الوقت-كتب مركز "بيغن السادات" للدراسات الاستراتيجية مقالاً بقلم الدكتور جيمس ام دورسي، وكتب دورسي، وهو عضو بارز في مركز الدراسات الصهيوني هذا: "ما زلنا في المراحل الأولى لوباء فيروس كورونا، لكنّ الدلائل المبكّرة تشير إلى أنّ هذا الوباء العالمي، بدلاً من أن يكون أداة لمدّ جسور العلاقة وتعزيز الثقة بين دول الشرق الأوسط، يعزّز النزاعات والخلافات القديمة الجيوسياسية والسياسية والعرقية والقومية.
لقد اتخذت الدول الخليجية خطوات متناقضة لضمان عدم السيطرة على الصراعات المتجذّرة في المنطقة، حيث يجب عليها محاربة وباء فيروس كورونا والتّغلب على عواقبها الاقتصادية.
وجاء في المقال "إنّ أزمة الفيروس المستجد تغيّر الرؤية السياسيّة في الشرق الأوسط، حيث في دول مثل العراق وسوريا ولبنان، تعوّض المنظّمات غير الحكوميّة ومنظّمات المجتمع المدني عن عجز الحكومات عن تلبية الاحتياجات الاجتماعية والصّحيّة للناس".
إنّ تمكين المنظّمات غير الحكوميّة والمجاميع الناشطة، خاصة في الحالات التي تعمل فيها دون تنسيق مع الحكومة، يطرح مشكلات أمنية محتملة، حيث يستخدم الناشطون قدراتهم لإثبات عدم كفاءة الحكومة في أوقات الأزمات.
ويصبح توسيع دور الناشطين، ذا أهمية مضاعفة عندما تستغل دول مثل السعودية والإمارات هذه الظروف الشاملة لتعميق العديد من الخلافات في الشرق الأوسط وربما لتطويرها لمصلحتها.
كما أنّ كل هذا لم يمنع أهم قوّة أجنبية في المنطقة، أي أمريكا، من الوقوع في فخّ إيران بسبب أعمال العنف الانتقامية، التي تنطوي على خطر نشوب حرب عسكرية أكبر.
وكتبت هذه المؤسسة البحثيّة "لقد بذلت الإمارات قصارى جهدها لتعزيز مساعدتها المحدودة لإيران، المساعدات التي من شأنها أن تنأى بهذه الدولة الخليجية من أن تصبح ساحة معركة في أيّ مواجهة عسكرية محتملة بين إيران وأمريكا".
بعد أن رفضت الولايات المتحدة وفقاً للتقارير، طلب إيران للحصول على قرض بقيمة 5 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي لمكافحة فيروس كورونا، كانت الإمارات من أوائل الدول التي أرسلت مساعدات طبّية إلى إيران وسهّلت توصيل شحنات منظّمة الصّحة العالمية إليها.
وأدّت هذه الشحنات الطبّية إلى مكالمة هاتفية نادرة بين وزير الخارجيّة الإماراتي عبد الله بن زايد بن سلطان آل نهيان ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، في 15 مارس / آذار الماضي.
بدأت الإمارات في التواصل مع إيران العام الماضي في أعقاب الهجمات التي شنّتها إيران، على ما يبدو على ناقلات نفط قبالة سواحل الإمارات، فأرسلت الإمارات وفداً من خفر السواحل إلى طهران لمناقشة الأمن البحري.
وفي أكتوبر الماضي، أثناء الإفراج عن 700 مليون دولار من الأصول الإيرانية التي حظرتها الإمارات، عارضت هذه الخطوة الجهود الأمريكية للضغط على الاقتصاد الإيراني بفرض عقوبات صارمة، لكن إدارة ترامب ظلّت صامتة.
الإجراءات التي تتخذها الإمارات هي للحدّ من التوترات.
ويزعم المسؤولون أنّه طالما أنّ إيران تدعم جماعات مثل حزب الله في لبنان، والميليشيات الموالية لإيران في العراق، والمتمردين الحوثيين في اليمن، فلن يتمّ إحراز تقدّم حقيقي في العلاقات الإيرانية الإماراتية.
أوضح ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد ذلك في اتصال هاتفي مع الرئيس السوري بشار الأسد، الذي سعى لخلق النزاع بين سوريا وإيران وتعقيد التّدخل العسكري التركي في سوريا وليبيا، ويسلط دعم الإمارات لسوريا وللقوات المتمرّدة الليبية بقيادة حفتر، الضوء على سلوك الإمارات المتناقض في تصوير نفسها على أنّها لاعب نشط في الشؤون الإنسانيّة.
