الوقت- في وقتنا الحالي ونحن نقترب من الأيام الأخيرة من شهر يونيو 2020، من المهم أن نتذكر الحدث المهم الذي حدث في الساعات الأولى من 20 يونيو 2019، قبل حوالي عام واحد، والذي يعتبر واحداً من المشاهد الأكثر أهمية في المواجهات المفتوحة بين إيران وأمريكا في مجال الطائرات من دون طيار، ففي ذلك الوقت، اكتشف نظام الدفاع الجوي التابع للحرس الثوري الإيراني طائرة تجسس واستطلاع تابعة للجيش الأمريكي تسمى "جلوبال هوك" وقامت تلك الأنظمة الدفاعية الإيرانية التي يطلق عليها أنظمة "سوم خرداد" باعترضها واسقاطها في 23 يونيو من العام الماضي، وذلك بسبب اختراقها للمجال الجوي الإيراني. يذكر أن طائرة التجسس الأمريكية "جلوبال هوك" قادرة على التحليق لأكثر من 24 ساعة في الرحلة الواحدة على ارتفاع يزيد على 16 كيلومتراً في نطاق 8200 ميل بحري، كما كشفت القيادة المركزية الأمريكية في بيان، أن طائرة المراقبة البحرية واسعة النطاق التابعة للبحرية الأمريكية قد أسقطت بصاروخ إيراني "أرض – جو"، زاعماً أنّها كانت تعمل بالأجواء الدولية فوق مضيق هرمز، ووصف التقارير حول دخول الطائرة للمجال الجوي الإيراني بـ"الزائفة"، واصفاً الواقعة بأنها هجوم غير مبرّر ،وجاء في بيان صادر عن حرس الثورة الإسلامية، إنّ طائرة تجسس من طراز "غلوبال هوك" أقلعت في الساعة الثانية عشرة و 14 دقيقة من بعد منتصف الليل من إحدى القواعد الأمريكية جنوب الخليج الفارسي، وخلافاً لقوانين الملاحة الجوية فقد كانت قد أطفأت جميع الأجهزة المتعلقة بتعريفها، وفي منتهى السرية واصلت مسارها من مضيق هرمز نحو محافظة "جابهار" الإيرانية. وفي الساعة 04:05 فجراً من يوم الخميس الموافق 23 يونيو 2019 وبينما كانت هذه الطائرة المسيرة قد اخترقت الأجواء الإيرانية، استهدفت وأسقطت من قبل الدفاعات الجوية التابعة لقوات الحرس الثوري.
يذكر أن سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني اتخذ في السنوات الأخيرة، خطوات مهمة للغاية في تطوير قدرات الدفاع الجوي، وكانت واحدة من أهم هذه الإنجازات في هذا المجال هو منظومة "سوم خرداد" الصاروخية. وهذا المنظومة هي منظومة دفاع جوية صاروخية متنقلة إيرانية الصنع والتصميم وتم الكشف عنها لأول مرة سنة 2014م، اما النسخة الأحدث لهذه المنظومة فقد تم تصميمها وصناعتها من قبل مؤسسة الصناعات التابعة لوزارة الدفاع الايرانية عام 2019م. ولهذه المنظومة الدفاعية عدة إصدارات مختلفة كان آخرها منظومة "15 خرداد" للدفاع الجوي حيث تم الإعلان عنها يوم 9 يونيو 2019م. ولمنظومة "سوم خرداد" صفات مميزة هي أنها مزوّدة برادار متطور حيث يمكنها من اعتراض 4 أهداف في آنٍ واحد. كما يمكن لهذه المنظومة استهداف الطائرات المقاتلة وقاذفات القنابل وصواريخ كروز وطائرات دون طيار على ارتفاع يصل إلى 25 كيلومتراً، ومدى يصل إلى 50 كيلومتراً.
إن واحدة من أهم القضايا المذكورة في الصور التي سوف نطرحها هنا، كانت إمكانية إطلاق منظومة "سوم خرداد" من فوق سفينة أو زورق متحرك. وهنا يمكن مناقشة هذه القضية المهمة من عدة جوانب، حيث يمكن أن يكون أحد أهداف هذا القضية، هو اختبار النظام في ظروف بحرية خاصة لتطوير نسخة خاصة للعمليات البحرية الصعبة في نهاية المطاف. وإذا نظرنا إلى أنظمة صاروخية مماثلة في هذه الفئة، يصبح من الواضح أن العديد من هذه الأنظمة الحديثة في العالم تم إدخالها لأول مرة ووضعها في الخدمة في الأنواع البرية، ثم تطورت أنواعها البحرية بعد ذلك أيضًا وعلى سبيل المثال، تم تطوير صاروخ أرض - جو "هواي بوك"، وهو النموذج الاجنبي الأكثر تشابهًا مع منظومة "سوم خرداد"، الذي دخل في الخدمة بعد تطوير النموذج الأرضي منه في الوحدات العائمة على أساس قاذفات عادية ورأسية (VLS).
الإطلاق من منظومة "سوم خرداد" المثبّتة فوق زورق متحرّك
في الوقت نفسه، هناك نقطة مهمة أخرى حول عملية الإطلاق الأخيرة وهي أنه عندما تمّكن نظام "سوم خرداد" من إطلاق النار من زورق حربي عائم ومتحرك، وبسبب اضطراب موجات البحر والتي أصابت الزورق بعدة صدمات، والتي انتقلت في نهاية المطاف إلى الصاروخ، فإنه يمكن القول أن المناقشات والتصميمات الفنية المتعلقة بإطلاق نظام "سوم خرداد" قد تم حلها أيضًا أثناء الحركة والتنقل، وهذا النظام قادر حاليًا على إطلاق النار أثناء الحركة فوق زورق حربي. إن إمكانية الإطلاق من فوق زروق حربي متحرك هي خطوة تجعل من الصعب على العدو اكتشاف وتدمير مثل هذا النظام الدفاعي، ونتيجة لذلك، يرتفع مستوى بقاء هذا النظام في ساحات القتال.
