الوقت- ذكر مركز "جلوبال ريسيرش" في تقرير نشرته قبل عدة أيام، أنه بناءً على نتائج دراسة نشرها معهد السياسة الاقتصادية الامريكي فإن 26.5 مليون عامل تقدموا بطلبات للحصول على إعانات التأمين ضد البطالة خلال الأسابيع الخمسة الماضية ولفتت هذا المركز إلى أن هذا العدد أقل بكثير من العدد الفعلي للأشخاص الذين فقدوا وظائفهم منذ الـ 15 مارس الماضي وحتى الان. وتظهر دراسة أجراها معهد السياسة الاقتصادية الامريكي أنه مقابل كل 10 أشخاص تقدموا بنجاح للحصول على إعانات التأمين ضد البطالة خلال فترة الوباء، حاول ثلاثة أو أربعة آخرين القيام بذلك لكنهم لم يوفقوا في الحصول على مساعدات.
العديد من العمّال لم يتمكنوا من التقدم بطلب للحصول على تأمين ضد البطالة
وفي ذلك التقرير يلخص معهد السياسة الاقتصادية الامريكي أبرز النتائج للاوضاع داخل الولايات المتحدة، ويذكر: "عندما نعمم النتائج التي توصلنا إليها في جميع حالات مطالبات البطالة على مدى خمسة أسابيع بعد الـ15 مارس الماضي، فإن تقديرنا هو أنه لو كانت عملية تقديم الطلبات أسهل، لكان 13.9-9.9 مليون شخص آخر قادرين على طلب إعانات التأمين ضد البطالة." ويواصل المعهد: "تشير هذه النتائج إلى أن معدل طلب إعانات التأمين ضج البطالة الرسمي من المرجح أن يكون أقل بكثير من معدل البطالة خلال فترة تفشي فيروس كورونا في المدن والولايات الامريكية."
ويضيف مركز "جلوبال ريتسريش" أن عدم قدرة الملايين من العمّال في جميع أنحاء البلاد على المطالبة بمزايا تأمين ضد البطالة يتناقض بشكل صارخ مع تخصيص تريليونات الدولارات للشركات والبنوك والأثرياء من الخزانة والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وإن رفض تخصيص مزايا مالية للعاطلين عن العمل مع تخصيص موارد مالية غير محدودة للنخبة الحاكمة يظهر أن الغرض من الإعلان الرسمي الذي يتجاوز قانون "المساعدة الاقتصادية الفورية والمباشرة للعمال والعائلات والشركات الصغيرة الأمريكية" ليس أكثر من كذبة ولقد تمت الموافقة على هذا القانون بالإجماع من قبل الديمقراطيين والجمهوريين.
لقد عرف الديمقراطيون والجمهوريون جيداً أن العديد من العمال لن يكونوا قادرين على الوصول إلى الشبكات القديمة في مراكز الدولة في جميع أنحاء البلاد، وأن هذه الشبكات غير مستعدة لتقديم الخدمات للأشخاص الذين يبحثون عن إعانات التأمين ضد البطالة. لقد اعتمدوا على العديد من حالات التأخير والخلل في هذه الشبكات، لأن العمال تخلوا عن طلباتهم بسبب هذه الحالات، وفي النهاية لم يحصلوا على أي شيء من الموارد المالية التي تقدمها الحكومة وعلى العكس من ذلك، فإن البنوك والشركات والأغنى يحصلون على مبالغ ضخمة من المال دون تأخير.
العدد الحقيقي للعاطلين عن العمل في الولايات المتحدة
وفي جزء أخر، كشف تقرير "جلوبال ريتسريش" عن ارتفاع معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 14.7 في المئة، مع فقدان 20.5 مليون وظيفة في شهر أبريل/نيسان الماضي، حيث ضرب وباء فيروس كورونا الاقتصاد الأمريكي. ويعني هذا الارتفاع أن معدل البطالة أصبح الآن أسوأ مما كان عليه في أي وقت منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي. ومنذ أن بدأ الوباء، عانت الولايات المتحدة من أسوأ أرقام نمو فيها منذ عقد، فضلا عن أسوأ تقرير لمبيعات التجزئة على الإطلاق. فقبل شهرين فقط، كان معدل البطالة 3.5 في المئة، وهو أدنى مستوى له منذ 50 عاما. وحول هذا السياق، قالت الخبيرة الاقتصادية "إيريكا غروشين"، الرئيسة السابقة لمكتب إحصائيات العمل التابع للحكومة: "هذه سابقة تاريخية، فلقد وضعنا اقتصادنا في غيبوبة مستحتثة طبيا، من أجل علاج من الوباء، وقد أدى ذلك إلى فقدان الوظائف بشكل كبير لم يحدث من قبل".
