الوقت- إذا حملت مايكرفون ونزلت به إلى مدينة أو محافظة أو قرية في أيّ دولة عربية كانت من المحيط إلى الخليج ومن نجد إلى يمنٍ إلى مصر فتطوان، وسألت المواطنين على اختلاف أعمارهم ولهجاتهم وثقافاتهم عن رأيهم بالجامعة العربية، لن تتفاجأ عندما يضحكون بسخرية من هذه الجامعة ويستهزئون بعملها، فهي لم تقدّم لهم شيئاً حالها حال أغلبية الانظمة العربية الهشّة المتهالكة التي لم تستطع أن تحل مشكلاتها الداخلية فكيف بمشكلات دولة عربية جارة، ولو اكتفت بعض الأنظمة العربية بالصمت حيال ما يحصل بالدول الجارة لها لكنّا بأفضل حال، لكن بعض هذه الانظمة تدخلت بشكل سافر في شؤون الدول الاخرى وحرّضت ضد شعوبها وساهمت في تجويع شعبها وتقسيم البلاد والعباد ووضعت يدها بيد الأجنبي وخانت جميع المواثيق العربية والدولية لخدمة بقائها في السلطة، وهذا هو الحال منذ أكثر من 7 عقود، وبالتالي لا يوجد جديد اليوم ولكن اقتراح النائب المصري حسن السيد تأجير مقرّ الجامعة العربية وإلغاء عملها يُعدّ الاقتراح الأصدق من نائب عربي مصري قال الحق والمنطق، فهل يصبح هناك إجماع عربي على إلغاء هذه الجامعة والتوقف عن دفع مصاريف لا جدوى منها والتقاط صور تذكارية مليئة بالنفاق.
نفاق الأنظمة العربية دفعت ضريبته الشعوب العربية التي فقدت الثقة بشكل كامل بالجامعة العربية، فهي لم تستطع حل اي ازمة عربية مهما كانت كبيرة او صغيرة، وما عليكم سوى القاء نظرة على الوضع الحالي للدول العربية ليتضح معكم مدى فعالية الجامعة العربية، من العراق مرورا بسوريا ولبنان وصولا إلى فلسطين ومنها الى الاردن وقطر والسودان واليمن وليبيا والقائمة تطول، والأنكى من هذا أن بعض الأنظمة عمدت إلى طرد أعضاء مؤسسين فيها مثل سوريا، على اعتبار أن النظام في سوريا لم يرق لأمريكا التي تدعم أغلب الانظمة العربية، وبما انهم لا يستطيعون الوقوف في وجه الامريكي وجدوا من الافضل طرد سوريا من الجامعة ولن تعود حتى يأذن الامريكي ويأخذ ما يبحث عنه، والقضية الفلسطينية ليست افضل حالا، حيث اجتمعت العديد من الانظمة على تصفيتها عبر "صفقة القرن"، والغريب ان الجامعة العربية نشأت على اساس الدفاع عن قضايا الامة ولاسيما قضيتها المركزية "فلسطين"، اذاً من الفائدة منها اليوم؟.
هنا نعود إلى كلام النائب المصري حسن السيد الذي تقدم بطلب إحاطة لوزير الخارجية سامح شكري، بشأن ضعف دور جامعة الدول العربية في مواجهة القضايا التي تمس الأمن العربي. وطالب النائب في بيان بإلغاء دور الجامعة العربية وتأجير مقرها مع استمرار البرلمان العربي في عقد اجتماعاته بالمبنى الذي لا يستفاد منه، وفقا للنائب.
وأشار السيد إلى أن دور جامعة الدول العربية "بدأ يضعف منذ عجزها عن مواجهة أطماع الرئيس الأمريكي جورج بوش، ما تسبّب في تقسيم دولة العراق وإباحة التدخلات الخارجية في هذه الدولة الشقيقة"، مضيفاً إن الجامعة "ساندت حلف الناتو في التدخل في الدولة الليبية، ما أوصلها لما وصلت إليه".
واتهم النائب البرلماني الجامعة العربية بـ"مساندة حلف الناتو (تحالف عسكري دولي) في التدخل بشؤون الدولة الليبية، أثناء فترة ما يسمى بالربيع العربي"، مضيفاً: "لم نر مساندة حقيقية وفعالة من جامعة الدول العربية إزاء القضية الليبية، وقضية سد النهضة الإثيوبي، وكذلك كان موقف الجامعة ضعيفاً تجاه الأزمتين السورية واليمنية".
الجامعة العربية أصبحت مقهى للدول الغربية التي تلقي علينا المواعظ من داخله وتمرر ما تريد من قرارات عبره وتوقف جميع القرارات التي تدين التدخل السافر في شؤون الدول، وعندما تعجز الجامعة عن الوقوف في وجه دولة ما تطردها بكل بساطة، وفي العديد من الأزمات بين الدول الأعضاء، أظهرت الجامعة انحيازاً لأحد الأطراف، ما أفقدها دور الوسيط في حل القضايا الخلافية، كما سجّلت انحيازاً ضمنياً إلى جانب الحكومات في الدول التي شهدت تظاهرات غاضبة ضد الأنظمة الحاكمة، ما جعلها في موقف عداء مع الشعوب العربية.
الجامعة العربية اليوم وبسبب عجزها وضعفها، بدأت بتصدير مشكلاتها للمنظمات العالمية لاسيما "مجلس الامن"، ففي 13 يونيو انتقد أبو الغيط مجلس الأمن الدولي بسبب عدم اتخاذه إجراءات واضحة لحل الأزمات العربية، في تصريح يرى خبراء أنه يعكس عجز وضعف قيادة الجامعة التي تصدّر مشاكلها لمنظمة أخرى، ففي عهد الأمين العام الأسبق عمرو موسى، وخلال الأزمة الليبية، صدّر موسى تفويضاً لمجلس الأمن يطالبه بالتدخل، ثم عاد واعترف بأن المجلس تجاوز التفويض واستغله عسكرياً.
والسؤال ماذا يمكن ان يقدم "مجلس الامن" للدول العربية سوى المزيد من التبعية والاحتلال، ماذا قدم للعراق وماذا قدم لسوريا ولليبيا ولليمن، ماذا كان ينتظر ابو الغيط من "مجلس الامن" أن ترسل أمريكا المزيد من قواتها لصناعة المزيد من الارهاب في المنطقة، ألا يكفينا ما حصل في العراق وليبيا وغيرها من الدول، نحن لا نحتاج الى ديمقراطية مزيفة تأتي على ظهور الدبابات، ومِن مَن سوف تأتينا الديمقراطية من أنظمة لا تزال تؤمن بالعبودية وتفرق بين ابيض واسود بكل عنصرية، ولكن لكل الذين يعتقدون بأن الانظمة العربية ستتغير نقول لهم بأنها ستبقى على ما هي عليه بكل صدق وأمانة لطالما انها تأخذ شرعيتها من الأجنبي وليس من ابناء البلد.