الوقت- اتبع ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" خلال السنوات الماضية سياسة القمع والضغط على النشطاء السياسيين والمعارضين في المملكة العربية السعودية ولقد شهدنا مؤخرًا اعتقال أشخاص في هذا البلد ليس لديهم أنشطة ومطالبات سياسية فحسب، بل تم القبض عليهم لاعتبارهم تهديدًا لولي العهد السعودي والاشتباه بهم فقط. وفي هذا السياق، يحاول بعض الأمراء السعوديين الاستعانة بوسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعية بهدف زيادة الضغط الدولي على الملك "سلمان" وولي العهد، الأمر الذي أجبر الملك "سلمان" على اجراء بعض التغييرات الداخلية، والتي قد تقود إلى تغيير ولي العهد.
الاعتقال والترحيل والقتل؛ استراتيجية بن سلمان لتحقيق المملكة
لا يزال والعهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" يثير القلق في العالم وليس فقط في البلاد والمنطقة العربية، بسبب سياسته التي توصف بالمتهورة لدرجة تجاوز كل الخطوط الحمراء المتعارف عليها وذلك باسم الانفتاح والتحرر والترفيه. فقد تمكن هذا الأمير من فرض سياسته وتحقيق تغيرات وتحولات في المجتمع في وقت يحقق أرقاما قياسية في الاعتقالات التعسفية لأمراء ووزراء وشخصيات سياسية ودينية ونخب وكفاءات ولنشطاء في المجال الحقوقي والاجتماعي، حتى صار اسم السعودية في سجل الانتهاكات وجعلها محل الانتقاد الدائم من قبل المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية. ما يحدث في السعودية يجعل حتى الدول الداعمة تشعر بالقلق وعدم استقرار الوضع الذي سيولد الانفجار.
وعلى صعيد متصل، ذكرت العديد من التقارير الاخبارية، أن الإجراءات الصارمة التي اتخذها "بن سلمان" ضد شقيق والده الأصغر "أحمد بن عبدالعزيز" وابن عمه "محمد بن نايف" وأمراء آخرين، بمن فيهم "سعود بن نايف" وابنه "عبدالعزيز"، تنتهك كل مبدأ اتبعه "آل سعود" لمساعدتهم على الحكم والنجاة من الاضطرابات الإقليمية لما يقرب من قرن. واتهم "بن سلمان" فعليًا أقاربه بالخيانة بناءً على الادعاء غير المثبت بأنهم كانوا يخططون لانقلاب لإسقاطه، ويبدو أن الأسرة الحاكمة تتفكك بشكل خطير. وفي الماضي، استخدم "بن سلمان" ما يسمى بحملة مكافحة الفساد لتبرير اعتقال كبار العائلة المالكة، أما في حملة الاعتقالات الحالية، فقد روج لمزاعم بشأن انقلاب محتمل. وهنا تجدر الاشارة إلى أن الجمهور السعودي والدولي رفضوا هذه التهمة باعتبارها زائفة وغير قابلة للتصديق، فيمكنه بسهولة التذرع بتهديد جائحة فيروس "كورونا" لتبرير استمرار عزل العائلة المالكة. وتشير الاعتقالات والتوترات المتصاعدة داخل الأسرة الحاكمة إلى انهيار ركيزة ثنائية أساسية من ركائز الاستقرار السعودي، تقوم على "الإجماع"، و"البيعة"، حيث يختار مجلس الأسرة الملك بالإجماع على الرغم من بعض التذمر بين أفراد العائلة المالكة المعارضين بشكل معتدل، وبمجرد اختيار الملك، تعلن العائلة بأكملها الولاء له.
تشكيل مجلس تنسيقي لإزاحة "بن سلمان"
كشف الناشط السعودي "عبد الرحمن السهيمي" عن تشكيل مجلس تنسيقي للمعارضة السعودية يضم ثلاثة أمراء من العائلة الحاكمة، يهدف إلى إزاحة الأمير "محمد بن سلمان" عن ولاية العهد، داعيا في الوقت ذاته الملك سلمان إلى الانتباه مما قال إنه مخطط من بعض مسؤولي المملكة لاستهداف دولة قطر. وقال "السهيمي" في تسجيل بث على موقع "يوتيوب"، إن المجلس تنسيقي للمعارضة السعودية ويضم 18 عضوا منهم ثلاثة أمراء، مشددا على أن هذا المجلس لا يدعو إلى اعتصامات ولا إلى عصيان مدني ولا إلى حمل السلاح، وإنما سيقتصر عمله على مراسلات لدول العالم والهيئات الرسمية والدولية.