وبحسب هذا التقرير، دفع هذا الانهيار غير المسبوق معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 14.7% - بما يتجاوز بكثير الذروة التي بلغها في أواخر عام 2009 خلال الأزمة المالية العالمية – مقارنة بـ4.4% في مارس/ آذار. وفي هذا السياق، كشف تقرير وزارة العمل إن الانخفاض في الوظائف غير الزراعية كان الأكبر على الإطلاق منذ عام 1939، في حين أن معدل البطالة سجل أعلى مستوى وأكبر زيادة شهرية منذ عام 1948. وانخفضت العمالة بشكل حاد في جميع قطاعات الصناعة الرئيسية، مع خسائر فادحة في الوظائف في الأعمال المرتبطة بالعطلات والضيافة، حيث كان هذا أول قطاع يتحمل وطأة تأثير عمليات الإغلاق. ومع ذلك، لاحظت وزارة العمل أن بعض العمال قد تم تصنيفهم بشكل خاطئ في التقرير على أنهم يعملون عندما كان ينبغي اعتبارهم مُسرحين. لو تم إدراجهم بشكل صحيح، لكان معدل البطالة أعلى بنحو خمس نقاط مئوية. وسجلت الولايات المتحدة نحو 30 مليون طلب للحصول على إعانات البطالة منذ بداية انتشار الفيروس المسبب لمرض "كوفيد- 19" ما يعكس الضغوط على سوق العمل في مواجهة الجائحة والتداعيات الاقتصادية الناتجة عنها. وسجلت أمريكا حتى الآن، قرابة 1.3 مليون إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد، إلى جانب 77 ألف حالة وفاة، فيما تماثل 217 ألفًا للشفاء من المرض.
وعلى صعيد متصل، ذكر هذا التقرير أن العديد الامريكية تواصل الإبلاغ عن "زلات" و "تأخيرات" في عملية معالجة طلبات التأمين ضد البطالة المسجلة دون جدوى ومن بين هذه الولايات التي أبلغت عن تأخيرات في معالجة الطلبات ما يلي:
كاليفورنيا: أظهر تقرير "لوس أنجلوس تايمز" الذي صدر يوم الاثنين الماضي، أن هذه الولاية الامريكية تقدمت خلال الفترة الماضية بطلب للحصول على إعانات التأمين ضد البطالة، وقالت تلك الصحيفة: "شهدت هذه الولاية لتي لها تاريخ طويل من مشاكل التكنولوجيا، الشهر الماضي فشل ذريع ومن بين 3.2 مليون طلب جديد تم تسجيله في الشهر الماضي، حصل 76 بالمائة من المتقدمين على إعانات تأمين ضد البطالة. وهذا يعني أن 768000 متقدم لم يتلقوا بعد أي شيكات بطالة".
فلوريدا: أصدرت فلوريدا تقريرًا على الإنترنت يُظهر أنه تم تقديم 1.9 مليون طلب للحصول على "تأمين ضد البطالة" منذ 15 مارس الماضي. ونظراً بأن الدولة طلبت من المتقدمين الذين تقدموا بطلبات قبل 5 أبريل للقيام بذلك مرة أخرى، فقد تسبب هذا الامر في حدوث ارتباك خاصتاً وأنه في بعض الحالات تم تقديم العديد من الطلبات من قبل مقدم طلب واحد. ولقد أبلغت فلوريدا بعد ذلك عن 824412 طلبًا تمت الموافقة عليه بشكل فريد، حصل 392051 منها فقط (47.6٪) على إعانات تأمين ضد البطالة.
تعمد الطبقة الحاكمة الأمريكية إلى حجب المساعدة المالية عن الطبقة العاملة والفقيرة
كشف هذا التقرير إلى أنه وسط عدم الكفاءة والاضطراب وسوء الإدارة البيروقراطية لبرامج التأمين ضد البطالة في الولايات المتحدة، تظهر سياسة واضحة داخل البيت الامريكي وتتمثل هذه السياسة في تعّمد الطبقة الحاكمة من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى حجب التمويل عن الطبقة العاملة والفقيرة التي تعانين الكثير بسبب الأثار الاقتصادية السيئة التي خلقها فيروس "كورونا"، والغريب في الامر أن تلك الطبقة الحاكمة والبيروقراطية الامريكية قدمت خلال الفترة الماضية تريليونات الدولارات من الموارد المالية غير المحدودة للشركات المالية الكبيرة.
ولفت هذا التقرير إلى أنه يجري اتباع سياسة مدروسة داخل أروقة الحكومة الامريكية للاستفادة واستغلال البطالة وزيادة معدلات الفقر والنزوح والمجاعة، تتمثل في إجبار بعض العمال على العودة إلى العمل في ظروف غير آمنة وتهدف أيضا إلى إعادة هيكلة العلاقات الاقتصادية والطبقية بشكل دائم بين جميع العمال، بحيث يتم إلغاء المزايا مثل التوظيف الدائم والمكافآت والرعاية الصحية والمعاشات والخدمات الاجتماعية مثل التعليم.
في نهاية التقرير، كشف هذا المعهد أنه أصبح من الواضح بشكل متزايد أن الانهيار المالي لعام 2008 كان نتيجة لهجوم اجتماعي وسياسي على الطبقة العاملة والفقيرة، والذي لا يزال يحدث حتى اليوم. وفي الوقت نفسه، يدرك الملايين من العمال حول العالم الطبيعة الحقيقية للنظام الرأسمالي، الذي يعطي الأولوية للرغبة الجامحة للطبقة المتميزة في زيادة ثروتهم على حساب أي شيء، بما في ذلك حياة البشر. وأكد ذلك التقرير أنه من الضروري أن تنخرط الطبقة العاملة في صراع متكامل لإنهاء النظام الرأسمالي.