الوقت- هزّ خبر إعلان شخصيات سعوديّة معارضة عن تشكيل حزب "التجمع الوطني المعارضّ" الشارع السعوديّ، حيث يسعى الحزب الجديد لتأسيس مسار ديمقراطيّ للحكم في البلاد، في أول تحرك سياسيّ منظّم ضد السلطة السعوديّة في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، وقال الحزب في بيان، إنّ الأفق السياسيّ في البلاد مسدود ويحتاج إلى تغيير سلميّ لمواجهة نهج السلطة المتمثل في ممارسات العنف والقمع.
مصالح السعوديين
واضح جاء بيان تأسيس حزب "التجمع الوطنيّ" السعوديّ المعارض، الذي أشار إلى أنّ هدفه الرئيس تجنّب انزلاق البلاد إلى الاضطرابات والعنف، إضافة إلى تعزيز تعاون بلاد الحرمين مع العالم إقليميّاً ودوليّاً بما يخدم مصالح الشعب السعودي، ودعا البيان إلى مجلس نيابيّ منتخب بالكامل، إضافة إلى مطالبته فصل السلطات التشريعيّة والقضائيّة والتنفيذيّة وفق ضوابط دستوريّة.
ومن بين أعضاء الحزب السعوديّ المعارض، رئيس منظمة القسط الحقوقيّة في لندن، يحيى عسيري، وعبد الله العودة ابن الداعية الإسلاميّ سلمان العودة الذي يقبع في سجون محمد بن سلمان، والأكاديميّ البارز سعيد بن ناصر الغامدي، والناشط أحمد المشيخص، والأكاديميّة مضاوي الرشيد.
والمثير في الأمر أنّ قارئ البيان، المعارض السعوديّ عمر عبد العزيز، الصديق المقرب للصحفي جمال خاشقجي، الذي قُتل في قنصليّة بلاده باسطنبول، أوضح أنّ هذا الحزب يشكّل خطراً عليهم، لكنهم مؤمنون بأن الكثيرين قبلهم قد فقدوا حياتهم وحرياتهم في مثل هكذا محاولات.
وفي هذا الصدد، يشكّل حزب التجمع الوطنيّ السعوديّ المعارض، "خطوة تاريخيّة" في المملكة، بسبب الخشية الكبيرة من المغامرات السياسيّة في ظل النظام المستبد وطبيعته التي ترفض أيّ صوت معارض داخل البلاد وخارجها.
كما يهدف الحزب إلى تعديل أو تصحيح الأخطاء التي تقوم بها السلطات السعوديّة، باعتبارها تفعل ما تشاء دون أيّ رقابة أو محاسبة، ويسعى لحفظ كرامة وحقوق السعوديين عبر قضاء عادل ومستقل ومنحهم حرية التعبير والمشاركة في البلاد.
وفي هذا السياق، تأتي أهمية إنشاء الحزب السعوديّ المعارض، للمطالبة بحقوق الشعب السعوديّ بعد تغييب المفكرين والعلماء وزجهم في الزنازين وإيقافهم عن نشاطهم، وتطرق مسؤولو الحزب إلى قضيّة الحرب اليمنيّة، موضحين أنّ المشكلة في الحرب التي تقودها بلادهم ضد اليمن، نشأت في عقل شخص واحد فقط بدون مشورة من الشعب السعوديّ، مشددين على أنّ المأساة مشتركة في حرب اليمن التي دمرت مقدرات اليمن وشعبه ووضعت الجنود السعوديين في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، سوى الاستثمار في مصانع الأسلحة.
محاولة ناجحة
نجح السعوديون في المحصلة بإنشاء حزب يتحدث عن مطالبهم، وذلك بعد محاولات عديدة فاشلة في السابق تم القضاء عليها منذ الستينات، وحالياً يُساعد الحزب في جمع الأصوات السعوديّة بالخارج لزيادة عددهم وحشد محاولاتهم عبر منظمات مختلفة للدفع بكل المطالَب الشعبيّة.
أكثر من ذلك؛ أكّد مؤسسو الحزب أنّ ليس لديهم أيّ عداوات شخصيّة مع العائلة الحاكمة في السعوديّة، لكن طموحهم يتركز على مواجهة مشكلات حرية التعبير والفساد والبطالة، وخاصة وأنّ السلطة الحاكمة في المملكة اعتادت التفريق بين المواطنين على أساس طائفيّ أو مناطقيّ، وتعمل على زرع الفتنة بين المكونات، لكنهم جميعاً مستهدفون بالاعتقالات والقمع بأوامر من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.
وعلاوة على ما تقدّم، تعكس فكرة الحزب تعددية الشعب السعوديّ، وتحقق المطالب التي فشلت حكومة البلاد في تحقيقها، وتعد قضيّة التوزيع العادل للثروات واستقلال القضاء، من أهم مبادئ الحزب في ظل غياب الإحساس بالكرامة الذي يمكن أن يقود البلاد للهاوية عبر استعداء كل أطياف المجتمع السعوديّ.
وفيما يتعلق بالحريات السياسيّة، فإنّ النظام السعودي هو ملكيّ بالمطلق ولا يتيح أيّ مجال لمعارضة سياسيّة في البلاد التي تحولت إلى سجن كبير بالنسبة للمعارضين أو من يُتهمون بذلك، وقد جاء تشكيل حزب "التجمع الوطنيّ" السعوديّ المعارض، في اليوم الوطني الـ 90 للسعوديّة، وسط حملات قمع ممنهجة ومتصاعدة ضد المعارضة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ محمد بن سلمان تخلص من أبرز منافسيه من خلال موجات من الاعتقالات التي شملت أهم وأبرز الأمراء وكبار المسؤولين في البلاد، إضافة إلى مجموعة من الوزراء الحاليين والسابقين وبعض رجال الأعمال، كما وسعت سلطات آل سعود حملة الاعتقالات، لتشمل دعاة وعلماء وسياسيين وتجار، فيما لم تستثنِ الأقرباء المنافسين لولي العهد كأبناء عمومته وأبنائهم وأسرهم.