زيادة عدد حلقات الحماية في حالات الطوارئ
في البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، هناك العديد من السفن والزوارق الحربية التي لديها القدرة والفضاء الكافي لنصب نظام "سوم خرداد" على أسطحها ومعظم هذه الزوارق الحربية كنت زوارق غير مسلحة في البحر وكانت تحتاج إلى سفن حربية أخرى لحماية نفسها. وعند تجهيز هذه الزوارق الحربية بنظام "سوم خرداد" الصاروخي والدفاعي، بمدى يصل إلى حوالي 100 كم، فإن هذه الصواريخ المثبتة، ستخلق حلقات دفاعية متحركة في البحر تعمل كجدار دفاعي متحرك في المياه الأقليمية للبلاد وسوف تزيد بشكل كبير من القدرات الدفاعية لجمهورية إيران الإسلامية.
منظومة "سوم خرداد" على متن زورق حربي لوجيستي تابع للحرس الثوري الإيراني
الآن لدى جمهورية إيران الإسلامية نظام قادر على إطلاق صواريخ مضادة للطائرات من سفينة أو زورق حربي متحرك بمدى يصل إلى حوالي 100 كيلومتر، وفي أي لحظة يمكن إطلاق هذه الصواريخ من نقاط مختلفة ويمكن لهذه القدرة أن توفر نوعاً من الغطاء الجّوي ليس فقط للوحدات والمنشآت الساحلية والأرضية، ولكن أيضاً للوحدات مثل القوارب عالية السرعة التابعة للحرس الثوري الإيراني. لذلك، فإن وجود منظومة "سوم خرداد" سيخلق مظلة دفاعية لكل من الوحدات العائمة والمنشآت الأرضية وسيخلق مشكلة كبيرة وجديدة للقوات الجوية والصاروخية للعدو، وفي الوقت نفسه وإلى حد ما سوف يزيد الضغط على أنظمة الدفاع الأخرى للعدو.
صاروخ جديد بتوجيهات مختلفة لمنظومة "سوم خرداد"
ولكن هناك نقطة أخرى مهمة للغاية حول النظام الدفاعي "سوم خرداد" وهي إضافة صاروخ له نظام توجيه مختلف عن هذا النظام. واستنادًا إلى الصور التي تم نشرها حديثًا، يبدو أن الصاروخ، الذي ربما يكون من سلسلة "طائر 2"، قد تم تطويره بنظام مشابه جدًا لمحرك البحث عن التصوير الحراري لنظام "سوم خرداد". ولقد تم صناعة وانتاج مثل هذا النوع من النظام ليكون قادر على العمل على سلسلة من الصور المخزنة بالفعل على كمبيوتر الصواريخ ونظام الكشف عن الهدف.
صاروخ جديد لنظام "سوم خرداد" - ربما مجهّز بجهاز تصوير بالأشعة تحت الحمراء
وقبل عدة أشهر، شهدنا نشر بعض الصور التي تم بموجبها تجهيز نظام "سوم خرداد" أيضًا بنظام بحث بصري وربما مع قدرات التصوير الحراري. إن الجمع بين هذين الخاصيتين الاثنتين لن تجعل من الممكن على العدو البحث عن هدف بالاعتماد على محرك البحث البصري في حالة وجود أي مشاكل لنظام الرادار أو نشوب حرب إلكترونية من قبله أو حاجته إلى القياك بعملية غير نشطة. إن هذا النوع من الانظمة له القدرة على تعقب الاهداف مستعينة في ذلك على نظام البحث البصري. وعلى عكس نماذج الرادار النشطة، لن يكون العدو على دراية بهذا الصاروخ حتى لحظة إطلاق الصاروخ.
الجدير بالذكر أن الصناعات العسكرية الإيرانية تعكف على تطوير هذه المنظومة الصاروخية ليصل مداها إلى 200 كيلومتر، وقد حصل تطوّر ملحوظ في هذا المجال حيث إنّ منظومة "سوم خرداد" تستطيع الكشف عن الأهداف الجوية على بعد 150 كيلومتراً وتتبع أهدافاً أخرى على بعد 120 كيلومتراً. وتتميّز منظومة سوم خرداد الصاروخية عن مثيلاتها، بتجميع جميع معدّاتها ومقوّماتها بمركبة متحرّكة فضلاً عن خضوعها لعملية تطوير في مجال الرادار الباحث والقدرة الاعتراضية والصاروخيّة.
وفي المجال البحري، يمكننا أن نتوقّع رؤية نظام "سوم خرداد" بشكل موحّد على متن سفن وزوارق الحرس الثوري الإيراني المختلفة والتي يمكن أن تُحدث ثورة دفاعية حقيقية في قدرة البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني وبالطبع القوات المسلّحة الإيرانية. وبالنظر إلى وصول البلاد إلى تكنولوجيا الإطلاق الرأسي وعملها الذي سيتمّ إطلاقه قريباً على الجيل الجديد من السفن والزوارق الحربية الإيرانية، فمن المحتمل أن تساعد مثل هذه القوات البحرية الإيرانية على حماية مسافات بحرية شاسعة في منطقة الخليج الفارسي.