الوقت-تدهوَر الوضع الأمني في أفغانستان بين أمريكا وحركة طالبان منذ اتفاق الدوحة في فبراير الماضي، ما زاد من وجهات النظر المتشائمة حول نسبة نجاح نتائج الاتفاق وإمكانية استمراره في المستقبل. وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في بيان لها يوم الخميس الماضي إن الجماعات المرتبطة بالقاعدة في المنطقة، أقامت علاقات وثيقة مع طالبان ولها "مصالح ثابتة" في مهاجمة القوات الأمريكية وحلفاء واشنطن.
وسرعان ما قوبل الإعلان الأمريكي برد فعل شديد من قبل طالبان التي رفضت التقرير ووصفته بأنه "مضلل" وقالت إنها لا تساند ولا تدعم أي جماعة خارج أفغانستان أو الهند أو أي مكان آخر. من ناحية أخرى، وفي رد فعل آخر، أكدت الحكومة الأفغانية وجود صلة بين طالبان والقاعدة من خلال موقف رئيس البلاد ليزداد بذلك الموقف تعقيدا.
مما لا شك فيه أن ترامب والجهاز الدبلوماسي الأمريكي على دراية بعواقب هذا البيان الذي تم استغلاله من قبل المعارضين والمنتقدين لاستراتيجية البيت الأبيض بشأن أفغانستان، النُقاد الذين يريدون استمرار الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان. ومع ذلك، سعى البيت الأبيض خلال العام الماضي للتوصل إلى اتفاق مع طالبان لإنهاء أكبر حرب في تاريخ أمريكا وتنفيذ شعار ترامب الدعائي حول الحروب، وجعل شعار إنهاء الحروب التي لا نهاية لها ساريًا. والسؤال الآن هو، ما هو الغرض من هذا البيان الذي أصدرته أمريكا، وما هو تأثيره على عملية السلام في ذلك البلد؟
إنذار لطالبان
إن أهم هدف لأمريكا في الكشف عن وجود علاقات وراء الكواليس بين طالبان والقاعدة في شبه القارة الهندية هو التأكيد على أحد أهم بنود اتفاقية الدوحة فيما يخص طالبان، والتي بموجبها يجب على طالبان قطع العلاقات والدعم مع القاعدة. إن احدى مآخذ النقاد داخل أمريكا، تجاه اتفاق أمريكا مع طالبان، كان فشل الحركة في قطع علاقاتها مع القاعدة.
في الواقع، بعد فشل اتفاق الدوحة في منع طالبان من تنفيذ الهجمات والعمليات العسكرية ضد القوات الحكومية، وتزايد التزعزع الأمني من خلال موجة الهجمات الإرهابية غير معروفة المصدر، وكذلك فشل مبادرة التفاوض المباشر بين حكومة كابول وطالبان، قد يوجه الكشف عن كواليس العلاقات بين طالبان والقاعدة، ضربة شديدة لجهود البيت الأبيض لجعل الرأي العام الأمريكي وكذلك المجتمع الأفغاني، الذي لديه نظرة متشائمة لوجود طالبان ومشاركته في المستقبل، يوافقان على اتفاق الدوحة.
ونظراً لهذه الخطورة، أجرى وزير الخارجية مايك بومبيو اتصالا هاتفيا مع ملا برادر، أحد قادة طالبان، في حدث هام يوم الاثنين من الأسبوع الماضي، وشدد بومبيو على ضرورة التزام طالبان بتعهداتها، ومن ضمنها ضرورة الالتزام بعدم استهداف القوات الأمريكية، بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية مورغان أورتيغاس.
إن تذكير الولايات المتحدة لحركة طالبان بعدم التعدي على القوات الأمريكية، جاءت بعد أن ذكرت صحيفة نيويورك تايمز مؤخرًا أن جهاز المخابرات العسكرية الروسية وعد طالبان بمكافأة نقدية لكل جندي أمريكي يقتل في أفغانستان. ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، هذه المعلومات السرية للغاية كانت ضمن التقارير اليومية الخاصة برئاسة الجمهورية في فبراير من هذا العام كي يطلع عليها الرئيس دونالد ترامب، لكنه لم يبدِ أي ردة فعل تجاه الموضوع. لذلك، في ظل الظروف الحالية، تحذر أمريكا طالبان أن هذا الأمر، بموجب اتفاق الدوحة، يجب ألّا يسمح بتهديد مصالح أمريكا في أفغانستان واستهداف حلفاء أمريكا.
الخوف من العودة إلى مستنقع أفغانستان
كما ذكر آنفا، يسعى ترامب لكتابة فخر الانسحاب الأمريكي من مستنقع الحرب الأمريكية في افغانستان التي استمرت 20 عاماً باسمه، من أجل الوفاء بواحد من أهم وعوده الانتخابية، لذلك لا شك، وسط مخاوف ترامب بشأن القضايا الداخلية هذه الأيام، ستكون المخاوف من الحاجة إلى إعادة القوات الأمريكية إلى أفغانستان كابوساً.
وهذا الاتفاق سيكون احتمال انتهاكه قائم في ظل تصاعد الصراع بين الحكومة المركزية وحركة طالبان وربما ترفض الحركة إجراء مفاوضات مع كابول، لأن ذلك سيزيد من خطر انهيار الحكومة الأفغانية. لقد فقدت الحكومة الأفغانية بالفعل السيطرة على جزء كبير من البلاد. لذا فإن الأمريكيين قلقون من الوضع الحالي ولا يريدون إنهاء اتفاقية الدوحة.