الوقت- مرّة جديدة تبوء محاولات واشنطن بالفشل باستهداف "حزب الله" على المستوى الدولي، بعد محاولات حثيثة لدفع أوروبا لتصنيف الحزب على لائحة الإرهاب، ورغم جميع الضغوط التي تمارسها واشنطن على الدول الأوروبية لتنفيذ هذا الأمر إلّا أّن أوروبا ترفض القيام بذلك تحت أيّ ظرف لأسباب تتعلق بالحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان كما تدّعي.
مقابل ذلك تلهث واشنطن للضغط على "حزب الله" من خلال جميع المنافذ التي بإمكانها الوصول إليها إن كان عن طريق أوروبا أو فرض عقوبات وضغوط اقتصادية على أفراد مرتبطين بالحزب وكذلك على الشعب اللبناني لتأليبه على الحزب وتحميله مسؤولية الفوضى التي تجري في لبنان، لكن الجميع يعلم حتى لو كان حزب الله يخالف الرأي السياسي القائل أنّ أمريكا هي من تقف خلف هذه الفوضى، وهي من تزعزع استقرار لبنان من خلال ممارسة أقوى ضغوط اقتصادية لدفع البلاد نحو المزيد من الفوضى وخلط الأوراق ومع ذلك لم تستطع واشنطن تحقيق أيٍّ مما تصبو له هي والعدو الصهيوني بأي شكل من الأشكال.
اليوم على سبيل المثال رفض الاتحاد الأوروبي، طلباً من مشرّعين أمريكيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في مجلسي النواب والشيوخ الأمريكي، بتسمية حزب الله منظمة إرهابية وحظر أنشطته في القارة.
وقد تمّ بعث الرسالة إلى وفد الاتحاد الأوروبي، الموجود في واشنطن، ولكن المتحدث باسم الاتحاد قال ردّاً على ذلك إنّ الجناح السياسي لحزب الله هو جزء لا مفرّ منه من المشهد السياسي اللبناني.
وأوضح المتحدّث أنه نظراً لتعقيد التوازن السياسي بين المجتمعات في لبنان والوضع الهشّ في المنطقة، إلا أنّ الاتحاد الأوروبي لا يزال مقتنعاً بأنّ الانخراط في حوار بنّاء مع جميع الاحزاب السياسية الموجودة في البلد يظلّ مفتاحاً لاستقرار لبنان، وأضاف المتحدث إنّ الاتحاد سيواصل العمل مع الحكومة اللبنانية بأسرها.
فرنسا كان لها رأيٌ مشابه في السابق حيث رفضت الانخراط في مثل هذا الإجراء ووضع نفسها في مواجهة مباشرة مع حزب الله حرصاً على مصالحها بلبنان ورغبتها بعدم زعزعة الأوضاع السياسية والطائفية التي تعتبرها هشّة.
ويحتاج تصنيف حزب الله أو جناحه العسكري ضمن قائمة الاتحاد الأوروبي للمنظمات "الإرهابية" لموافقة كل دول الاتحاد السبع والعشرين، ومن شأن الاتفاق على هذا الإجراء أن يؤدّي إلى حظر أنشطة وتجميد أرصدة للحزب أو لجناحه العسكري في أوروبا ومنع قياداتهما من دخول أراضي الاتحاد.
وقد صنّف الاتحاد الأوروبي في عام 2013 الجناح العسكري لحزب الله كمنظمة إرهابية ولكنه سمح بأنشطة لذراعه السياسي، وفي أبريل، أصبحت ألمانيا أول دولة أوروبية تصنّف الذراع السياسي للحزب كمنظّمة إرهابية بالإضافة إلى الجناح العسكري، لتنضم بذلك إلى دول مثل كندا وبريطانيا وباراغواي والأرجنتين، وصنّفت أمريكا الحزب كمنظمة إرهابية منذ عام 1997.
كلّ هذه الضغوط الأمريكية على الاتحاد الاوروبي لوضع حزب الله على اللائحة السوداء سببها "إسرائيل"، حيث فشلت الأخيرة في جميع الحروب التي شنّتها على الحزب، حيث تمكّن الحزب من حماية الأراضي اللبنانية وفرض معادلة ردع منقطعة النظير جعلت الكيان الاسرائيلي يقف مذهولاً، وحتى هذه اللحظة لاتزال تداعيات حرب تموز 2006 مستمرة في الداخل الإسرائيلي، وكان يعتقد الاسرائيليون أنّ انخراط "حزب الله" في الحرب السورية، سيضعف الحزب ولكن النتيجة جاءت عكسيّة، حيث تمكّن الحزب من كسب المزيد من المهارات والتجربة في سوريا وستظهر نتائج هذا الكلام في أيّ حرب مقبلة.
سياسة الضغوط الأمريكية على حزب الله وكذلك إيران فشلت ولن تنجح طالما أنّ محور المقاومة متعاضد ومتكاتف ويزداد قوة وصلابة يوماً بعد يوم، وكلّ ما تقوم به واشنطن حالياً هو بسبب مواقف حزب الله اللبناني، المشرّفة في الشرق الأوسط ضدّ أطماع الاحتلال الإسرائيلي والأمريكي.
ألمانيا قدّمت خدمة فردية لأمريكا يوم الخميس 30 إبريل/ نيسان 2020، حيث وضعت "حزب الله" على لائحة الارهاب، والجميع يعلم أنّ السبب في ذلك يتعلّق بضغوط إسرائيلية - أمريكية على ألمانيا، وذلك بهدف زيادة الضغط على إيران، بعد أن فشلت جميع المحاولات الأمريكية لإرضاخ طهران ودفعها للاستسلام، أو الرضوخ للشروط الامريكية، بل على العكس تماماً زادت قوة إيران وقوة حزب الله وأصبحت إيران تملك قوة ردع أكثر صلابة ومتانة، وإنّ محاولات واشنطن لزرع الفتنة بين إيران وحزب الله وسوريا باءت بالفشل ولن تنجح طالما أن المقاومة صامدة تحقّق انتصارات ترعب العدو وتدفعه للقيام بما يقوم به اليوم.
واشنطن ركبت أيضاً موجة الاعتراضات في لبنان لزيادة الضغط على حزب الله، وإقناع الشعب اللبناني بأنّ "حزب الله" هو المشكلة وحرّضت باتجاه نزع سلاح حزب الله، وهنا جاء ردّ حزب الله على لسان السيد حسن نصرالله، حيث تحدّث عن معادلة يتمّ تداولها في لبنان مفادها "السلاح مقابل الطعام"، متوعّداً "من يريد أن يضعنا بين خيارات إما نقتلك بالسلاح أو نقتلك بالجوع، أقول له سيبقى سلاحنا في أيدينا ولن نجوع ونحن سنقتلك".
وقال نصرالله في كلمة متلفزة بثّتها قناة المنار "قانون قيصر يريد تجويع لبنان كما يريد تجويع سوريا"، لافتاً إلى أنّ القانون الذي يفرض "الحصار الشديد على الدولة وعلى الشعب في سوريا هو آخر الأسلحة الأمريكية".
وأضاف "هذا آخر الأسلحة، أن نحاصر سوريا ونضغط عليها وممنوع على أحد التعامل معها والبيع والشراء... ونجوّع الشعب السوري ونضرب الليرة".