمن وأي مشروع ينتظر الائتلاف السعودي في الیمن؟
بعد فشل مؤتمر جنيف الذي عقد خلال الشهور الماضية بين المتصارعين الیمنيين، استمرت الحوارات بين حرکة أنصارالله والتيارات الجنوبية، کان من بينها الحراک الجنوبي للتوصل الی خطة عمل يمکن من خلالها، إنهاء العدوان السعودي علی الیمن. وفي هذه الاثناء لعبت سلطنة عمان دورا جوهريا في تقريب وجهات النظر وعقد اجتماعات الحوار بين أنصارالله والحراک الجنوبي، في العاصمة العمانية مسقط. واوضحت قيادات سياسية في حرکة أنصارالله أن الاجتماعات بين الحرکة والقيادات الجنوبية، تفوق، مجرد حوار بين الشمال والجنوب، وأن محطة مسقط ستکون بديلا لاستکمال حوارات صنعاء التي اوقفتها الحرب السعودية علی الیمن.
وبعد ما شنّت السعودية حربها العدوانية علی الشعب الیمني، بات الیمنييون الجنوبييون يشعرون أکثر من أي وقت مضي بالخطورة التي تهدد الیمن، علی يد تنظيم داعش والقاعدة المدعومان من قبل الرياض. هذه المخاطر جعلت الحراک الجنوبي يدعوا أنصارالله لدعمه لمواجهة الاحتلال السعودي وخطر القاعدة التي باتت أعلامها ترفرف فوق مدينة عدن، بعد دخول القوات الإماراتية والسعودية الی هذه المدينة. وفي هذا السياق بدء الکثير من الإعلاميين المصريين يحذرون من دعم السعودية لداعش والقاعدة في جنوب الیمن، ضد سکان الجنوب. حيث کتبت صحيفة «المقال» المصرية، مقالا يحمل عنوان «السعودية تمكّن داعش في الیمن» في دلالة واضحة تشير الی جهود السعودية لتمزيق وحدة الیمن، علی غرار ما يحدث في مناطق العراق الشمالیة علی يد تنظيم داعش الإرهابي.
سيطرة داعش والقاعدة علی جنوب الیمن، ودخولهما الی عدن، سيکون بمثابة کارثة لأمن باب المندب والسفن الامريکية وغيرها من السفن التي تمر من هذا الممر المائي الدولي، بسبب إحتمال تعرضها لهجوم من قبل هذين التنظيمين الإرهابيين.
فشل الحرب السعودية ضد الیمن بات أکثر وضوحا خلال الاسابيع الماضية، فضلا عن وقوع أعداد کبيرة من القتلی بين صفوف القوات السعودية خلال هذه الفترة، حيث عجزت الرياض من الاقتراب باتجاه صنعا، بعد أن ادعت أن تحرير العاصمة الیمنية بات مجرد وقت ولم يبعد قوات الإئتلاف السعودي عن صنعاء سوی 60 کيلومترا!. وتحت عنوان عملية «السيل الجرار»، زعمت السعودية في نهاية شهر أغسطس الماضي أنها بدءت المرحلة الاولی من عمليات دخول صنعاء، لتحريرها من يد جماعة أنصارالله!. لکن بعد مضي أسابيع عديدة من أعلان هذه العمليات، ظهر علینا «أحمد عسيري» المتحدث باسم قوات الائتلاف السعودي، وزعم «إن عملية زراعة الألغام بشكل عشوائي من طرف ميليشيات الحوثي، هي التي تؤخر تحرير ما تبقى من محافظة مأرب»، للتقدم نحو صنعا وتحريرها من قوات أنصارالله علی حد قوله!.
وفي سياق متصل حاول «حمود المخلافي» رئيس ما يعرف باسم المجلس التنسيقي الموالي للائتلاف السعودي، تبرير عجز السعودية في دخول صنعاء، من خلال طرح إدعاء أن القوات الموالیة للسعودية في الیمن، لا تمتلک السلاح اللازم لبدء عملية تحرير العاصمة والمناطق المحيطة بها، حسب زعمه. لا أحد يصدق مثل هذا الکلام الذي يروج له المخلافي حول أن عدم توفر السلاح هو الذي يمنع القوات الموالیة للسعودية من التقدم باتجاه صنعا، لأن المطلع علی مجريات الامور في الیمن يعرف جيدا أن عدن ومناطق اخری، أصبحت مستودعا کبيرا لجميع أنوات السلاح الذي ادخلته السعودية لحلفائها داخل الیمن، بعد سيطرتها علی هذه المناطق.
وفي مقابل ذلک أعلن القيادي فی حرکة أنصارالله «محمد علي الحوثى» قبل أيام، في رد من قبل الحرکة علی مزاعم الائتلاف السعودي حول "قرب دخول صنعاء" من قبل هذا الائتلاف، ان «تصريحات قوات التحالف باقتراب معركة تحرير صنعاء مضحكة، فالشمس أقرب إليهم من دخول العاصمة».
مصادر الجيش الیمني وقوات أنصارالله توکد أنها أفشلت أکثر من 25 محاولة من قبل القوات الموالیة للسعودية التي حاولت التقدم من تعز نحو العاصمة صنعا خلال الأسابيع الماضية. وفشلت هذه القوات من الوصول الی مشارف صنعاء، رغم الغطاء الجوي الواسع الذي نفذته الطائرات السعودية جواً، عبر قيامها بقصف المناطق والأماکن التي تنشط فيها قوات أنصارالله والجيش الیمني. وبعد هذا العجز الواضح من قبل القوات السعودية في دخول صنعا، ظلت السعودية لا تعرف کيف تجيب علی هذه القضية، حيث صرنا نسمع هذه الأيام إدعاءات جديدة من قبل النظام السعودي، لتبرير عدم مقدرته علی الاقتراب من صنعا، ومن ضمن هذه التبريرات يمکن الإشارة الی أن «الخوف من أن تکون الضحايا من المدنيين مرتفعة»، في حال شنت السعودية هجوما بريا علی صنعا، هي أحد هذه التبريرات. وبالاضافة الی هذا باتت تتحدث القيادة العسکرية السعودية، أنها تريد إعداد قوات يمنية لدخول العاصمة صنعا، بدل أن تدخلها قوات الائتلاف السعودي! وهذا ما جعل بدء العملية البرية ضد صنعاء يتأخر، طبعا هذا ايضا لم يکن السبب الرئيسي في عدم دخول صنعاء، بل أنه يصنّف ضمن عداد تبريرات الفشل الذي مني به الائتلاف السعودي في حربه ضد الیمن وخاصة دخول صنعاء.
وختاما لابد علی السعودية أن تعترف بان الجيش الیمني واللجان الشعبية هي التي أفشلت خططها لدخول صنعاء أو حتی الاقتراب منها، وليس قلة السلاح أو الخوف من وقوع کوارث إنسانية هي من أخرت العملية البرية ضد صنعاء. حيث أن السعودية لم تنقصها المعدات العسکرية والسلاح، ولا تعير إهتماما للمدنيين، لأنها قتلت وجرحت خلال الشهور الماضية الآلاف من هؤلاء الأبرياء.