الوقت- فور وقوع فاجعة مشعر (منى) بمكة المكرمة والتي راح ضحيتها الآلاف من حجاج بيت الله الحرام، أثيرت العديد من التساؤلات حول أسباب وأبعاد هذه الكارثة الأليمة التي تعرض لها ضيوف الرحمن في أقدس بقاع الارض وفي موسم هو من أقدس المواسم.
المزاعم الواهية التي أعلنتها الرياض لتبرير هذه الكارثة تفندها جميع الشواهد والقرائن التي تدلل بوضوح على ان سلطات آل سعود هي من يتحمل المسؤولية عن هذه الفاجعة التي أثارت شجون المسلمين وأتباع الديانات الاخرى والأحرار في كافة انحاء العالم.
فقد أكد شهود العيان والناجون من هذه الواقعة الأليمة ان السلطات السعودية كانت قد أغلقت في يوم الفاجعة كافة المنافذ التي يمكن للحجاج أن يلجأوا اليها في حال تعرضهم لحالة تدافع بسبب الزحام الذي يُعد أمراً طبيعياً في هذه المواسم، في حين كان الأجدر بسلطات الرياض أن تتخذ كافة الاجراءات اللازمة للحد من تأثير هذا الزحام والحيلولة دون وقوع هذه الكارثة.
وأوضح الشهود ان الموكب الضخم لحماية ولي ولي العهد السعودي محمد بن الملك سلمان تسبب هو الآخر بحصول الزحام الشديد في المنطقة التي كان يتواجد فيها الحجاج في مشعر منى، ما أدى إلى إختناق وموت وجرح الآلاف منهم فيما لايزال مصير مئات آخرين مجهولاً حتى الآن.
والتساؤل المطروح في هذا المجال والذي يثير الشكوك هو: كيف فُقد هؤلاء الحجاج في هذه الكارثة؟ وإلى أين نُقلوا؟ وأين كانت فرق الاغاثة السعودية حين وقوع الفاجعة؟ واين الأجهزة الحكومية الأخرى التي يقع على عاتقها إدارة شؤون الحجاج وحفظ سلامتهم من أي مكروه؟ وأين دور اجهزة الرصد والتصوير المخصصة لمتابعة مسير الحجاج؟ و.. و..؟؟!!
الاجابة عن هذه التساؤلات تستدعي الاشارة إلى عدّة أمور:
1 - بعد مضي أكثر من أربعة أيام على وقوع الفاجعة، من غير المستبعد أن يكون الكثير من المفقودين والذين لا يعرف مصيرهم حتى الآن قد تعرضوا للاختطاف والتغييب المتعمد من قبل أجهزة الأمن والمخابرات السعودية والدول والاطراف الحليفة لها وفي مقدمتها أمريكا والكيان الاسرائيلي، مستفيدة من حالة الفوضى التي عمّت مكان الفاجعة والتي يعتقد الكثير من المراقبين أن سلطات الرياض هي التي إفتعلتها لتهيئة الأجواء لخطف هؤلاء الحجاج والاعلان فيما بعد عبر وسائل الاعلام أنهم مفقودون.
2- يعلم الجميع ان الكثير من حجاج بيت الله الحرام هم من المعارضين لسياسات نظام آل سعود ومواقفه العدائية تجاه شعوب المنطقة والمسلمين بشكل عام ومن أبرزها العدوان الظالم والمتواصل منذ نحو ستة أشهر الذي تشنه السعودية والاطراف الحليفة لها وفي مقدمتها أمريكا والكيان الاسرائيلي ضد الشعب اليمني والذي أودى حتى الآن بحياة الآلاف من الابرياء العزل ودمّر البنى التحتية لهذا الشعب المظلوم، وقد وجدت سلطات آل سعود الفرصة سانحة للتخلص من هؤلاء الحجاج من خلال خطفهم وتغييبهم بحجة انهم فُقدوا أثناء وقوع فاجعة منى.
3- المأساة التي حلّت بالحجاج في منى وفّرت الأرضية للنظام السعودي لمواصلة عدوانه على الشعب اليمني وإشغال العالم عن الجرائم البشعة التي يرتكبها بحق هذا الشعب المسكين والتداعيات الكارثية لهذا العدوان الغاشم على المنطقة والعالم.
4- حصلت فاجعة منى بعد أيام قليلة من حادثة الرافعة التي هوت على رؤوس الحجاج في الحرم المكي الشريف والتي راح ضحيتها أيضاً المئات من الحجاج. ويحاول النظام السعودي الآن توظيف فاجعة منى للتغطية على فاجعة الرافعة لحرف الانظار عن أسبابها ودوافعها لأنه يتحمل المسؤولية أيضاً عن هذه الكارثة بإعتقاد جميع المراقبين.
5- استغل النظام السعودي فاجعة منى للتغطية على الأصداء الواسعة لمراسم البراءة من المشركين في صعيد عرفات بمكة المكرمة التي ردد خلالها الحجاج شعارات (الموت لأمريكا) و(الموت لإسرائيل) الحليفين الرئيسين للنظام السعودي في عدوانه على اليمن.
6- من حق المراقب أن يعجب من تخلف وجهل حكّام ال سعود الذين يسعوْن للسيطرة على مقدرات شعب عريق كالشعب اليمني من خلال ارتكاب المجازر الشنيعة بحق هذا الشعب في وقت يعجزون فيه عن ادارة شؤون نحو مليوني حاج في موسم هو من أقدس المواسم لدى جميع المسلمين.
أخيراً يجب القول إن فاجعة منى لا ينبغي أن تمر دون معرفة مصير المفقودين ومجهولي المصير في هذه الفاجعة ودون تحميل النظام السعودي المسؤولية عن وقوعها. كما لابد من عقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الاسلامي وإرسال لجان خاصة تمثل جميع الدول الاسلامية للتحقيق مع المسؤولين السعوديين بشأن هذه الكارثة والاسراع بتشكيل هيئة خاصة تأخذ على عاتقها إدارة شؤون الحج والديار المقدسة في الحجاز بعد أن ثبت بالادلة الدامغة والقاطعة عدم جدارة آل سعود للقيام بهذه المهمة.