الوقت-قام وزير خارجية جمهورية إيران الإسلامية، محمد جواد ظريف، بزيارة رسمية إلى العراق في 19 يوليو 2020. التقى خلالها ظريف بكبار المسؤولين السياسيين في بغداد، وبعد اجتماعه مع مسؤولين حكوميين وزعماء الأحزاب السياسية، سافر إلى أربيل، عاصمة إقليم كردستان، للقاء السياسيين الكرد. والتقى ظريف، في أهم لقاءاته في أربيل، برئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، ورئيس وزراء حكومة الإقليم مسرور بارزاني، وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي والرئيس السابق لإقليم كردستان.
وعقب لقاء ظريف مع قادة إقليم كردستان، أدلى الجانبان بتصريحات حول تعزيز وتوسيع التعاون الثنائي في مختلف المجالات، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، ما هي الإنجازات التي من الممكن تحقيقها للجانبين الإيراني والعراقي في ظل الظروف الحالية بعد زيارة ظريف للعراق. للإجابة على هذا السؤال الأساسي، يمكن التطرق الى ثلاثة محاور رئيسة، تظهر كلّ منها أهمية زيارة ظريف إلى أربيل.
دور إيران الإيجابي في محادثات أربيل وبغداد
منذ سقوط النظام البعثي عام 2003، كان لدى الأكراد خلافات وتوترات عديدة مع السياسيين العراقيين والأحزاب الرئيسة في بغداد. في البداية، خلال المفاوضات التي كانت تدور حول كتابة دستور عراقي جديد في الفترة من عام 2003 إلى 2005 ، والتي كانت، بالطبع، تحت إشراف الولايات المتحدة مباشرة وكذلك بول بريمر الحاكم المدني في العراق، نشبت خلافات واسعة وعديدة بين الطرفين، حيث كان يُتوقع أن تنتهي هذه الخلافات بمجرد الانتهاء من الدستور الجديد والمصادقة عليه من قبل البرلمان العراقي.
وخلافاً للتوقعات الأولية، فإن التوترات بين الأكراد والحكومة المركزية في السنوات التي أعقبت تبنّي الدستور العراقي وتشكيل حكومة وطنية عراقية جديدة لم تتضاءل فحسب بل اتخذت أبعاداً جديدة. وأبرز مواطن الخلل بين الطرفين، كانت تتعلّق بالمادة 140 من الدستور، أو بعبارة أخرى المناطق المتنازع عليها، بالإضافة الى قضية اكتشاف واستخراج وبيع النفط من قبل إقليم كردستان، وملف الميزانية العامة وحصة الإقليم منها، وموضوع قوات البيشمركة وآلية عملها في العراق الجديد، إذ أخذت هذه القضايا سجالاً طويلاً بين الطرفين.
ومع ذلك، بذل الأكراد والحكومة المركزية، في السنوات الأخيرة، جهوداً مكثّفة لحلّ خلافاتهم، وقد تباحثت وفود من الجانبين بشكل متكرّر مع بعضها البعض للتوصل إلى حلّ ملموس. وشهدت بعض المراحل، التوصل إلى اتفاقيات لم يتم ترجمتها على أرض الواقع.
وفي غضون ذلك، كانت جمهورية الإسلامية الإيرانية، على مدى السنوات الماضية، أحد اللاعبين الرئيسيين في سياق التفاوض وخفض التصعيد بين أرييل والحكومة المركزية. وحقيقة الأمر هي أن إيران، باعتبارها جهة فاعلة وثقت بها كل من بغداد وأربيل، لعبت دورًا إيجابيًا دائمًا في التوفيق بين الجانبين.
وفي الوضع الحالي نرى أن مجريات ملف التفاوض بين أربيل وبغداد وصلت إلى طريق مسدود، بل وأن الأكراد يطالبون بتدخل الأمم المتحدة في المفاوضات بين الجانبين. وفي هذه الأثناء، رحب الأكراد وكذلك الحكومة المركزية العراقية بحضور ظريف في بغداد ثم في أربيل، وتأمل أربيل أن تمهد هذه الزيارة الطريق لاتفاق جديد.
مناقشة التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب
من الملفات الأخرى التي حازت على اهتمام مباحثات ظريف في أربيل، تركيز الجانبين على زيادة وتعزيز التعاون الأمني في مكافحة الإرهاب. حيث شهدت الأشهر الأخيرة، نشاط بعض الجماعات الإرهابية في المناطق الحدودية مع إيران، التي كانت تتخذ من إقليم كردستان مقراً لها.
خلال زيارة ظريف الأخيرة، يبدو أن مسؤولي الإقليم أدركوا أهمية حماية الحدود والتصدي لتحركات هذه الجماعات، ويعتقد المسؤولون السياسيون الأكراد في اقليم كردستان أيضاً أنه لا ينبغي استخدام المناطق الخاضعة لسيطرتهم كملاذ آمن للإرهابيين من أجل زعزعة الأمن والاستقرار في المناطق الحدودية مع دول الجوار.
تعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة نشاط المعابر الحدودية
لطالما كان العراق، وخاصة إقليم كردستان، أحد المراكز الرئيسة لتصدير البضائع الإيرانية اليها في السنوات الأخيرة. وفي الآونة الأخيرة، بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، شهدنا انخفاضًا كبيرًا في حجم التبادلات بين الطرفين ؛ كما علقت بعض المعابر الحدودية أنشطتها نتيجة لذلك. لإقليم كردستان أربع منافذ رسمية مع جمهورية إيران الإسلامية ومعبر حدودي واحد مع تركيا، وتشمل هذه المنافذ، منفذ حاج عمران، باشماق ، كرميان ، برويز خان وإبراهيم خليل.
وفي 16 يوليو من هذا العام، قال يحيى الاسحاق، رئيس غرفة التجارة الإيرانية العراقية، إن الحدود مع إيران وإقليم كردستان مفتوحة ومستمرة بنشاطها، ويتم يوميًا تبادل 2000 شاحنة من البضائع، ومع ذلك، لا تزال هناك قيود على حركة الركاب.
وفي مثل هذه الظروف، تم خلال زيارة ظريف لإقليم كردستان، بحث التعاون الثنائي بين الجانبين في مجال التبادل التجاري والاقتصادي المستمر. واستناداً إلى النتائج المعلنة للزيارة، أكد الطرفان على تعزيز التبادلات التجارية في المنافذ الحدودية الرسمية.