وأضاف أنه تمت مخاطبة البرلمانات الإسلامية والدول الخليجية، وكذلك أعضاء في الكونغرس الأمريكي، بالإضافة إلى أعضاء في البرلمان الأوروبي. وأوضح أنهم يتجهون إلى دعم الأمير "أحمد بن عبد العزيز آل سعود" في ولاية العهد، على أسس تكون فيها السعودية دولة مؤسسات ومملكة دستورية، وأن يكون فيها برلمان منتخب. وأضاف الناشط السعودي "نطالب الملك سلمان بإزاحة ولده من كل المناصب بما فيها ولاية العهد، وأن يكلف بها الأمير أحمد بن عبد العزيز"، وأكد على وجود 17 دولة إسلامية "مؤيدة لتوجهنا، ولكن ننتظر أن تكون البداية من الملك سلمان".
وكشف "السهيمي" عن مخطط من بعض مسؤولي المملكة لاستهداف دولة قطر بتفجيرات قبل مونديال كأس العالم بأشهر عدة لسحب تنظيمه من الدوحة. ونقل عما اعتبره "أحد وكلاء النظام السعودي" قوله إن كأس العالم لن يقام في قطر عام 2022، ولما سأله عن السبب أجاب بأن "إفشال الأمر لن يكلف أكثر من عدد من السيارات المفخخة في الدولة الصغيرة قطر". وفي قضية مقتل الصحفي "جمال خاشقجي"، قال الناشط السعودي إنه يملك اسم المتعاون الذي تعامل مع جثة "خاشقجي" وسيسلم الاسم للأمم المتحدة، مشيرا إلى أن هذا الشخص لم يذكر قط في ملفات القضية في تركيا ولا في السعودية. وأضاف "السهيمي" أن مؤسسة القضاء والمؤسسات الدينية في المملكة أصبحت مسيسة وفي خدمة ولي العهد محمد بن سلمان، وضرب قضية "خاشقجي" مثلا، وقال إنه "إذا كان الملك سلمان يريد توريث الحكم لابنه فنحن لسنا عبيدا عنده، فهذه دولة وليست لعبة".
وقال "نشعر أن البلد أصبح في وضع خطير حيث عادت الدولة لتنافس المواطن في رزقه وقوت عياله، وذلك نتيجة لخوضها حروبا لا طائل منها في اليمن حيث تستنزف المليارات وفي دعم الأكراد ضد تركيا، ودعم المجموعات المسلحة في كل من العراق وسوريا". وشدد الناشط على أن ولي العهد السعودي دمر المملكة وعلاقاتها بباقي الدول، كما اعتقل العلماء والحرائر والعشرات من الفلسطينيين وكل معارضيه حتى من أبناء عمومته، وقام بتصفية بعض العلماء والمعارضين أيضا.
كما أشار "السهيمي" إلى ما تقوم به أجهزة الإعلام السعودية والذباب الإلكتروني في التعدي على بعض الشعوب العربية وتشويهها، مؤكدا على وعي الشعب السعودي بكل ما يدور حوله. وفيما يتعلق بالمقدسات الإسلامية، أشار الناشط السعودي إلى أن مكة والمدينة لا تخصان فقط 30 مليون سعودي، وإنما هما شأن عام للأمة الإسلامية جمعاء، لافتا إلى أن إعلام المملكة أصبح لا يعترف بالقدس قضية إسلامية. وقال إن وجود القاتل "محمد بن سلمان" وصياً على هذه المقدسات ليس مرفوضا فقط من السعوديين، بل أيضا من جميع المسلمين في العالم. وبشأن أنظمة الدفاع الأميركية "باتريوت" الموجودة في المملكة، أشار "السهيمي" إلى أن 70% من منصاتها كانت من أجل حماية قصور محمد بن سلمان، والباقي فقط لحماية المملكة ومنشآتها الوطنية.
تصاعد الضغط على الرياض للإفراج عن الأمراء
مع انتشار موجة الاعتقالات في المملكة العربية السعودية، أفادت بعض المصادر الإخبارية أن الولايات المتحدة وأوروبا تضغطان في الوقت نفسه من أجل إطلاق سراح الأمير "أحمد بن عبد العزيز" والأمير "أحمد" ، 37 سنة، الذي ليس لديه انتماء سياسي، ظل في منصبه منذ ما يقرب من عامين. وبحسب بعض التقارير، أثناء زيارة وفد برلماني إلى الرياض من أوروبا في فبراير/شباط الماضي ، طُلب من المسؤولين السعوديين الإفراج عن الأمراء المحتجزين، بمن فيهم "أحمد بن عبد العزيز".
وفي هذا الصدد، يمكن القول أن هناك رأيان حول سبب الضغط الغربي على الرياض للإفراج عن الأمراء السعوديين، حيث يعتقد البعض أن الغرب يشعر بخيبة أمل من "بن سلمان" ويعتقدون أيضا أن الغربيين يحاولون التنسيق مع المعارضة السعودية للإطاحة به، بينما يرى رأي ثان أن هذه الضغوط تهدف إلى إرضاء الأمراء والمواطنين السعوديين من أجل تعزيز قوة "بن سلمان" داخل المملكة.