الوقت- لا شك في أن سفينة روزوس وحمولتها التي تتكون من آلاف الأطنان من نترات الأمونيوم كانت سبب كارثة الثلاثاء الماضي في ميناء بيروت ، لكن من أين أتت هذه السفينة وما هي أهدافها؟
إن الكارثة التي هزت أرجاء العاصمة اللبنانية بيروت الثلاثاء الماضي ودمرت أكثر من 80 في المئة من الميناء في غضون ثوانٍ قليلة ، لها ارتباط مباشر بقضية سفينة روزوس، التي يبدو أنها تحمل علم دولة "مولدوفا" وحمولة 2750 ألف طن من نترات الأمونيوم والتي بدأت رحلتها من جورجيا إلى دولة موزمبيق الإفريقية.
ومن نوع وحجم حمولة سفينة روزوس، يمكن أن نفهم جيداً أن حمولة هذه السفينة كانت مهرّبة وغير مشروعة، لأن هذه إحدى وسائل مهربي الأسلحة والمتفجرات في البحار والذين يشقون عباب البحر مع هذه البضائع مجهولة المنشأ والوجهة، والتي إذا ما تم اكتشافها ، لن يعرف مصدرها والوجهة الحقيقية لها ، وفي نفس الوقت ، وفي منتصف طريق المشروع الشكلي والمدمر ، يتم اغراق السفينة بالقرب من الميناء الهدف لتحقيق الاستغلال السياسي أو العسكري والأمني المطلوب.
لكن مع هذه الشحنة الخطيرة من جورجيا، تبدأ السفينة رحلتها إلى موزمبيق في إفريقيا على الرغم من عدم وجود تاريخ لاستخدام نترات الأمونيوم في هذا البلد ، وفي منتصف الطريق ترسو هذه السفينة في ميناء طرابلس ، بحجة الحاجة إلى الإصلاح ، وعندما تقوم الشرطة البحرية اللبنانية بفحص حمولة السفينة ، وعندما تكتشف أن هذه الشحنة غير قانونية ، تقوم بمصادرة الشحنة واعتقال طاقم السفينة.
وتظلّ الشحنة وطاقم السفينة رهن الاعتقال لعدة سنوات، يتم خلالها استجوابهم بشكل متكرّر والضغط عليهم للإخبار بحقيقة امر الحمولة ، لكن هذه الإجراءات لا تصل إلى أي نتيجة ويضطر القاضي في النهاية وتحت الضغط الخارجي لإطلاق سراح طاقم السفينة ، بما في ذلك القبطان ، لكن شحنة النترات تبقى في الميناء.
تبقى الشحنة في ميناء طرابلس لبعض الوقت ، حتى تم نقلها إلى مرفأ بيروت عام 2014 ، ليتم تخزينها في منطقة مهجورة من المرفأ ، وهي نفس المستودع أو العنبر ذي الرقم 12 في بيروت ، والذي انفجر يوم الثلاثاء الماضي مخلفاً وراءه كارثة كبرى بكل المقاييس.
لكن سبب نقل هذه الشحنة من ميناء طرابلس إلى مرفأ بيروت يعود إلى عام 2013 ، عندما دخلت السفينة ميناء طرابلس في ذلك الوقت ، كانت الجماعات الإرهابية والمعارضة السورية في أوج قوتها وكان من المفترض أن يتم التنسيق مع حركة "المستقبل" بقيادة "سعد الحريري" والحركة السلفية اللبنانية التي سيطرت على شمال لبنان وعبرت بسهولة الحدود إلى سوريا بسبب الحدود المشتركة بين لبنان وسوريا وادخال الشحنة إلى سوريا وايصالها الى الجماعات المعارضة ، لكن يقظة رجال امن حزب الله والعمل الميداني الذي قام به مقاتلو المقاومة في الوقت المناسب وتحرير منطقة القصير السورية وإغلاق الطرق امام امدادات المجموعات الإرهابية من شمال سوريا ، أعاقت نقل الشحنة بشكل فعال ، لذلك لم ينصح أن تبقى الشحنة في طرابلس ، وأُمر بنقلها إلى مرفأ بيروت ، بحيث يمكن استخدامها في حالات أخرى اذ لم يكن بالإمكان استخدامها لتدمير سوريا.
حيث بقيت الشحنة في مرفأ بيروت عدة سنوات حتى نشر خبر انفجارها يوم الثلاثاء الماضي ، والآن لماذا وكيف وقع هذا الانفجار ، هل انفجرت تحت تأثير الانفجار الأول أم تعرضت لهجوم صاروخي؟ هو موضوع يحتاج إلى بحث شامل وتحقيقات دقيقة للحصول على النتيجة.
في الوقت الراهن لا يمكن الحكم على هذا الامر بشكل نهائي ، لانه بالتزامن مع انفجار هذا المستودع كانت هناك عدة مقاتلات امريكية وصهيونية تجوب الاجواء في تلك الفترة ام ان سبب انفجار المستودع يعود لانفجار مخزن المفرقعات والالعاب النارية القابع بجوار مستودع النيترات.
وكما قال السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير ، ينبغي علينا ان ننتظر نتائج التحقيق في هذه الحادثة ، لكن المهم وغير الخفي على أحد هو إهمال مسؤولي مرفأ بيروت المقربين من سعد الحريري ، ويجب متابعة الاتهامات الموجهة اليهم وامتثالهم أمام القضاء.