الوقت – بينما شهدنا في الأيام الأخيرة اشتباكات متفرّقة على الحدود بين أذربيجان وأرمينيا، وقد استخدم الجانبان ضد بعضهما بعضاً الأسلحة الحديثة التي تم شراؤها من حلفائهما في السنوات الأخيرة، تم يوم أمس وخلال لقاء بين رئيس الصناعات الدفاعية في الجيش التركي والمسؤولين العسكريين في أذربيجان، توقيع اتفاق بين الجانبين لبيع أسلحة تركية الصنع، بما في ذلك طائرات هجومية تركية.
تاريخ التوتر العسكري بين البلدين ومؤيدوهما الأجانب
تعود التوترات بين الجارتين القوقازيتين إلى السنوات الأولى لانهيار الاتحاد السوفيتي، ومطالبة الجانبين بملكية منطقة "ناغورنو كاراباخ".
في المعارك التي شهدتها هذه المنطقة عام 1994، هزم الجيش الأرمني منافسه وسيطر منذ ذلك الحين على منطقة ناغورنو كاراباخ، لكن المسؤولين في جمهورية أذربيجان ما زالوا يعتبرون هذه المنطقة جزءاً من أراضيهم، وهناك اشتباكات شديدة نسبياً تندلع من وقت لآخر بين قوات الجانبين في هذه المنطقة.
في الجولة الجديدة من هذه الاشتباكات، التي بدأت في 15 يوليو، شن الجانبان هجمات على معاقل عسكرية لبعضهما البعض على طول الحدود، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من قواتهما.
وفي تصريحات تهديدية، تحدث وزير الدفاع الأذربيجاني حتى عن إمكانية شنّ هجمات على منشآت حيوية في أرمينيا، بما في ذلك محطة الطاقة النووية في هذا البلد.
من بين جيران هذين البلدين، تدعم روسيا الحكومة الأرمنية وتدعم تركيا جمهورية أذربيجان تقليدياً، لكن لم يكن لأي منهما وجود عسكري مباشر في نزاع ناغورنو كاراباخ حتی الآن، وتركتا حل الأزمة للمحادثات بين البلدين.
الجيش الروسي ومع امتلاکه لقاعدتين عسكريتين هما "أربوني وجيومري" في وسط وشمال غرب أرمينيا، وتواجد مقاتلاته من طراز "ميغ 29"، مسؤول عن الأمن الجوي للعاصمة "يريفان" والمجال الجوي العام لأرمينيا، لكنه لا يتخذ أبداً أي إجراء مباشر في منطقة ناغورنو كاراباخ، حتى لا يثير انزعاج جمهورية أذربيجان.
وعلى الرغم من أن روسيا هي المورد الرئيس للأسلحة للجيش الأرمني، ولكنها باعت في السنوات الأخيرة كميات كبيرة من الأسلحة المتقدمة مثل أنظمة الدفاع "إس 300" و"بوك إم3" للجيش الأذربيجاني.
الأسلحة المستخدمة في الاشتباكات الأخيرة
خلال أربعة أيام من الاشتباكات المتفرقة في المناطق الحدودية، نفذ الجيش الأذربيجاني هجماته الرئيسية على مواقع منافسه الأرمني، بطائرات بدون طيار انتحارية وصواريخ مضادة للدبابات صنعها الکيان الصهيوني.
وفي السنوات الأخيرة، اشتری جيش جمهورية أذربيجان العديد من نماذج طائرات الاستطلاع والطائرات الانتحارية الإسرائيلية الصنع، مثل "سكاي سترايكر" و"هاروب" وهاربي" والصواريخ المضادة للدبابات من سلسلة "سبايك". وقد تم نشر صور الهجمات على مواقع الجيش الأرمني باستخدام نفس الأسلحة في الأيام الأخيرة.
على الجانب الآخر، حاول الجيش الأرمني الرد على هجمات منافسه بأنظمة المدفعية الروسية وأنظمة اعتراض الطائرات بدون طيار، وقد أدت هذه الإجراءات إلى مقتل عدد من الضباط وجنرال واحد في الجيش الأذربيجاني، وكذلك إسقاط ما لا يقل عن طائرتين من طراز "سكاي سترايكر" وطائرة واحدة من طراز "أوربيتر 3".
بالطبع، استلم الجيش الأرمني أيضًا أسلحةً هجوميةً أكثر قوةً من روسيا، مثل صواريخ "ألكسندر" البالستية ومقاتلات "سوخوي سو-30"، لكن مستوى التوتر بين البلدين لم يصل بعد إلى مرحلة استخدام مثل هذه الأسلحة.
المواجهة العسكرية الثالثة بين روسيا وتركيا، هذه المرة في ناغورنو كاراباخ
يبدو أن التوقيع على اتفاقية عسكرية بين تركيا وجمهورية أذربيجان، وإمكانية بيع معدات عسكرية وطائرات بدون طيار لهذا البلد، يرتبطان بإنشاء جبهة جديدة ضد مصالح روسيا في هذه المنطقة، أکثر من ارتباطهما بالدعم التركي لأذربيجان أو جهودها لحل أزمة ناغورنو كاراباخ.
في السنوات الأخيرة، دخل الجيش التركي في مواجهة مباشرة مع موسكو من خلال دعم المتمردين في سوريا وليبيا، وتقديم الأسلحة الحديثة وحتى التدخل العسكري المباشر ضد حلفاء روسيا في هذين البلدين. وهذه المواجهة على الأراضي السورية تتقدم لصالح روسيا وحليفتها الحكومة السورية الشرعية، ولصالح التيار المرتبط بتركيا في ليبيا أي حكومة الوفاق الوطني.
تركيا، التي نجحت في الماضي عبر استخدام طائراتها بدون طيار من نموذجي "بيرقدار تي بي 2" و"تي إيه أي أنكا"، في إظهار تفوقها التكنولوجي على أنظمة الدفاع الروسية قصيرة المدى مثل "بانتسير – إس 1"، ربما تعتزم إرسال هذه الطائرات بدون طيار إلى جيش جمهورية أذربيجان في ساحة معركة أخرى، لاستعراض قوة أسلحتها محلية الصنع مقارنةً بالمعدات الروسية الصنع.