الوقت- تظهر العنصرية المنهجية في الولايات المتحدة الأمريكية في كل مرة في فترات زمنية قصيرة ، لكن مدى احتجاجات ذوي البشرة السوداء الأخيرة في الولايات المتحدة تظهر الجروح العفنة التي ألحقها صعود ترامب للرئاسة بالنسيج الاجتماعي للشعب الأمريكي والأقلية التي يشكلها ذوي البشرة السوداء ، وفي كل مرة يقوم ترامب بخطابات غير معقولة ضد السود ، يزيد من نار الاحتجاجات ، ومن ناحية أخرى ، يعلن أن الحل الوحيد لانهاء الاحتجاجات هو القمع واسع النطاق للمتظاهرين ، وقد أدى هذا إلى انتقاد موقف ترامب من قبل النقاد ووصفه على أنه إلقاء الذات في دوامة الأزمة ، لكن هل يمكن النظر إلى موقف ترامب من الأزمة ومفاقمته للشرخ الاجتماعي على أنها وسيلة لبقائه في السلطة؟
قرارات ترامب وفريقه الاستشاري غير المدروسة
يحظر قانون الحقوق المدنية ، الصادر في عام 1964 في الولايات المتحدة ، أي تمييز على أساس "العرق أو اللون أو الدين أو الأصل القومي" ، حيث ان مشروع القانون هذا هو نتاج الحركات الاجتماعية والعصيان المدني الذي قام به ذوي البشرة السوداء بين عام 1955 حتى عام إقرار القانون المذكور ، وبغض النظر عن القانون ، ظل ترامب ومستشارو حملته يتبعون سياستهم الداخلية منذ عام 2016 لدعم القومية المتطرفة وكسب أصوات البيض الذين يعارضون دخول السود أو العرقيات الأخرى في السياسة أو هجرة الأقليات الأخرى إلى الولايات المتحدة الامريكية.
في الواقع ، رد الجمهوريون سياسيًا على تصويت ذوي البشرة السوداء لأوباما بنسبة 93 في المائة لضمان وصول ترامب إلى البيت الأبيض ، ويشكل ذوي البشرة السوداء حوال 40 مليون شخص في أمريكا ، أي حوالي 13 بالمائة من تعداد السكان الكلي ، وعند تحقيق نسبة إقبال منخفضة أو متوسطة من السود على التصويت ، فإنهم يشكلون 12 في المائة من الأصوات المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية ، وفي هذا الصدد ، يعتبر بعض مستشاري ترامب ، مثل جاريد كوشنر ، أن ترامب ليس بحاجة الى نسبة تصويت هذه المجموعة ، حيث طالب بقمع هذه الفئة في الاضطرابات الأخيرة ، ووفقًا لـ CNN ، يشجع بعض كبار مستشاري ترامب ، مثل "براک رولینز و کوشنر" ، ترامب على التعامل بعنف مع أعمال الشغب ، وبحسب ما قاله محاميه السابق ، كان قد نعت ذوي البشرة السوداء في السابق بالغباء.
وبالتزامن مع بدء الاحتجاجات التي عمت الشوارع الأمريكية أظهر ترامب قلقه حول الانتخابات في نبرته الخطابية ، ومن أجل إرضاء ذوي البشرة البيضاء المتطرفين الداعمين له ، واصف ذوي البشرة السوداء "بالمشاغبين" و "لصوص الممتلكات العامة" ، حيث كانت هذه الكلمات كافية لخلق موجة قوية من الاحتجاجات والقمع في نفس الوقت ، وتم حظر السفر في العديد من المدن الامريكية بما في ذلك لوس أنجلوس وفيلادلفيا وأتلانتا وكليفلاند وسياتل ودنفر.
ومن المثير للاهتمام ، أن ترامب بالرغم من انه شاهد ردات الفعل على خطابه وبدلاً من الاعتذار وتهدئة الوضع ، فانه يواصل الضغط من أجل القمع بسياسته المزدوجة وكتب في رسالته الأخيرة على تويتر: "أهنأ الحرس الوطني لما فعله الليلة الماضية فور وصوله إلى مينيابوليس ، فقد تم قمع المشاغبين اليساريين في الحركة المناهضة للفاشية (أنتيفا) وغيرهم بسرعة ، حيث كان يجب أن يتم ذلك من قبل رئيس البلدية في الليلة الأولى حتى لا تكون هناك مشاكل" ، كما قام بتهديد حركة أنتيفا ، والذي يعتبرها إحدى الجماعات الإرهابية.