السعودية تواصل السعي لزيادة عداءها لإيران
قد يكون للإمارات والسعودية أهداف مشتركة في إقامة علاقات ودّية مع سوريا ومساعدة إيران، لكنّهما يسعيان لتحقيق هذه الأهداف بطرق مختلفة، اعتماداً على مقدار المخاطرة التي يمكن أن يتخذوها.
ونتيجة لذلك، حافظت السعودية، على عكس الإمارات، على سياسة صارمة تجاه إيران، متخلّية عن فرص التواصل - على سبيل المثال - من خلال تقديم المساعدة الطبية لإيران.
وبدلاً من ذلك، عزّزت السعودية خلافاتها من خلال اتهام إيران بأنّها "تتحمّل مسؤولية مباشرة" عن نشر الفيروس.
كما اتهمت وسائل الإعلام الإيرانية الحلفاء الإيرانيين، بما في ذلك قطر وتركيا، بسوء إدارة الأزمة عمداً بالإضافة إلى ذلك، منعت السعودية، بدعم من امتناع أمريكا تخفيض العقوبات على إيران، حركة عدم الانحياز من إدانة السياسة الصارمة لإدارة ترامب خلال تفشّي فيروس كورونا، وقد يكون رفض السعودية لاتباع سياسة الإمارات أكثر تكلفة مما يبدو.
فيما أضعف فيروس كورونا، إلى جانب انهيار الاقتصاد العالمي وانهيار سوق النفط، قدرة السعودية على التلاعب بأسعار النفط وخفض قوّتها المالية، وإلى حدّ ما، تساوت مكانتها مع إيران.
كما لا ننسى ضعف مزاعم السعودية القائمة حول قيادتها العالم الإسلامي بصفتها الوصيّ على مكة والمدينة، أقدس المدن الإسلامية، بسبب مساعيها لمكافحة تفشّي فيروس كورونا.
ومن أجل معرفة تاريخ المرّة الماضية التي تمّ فيها تعليق العمرة، وهي من الزيارات الفرعيّة في الإسلام، وإلغاء مراسيم الحج الذي يعتبر من الطقوس الرئيسة للإسلام وأحد أركان هذا الدين الخمسة؛ وإغلاق المساجد لمنع صلاة الجماعة، يجب العودة إلى سنوات عديدة في التاريخ.
ما يزيد الأمر سوءاً هو أن السعودية، من خلال شنّ حرب نفطيّة ضدّ روسيا، عرّضت للخطر علاقاتها الوثيقة مع أمريكا، حيث أدّت هذه الحرب إلى انهيار أسواق النفط، وانخفاض حادّ في أسعار النفط وإضعاف كبير لصناعة النفط الصخري الأمريكي.
مساعي الدول الخليجية لاحتواء الصراع في الشرق الأوسط
على الرغم من حقيقة أن السعودية كانت أكثر انسجاماً مع السياسات الأمريكيّة من الإمارات، إلّا أنّها كانت أكثر انتقاداً من قبل أمريكا.
وفي الواقع، تمكّنت الإمارات من مواصلة جهودها حتى يومنا هذا دون جذب الانتباه.
يعدّ هذا إنجازاً مهمّاً نظراً لدعم الإمارات للسعودية في حرب أسعار النفط ضدّ روسيا وإعلانها أنّها ستزيد أيضاً من إنتاجها النفطي.
ومع ذلك، تمّ إيقاف الاستراتيجية بموافقة أعضاء أوبك والمنتجين من خارج أوبك، بما في ذلك روسيا ومجموعة العشرين، كأكبر اقتصادات في العالم للحدّ بشكل كبير من الإنتاج.
وفي نهاية المقال، يقول المؤلف مستنتجاً: "وبالمثل، فإنّ مساعدة الإمارات لسوريا وإيران تتعارض مع السياسة الأمريكية، وينبع هذا التعارض السياسي من جهود الدول الخليجية لضمان عدم السيطرة على الصراعات المتجذّرة في المنطقة، حيث يجب عليها محاربة وباء فيروس كورونا والتّغلب على عواقبها الاقتصادية".
ومن المؤّكد أنّ هذا الأمر يشير إلى رسالتهم المهمة إلى دونالد ترامب في خضم تصاعد التوترات مع إيران، وكما قال ناشط سعودي بارز: "يجب ألّا تسمح للظروف بالخروج عن السيطرة، أنت تعيش على بعد آلاف الأميال من هذه المنطقة، ونحن من ندفع الثمن، وليس أنت، أنت لن تتسرّع في الدّفاع عنّا."