ومع ذلك ، فإن الحرس الوطني يعتبر من أحد فروع الجيش الأمريكي والذي لا يتلقى أوامره من البيت الأبيض مباشرة ، حيث يجب أن يتلقى أوامر من المحافظين ومسؤولي الدولة أولاً ، وعلى هذا النحو ، لا يرى الحكام الديمقراطيون ضرورة الامتثال لتفويضات ترامب الانتخابية والحزبية ، وقد أدى ذلك إلى تفاقم المناخ ثنائي الأقطاب في الولايات المتحدة الامريكية ، والتي تناقلته العديد من وسائل الإعلام المستقلة والحرة على حد سواء.
وكتب السيناتور الديمقراطي الأمريكي "كريس ميرفي" على موقع تويتر حول هذا الخصوص: "كان لدى الرئيس الأمريكي الفرصة لمحاولة استعادة الهدوء إلى البلاد ، لكنه فعل العكس تماما ، ولسوء الحظ ، كما كان متوقعًا ، فقد اختار صب الزيت على النار."
توتر الفضاء ثنائي القطب
بالإضافة إلى الديمقراطيين ، انتقد بعض السياسيين الجمهوريين بشدة الجو ثنائي القطب الذي خلقه ترامب ، وانتقد حاكم ولاية ماريلاند "لاري هوجان" ترامب قائلاً: "ان تصريحاته تفاقم التوترات التوترات وتتعارض تمامًا مع ما هو متوقع من البيت الأبيض" ، كما أظهر السناتور الجمهوري "تيم سكوت" وعمدة واشنطن "موريل باوزر" وجهات نظر مماثلة لهوجان.
وعلى الرغم من أن العديد من كبار المسؤولين الأمريكيين ، مثل نانسي بيلوسي ، يرون أن سلوك ترامب هذا غير مسبوق بين الرؤساء الأمريكيين ، إلا أن خطاب ترامب العنصري يستمر في إظهار أنه ومستشاريه يسعون إلى خلق جو نفسي ضد ذوي البشرة السوداء لإحباط أصواتهم المستقبلية ، وشكر ترامب ، الذي سبق أن فاز في الانتخابات بدعم من هيئة المجمع الانتخابي الأمريكية وبأصوات أقل من هيلاري كلينتون ، هؤلاء السود الذين لم يترددوا في عدم المشاركة في الانتخابات لأنهم لم يشاركوا بفوزه في الانتخابات.
كما أظهرت نتائج استطلاع مشترك أجراه معهد "الطريق الثالث" ومركز الدراسات السياسية والاقتصادية المشتركة قبل بضعة أشهر ، زيادة في دوافع هذه الجماعات للترشح في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 مقارنة بانتخابات عام 2016 للإطاحة بترامب ، حيث لا يمكن لترامب ومستشاريه تجاهل هذا التهديد لأن الأقليات كبدت الجمهوريين خسائر فادحة في انتخابات مجلس النواب ، لذا ، يسعى ترامب إلى جمع التعبئة البيضاء المتطرفة في الانتخابات القادمة من خلال خطابه العنصري والعنيف ضد ذوي البشرة السوداء.
وفي الأيام الستة الماضية ، شرع ترامب في طريق اللاعودة ، حيث انه في هذا الطريق كلما فشل في تحقيق نتائج من السياسات القمعية ، كلما زادت رغبته المجنونة في القمع ، واهتمامه بكوشنر ، الذي يشجع مثل هذا القمع ، هو أكثر من الاعتراف بأن المشكلة الرئيسية تكمن في حلول المستشارين مثل كوشنر ، كما تظهر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أيضًا المزيد من التعاطف مع الأقليات ، الأمر الذي أثار غضب وسخط ترامب ، وما ظهر حتى الآن من نتائج الاضطرابات هو أن توقعات ترامب ومستشاريه وصلت حتى الآن إلى طريق مسدود ، وأن ترامب وقع في مستنقع لن يخرج منه دون عواقب انتخابية.